
في خطوة جريئة نحو مستقبل الإنجاب، يعمل علماء صينيون على تطوير أول روبوت حمل في العالم، قادر على احتضان جنين لمدة تسعة أشهر ومحاكاة عملية الولادة الطبيعية، وفقًا لتقرير نشرته “ديلي ميل”، إنه مشروع طموح يثير الكثير من الجدل والترقب في الأوساط العلمية والمجتمعية، فهل نحن على أعتاب ثورة في عالم الإنجاب، أم أن هذه التقنية تحمل في طياتها تحديات أخلاقية واجتماعية كبيرة؟
الرحم الصناعي الروبوتي: كيف يعمل؟
يعتمد هذا الروبوت المبتكر على رحم صناعي بديل، مصمم خصيصًا لتوفير بيئة مثالية لنمو الجنين، يستقبل الرحم الصناعي الغذاء عبر أنبوب مخصص، يحاكي آلية عمل المشيمة والرحم البشري، مما يضمن حصول الجنين على العناصر الغذائية الضرورية لنموه وتطوره، إنه نظام معقد يجمع بين التكنولوجيا الحيوية والروبوتات، بهدف تحقيق حلم الإنجاب خارج جسم الأم
جاهزية التقنية والمراحل التجريبية
يرى الدكتور تشانغ تشيفنغ، مؤسس شركة “كايوا تكنولوجي” المطورة لهذا الروبوت، أن التقنية وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج، تجعلها مهيأة للدخول في المراحل التجريبية الأولية، الخطوة التالية هي بناء الروبوت وزرع الرحم الصناعي فيه، ثم استقبال الجنين البشري، إنها بداية رحلة طويلة تتطلب الكثير من البحث والتطوير، ولكنها تحمل في طياتها إمكانات هائلة
تحديات قانونية وأخلاقية
أشار تشيفنغ إلى أن شركته تجري محادثات مكثفة مع السلطات في مقاطعة قوانغدونغ الصينية، بهدف طرح هذه التقنية وإيجاد آليات قانونية لتطويع السياسات والتشريعات بما يتناسب معها، هذا يشير إلى أن الشركة تدرك التحديات القانونية والأخلاقية التي قد تواجهها، وتسعى جاهدة لإيجاد حلول مبتكرة، إنها قضية معقدة تتطلب حوارًا مجتمعيًا واسعًا، ومشاركة جميع الأطراف المعنية
انتقادات مجتمعية واسعة
أثار إعلان تشيفنغ عن تطوير هذه التقنية ردود فعل متباينة، حيث انتقدها البعض بشدة عبر منصات التواصل الاجتماعي الصينية، ويرى المعارضون أن هذه التقنية غير أخلاقية وتتعارض مع الطبيعة البشرية، كما يعتقد البعض أن حرمان الجنين من الاتصال برحم الأم الطبيعية أمر قاسٍ وغير إنساني، لأن الجنين يحتاج إلى الاتصال العاطفي مع الأم عبر الحبل السري، إنها مخاوف مشروعة يجب أخذها على محمل الجد
مؤيدون يرون فيها حلاً للمخاطر
على الجانب الآخر، يرى المؤيدون لهذه التقنية أنها تمثل حلاً واعدًا لحماية الأمهات من المخاطر المرتبطة بالحمل والولادة، ويضيفون أن هذه التقنية يمكن أن تساهم في إثراء المجتمع بشكل كبير، إنها فرصة لتقليل الوفيات والإصابات المرتبطة بالحمل، وتحسين صحة الأمهات والأطفال، إنها رؤية متفائلة تسعى إلى الاستفادة من التكنولوجيا لتحقيق الخير
محاولات سابقة لإنشاء رحم صناعي
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الشركات تطوير واستخدام تقنية الرحم الصناعي لتعويض الرحم الطبيعي، فقد سبق ذلك تجارب مماثلة على الحيوانات، حيث طور العلماء حقيبة بلاستيكية قادرة على تزويد الجنين بالغذاء اللازم، كما سعت مجموعة من العلماء في جامعة آيندهوفن عام 2019 إلى تطوير مفهوم تصوري لرحم صناعي يشبه حقيبة بلاستيكية مغلقة، متصلة برحم طبيعي محفوظ في بيئة ملائمة، إنها جهود متواصلة تسعى إلى تحقيق حلم الإنجاب الصناعي
الرحم الصناعي في السينما الغربية
لم يغب هذا المفهوم المستقبلي عن الأفلام والسينما الغربية، ففي فيلم “ذا بود جينيريشن” الذي صدر عام 2023، تم تناول فكرة تطوير شركة تقنية كبرى لتقنية تتيح للزوجين مشاركة الحمل، عبر وضعه في كبسولة خارجية يمكن تبادلها بينهما، هذا يعكس اهتمامًا متزايدًا بفكرة الإنجاب الصناعي، وتأثيرها المحتمل على المجتمع، إنها رؤية مستقبلية قد تصبح واقعًا في يوم ما
هل يحل الروبوت أزمة الخصوبة في الصين؟
يشير التقرير إلى أن نجاح هذه التقنية يمكن أن يساهم في حل أزمة معدلات الخصوبة المتدنية التي تعاني منها الصين حاليًا، حيث ارتفعت معدلات العقم في الصين لتصل إلى 18% عام 2020، بعد أن كانت 11,9% عام 2007، هذا يجعل هذه التقنية خيارًا جذابًا للحكومة الصينية، التي تسعى جاهدة لزيادة معدلات المواليد، إنها فرصة لمواجهة التحديات الديموغرافية، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام