
ودعت ساحة المصارعة الحرة الأسطورة هالك هوجان عن عمر يناهز 71 عامًا بعد صراع مع أزمة قلبية ألمت به في منزله، وذلك بعد فترة وجيزة من دخوله المستشفى لتلقي العلاج، حسب ما أفادت به صحيفة “ذا صن”، وبهذا تنتهي حقبة من الإنجازات والذكريات التي لا تُنسى.
أفادت “ذا صن” بالعثور على جثمان تيري جين بوليا، المعروف باسم هالك هوجان، في مسكنه الكائن في كليرواتر بولاية فلوريدا صباح يوم الخميس، مما صدم الأوساط الرياضية ومحبي المصارعة في كل مكان، حيث خلف وراءه إرثًا عظيمًا.
استجاب المسعفون لنداء استغاثة وارد من منزل هوجان بخصوص حالة “سكتة قلبية”، وذكرت التقارير تواجد سيارات الإسعاف ودوريات الشرطة أمام منزله صباح يوم الخميس، مما أثار تكهنات واسعة حول ملابسات الوفاة، ويعد هذا اليوم من الأيام الحزينة في تاريخ المصارعة الحرة.
مسيرة حافلة بالإنجازات
يعتبر المصارع الأمريكي هولك هوجان من أبرز الشخصيات في تاريخ المصارعة الحرة الاستعراضية، حيث حقق شهرة واسعة وثروة طائلة، واستغل هوجان بنيته الجسمانية القوية وطوله الذي يقارب المترين ليحترف المصارعة الحرة عام 1978 في سن الخامسة والعشرين، وبعد عامين انضم إلى اتحاد المصارعة العالمية الترفيهية “دبليو دبليو إي” (WWE) ليتربع على عرش الشهرة الرياضية في غضون سنوات قليلة، مما جعله رمزًا للرياضة ومصدر إلهام للكثيرين.

لتوضيح مدى شعبيته، قام جمهور المصارعة الحرة بتأسيس مجموعات “ألتراس” مخصصة لتشجيعه، وأطلقوا على أنفسهم اسم “مجانين هولك” (Hulkamaniacs)، ما يعكس مدى تأثيره وشعبيته الجارفة في أوساط محبي هذه الرياضة، حيث كان يمثل لهم قدوة ومثالًا يحتذى به.
سطع نجمه بشكل خاص في عام 1983 عندما تغلب على أندري العملاق الذي كان يزن حوالي ربع طن، هذا الانتصار زاد من شعبيته بشكل كبير بعدما رفع منافسه العملاق في الهواء وألقاه على أرض الحلبة بطريقة مذهلة، مما أدى إلى اهتزاز القاعة بهتافات الجماهير، حيث كان هذا الفوز علامة فارقة في مسيرته المهنية.
شارك هوجان في العديد من الأفلام السينمائية، وحصل على أدوار البطولة في بعضها، مما زاد من شهرته وجلب له المزيد من الأموال الطائلة، ووصلت ثروته إلى حوالي 30 مليون دولار، ليصبح أغنى مصارع في جيله، حيث استطاع أن يحقق نجاحًا كبيرًا في كل من الرياضة والترفيه.
الغرور والفضائح
يبدو أن الشهرة والأموال الطائلة أثرت على هوجان، حيث صرح بأنه “أقوى رجل ولا يخشى حتى الوحوش المفترسة”، وتورط في سلسلة من الفضائح التي أثرت سلبًا على صورته وحولته من محبوب الجماهير إلى شخص غير مرغوب فيه، مما أثر على مسيرته المهنية والشخصية.
بدأت الفضائح تلاحق هوجان في بداية التسعينيات عندما تم الكشف عن تعاطيه للمنشطات، على الرغم من أن المصارعة تعتبر لعبة استعراضية، وباعترافه الشخصي، فإن جميع النزالات كانت تمثيلًا يتم الاتفاق عليه مسبقًا، ويتم تحديد الفائز بموجب عقد رسمي يحدد نصيب كل مصارع من الأموال، وهذا أثار جدلاً واسعًا حول نزاهة اللعبة.
لم يكتف بتعاطي المنشطات، بل كان يتاجر بها أيضًا ببيعها للمصارعين، مما أدى إلى انكشاف أمره عن طريق أحدهم، وهذا زاد من سوء صورته أمام الجمهور، حيث اعتبروا ذلك خيانة للأمانة الرياضية، مما أثر على مسيرته المهنية.
نظرًا لكونه أحد “نجوم الشباك” الذين يجذبون الجماهير، قرر الاتحاد الدولي للمصارعة الاستعراضية “دبليو سي دبليو” (WCW) إعادته إلى المنافسات في عام 1996، بهدف استعادة نجوميته وكسب الأموال مرة أخرى، وهذا القرار أثار جدلاً واسعًا بين محبي المصارعة، حيث انقسموا بين مؤيد ومعارض لعودته.
ظل هوجان يسعى جاهدًا لكي ينسى الجمهور قضيته المتعلقة بالمنشطات، حتى تورط في فضيحة أكبر عندما طلقت زوجته منه بعد اكتشاف خيانته لها مع العديد من النساء، بمن فيهن صديقاتها المقربات، مما زاد من تدهور صورته أمام الجمهور ووسائل الإعلام، حيث أصبحت حياته الشخصية محط أنظار الجميع.
الفضيحة التي أفقدته الشعبية
بدلاً من التعلم من أخطائه، تورط هوجان في فضيحة مدوية جديدة بالصوت والصورة عندما انتشر مقطع مصور غير أخلاقي له مع زوجة أحد أصدقائه المقربين، واعتبر الجمهور الأمريكي هذا الفعل خيانة لا تغتفر لصديقه، مما أدى إلى تدمير صورته تمامًا وتحويله إلى شخص مكروه بعد أن كان محبوبًا، وهذا أثر بشكل كبير على مسيرته المهنية والشخصية.
يبدو أن سقوطه المدوي وخسارته لشعبيته دفعاه إلى محاولة الخروج من هذه الفضيحة بأكبر قدر ممكن من المكاسب المادية، فرفع دعوى قضائية في عام 2016 ضد موقع “جوكر” (Gawker) الذي نشر الفيديو المخل، مدعيًا أنه انتهك خصوصيته بشكل صارخ، حيث سعى إلى استعادة بعض من مكانته المفقودة من خلال القضاء.
بالفعل، حقق هوجان مبتغاه وحكمت له المحكمة بتعويض ضخم قدره 115 مليون دولار، ولكن تم تخفيضه إلى 30 مليون دولار بسبب عدم قدرة الموقع على سداد المبلغ بالكامل، وهذا أثار جدلاً واسعًا حول حرية التعبير وحدود الخصوصية، حيث انقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض للحكم.
على الرغم من حصوله على المال الوفير الذي عوضه عن تكاليف طلاقه الباهظة، إلا أنه فقد احترام الجميع، حيث اعتبروا أن خيانته لصديقه المقرب جريمة أخلاقية، حتى وإن لم يعاقب عليها القانون الأمريكي، مما أثر بشكل كبير على صورته ومكانته في المجتمع، حيث أصبح مثالًا سيئًا للكثيرين.
لم يكد هوجان يستمتع بالتعويض الكبير، حتى انهالت عليه الخسائر بفسخ الشركات لعقود الرعاية معه واحدًا تلو الآخر، خوفًا من تلطيخ سمعتها، ومراعاة لمشاعر الجماهير التي أصبحت تكرهه وتعتبره مثالًا سيئًا ليس للرياضيين فحسب، بل للإنسان بشكل عام، وهذا أدى إلى تدهور وضعه المالي والاجتماعي، حيث فقد الكثير من الفرص والشراكات.