
يشهد سعر الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، وسط ترقب وتحليل دقيقين من قبل المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية الأمريكية المستقبلية، وذلك قبيل الخطاب المرتقب لرئيس الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مما يزيد من أهمية هذا الحدث في تحديد مسار المعدن النفيس، ويوجه البوصلة الاستثمارية، لذا يجب على المستثمرين الانتباه لما سيقوله باول، لأنه سيحدد مسار الذهب في الفترة المقبلة، وهذا يتطلب دراسة متأنية وتحليل عميق لما سيطرحه من رؤى وتوجهات، للاستعداد الأمثل للتغيرات المحتملة في السوق.
خطاب باول يثير التوقعات بخفض الفائدة
من المقرر أن يلقي باول كلمته السنوية في جاكسون هول، بولاية وايومنغ، يوم الجمعة القادم، حيث تظهر توقعات قوية في أسواق العقود الآجلة بأن الفيدرالي الأمريكي سيتجه نحو تخفيض تكاليف الاقتراض بنحو ربع نقطة مئوية خلال الشهر المقبل، وهو ما يعتبر دعمًا لأسعار الذهب، نظرًا لكونه أصلًا لا يدر عائدًا، وبالتالي يزداد جاذبية في بيئة الفائدة المنخفضة، مما يعزز مكانته كأداة استثمارية مفضلة في ظل هذه الظروف، ويحفز المستثمرين على زيادة حيازاتهم منه.
التضخم يعقد حسابات الفيدرالي
على الرغم من ذلك، فإن مسار التيسير النقدي يواجه تحديات جمة، بسبب بيانات التضخم التي صدرت الأسبوع الماضي والتي جاءت أعلى من التوقعات، مما دفع بعض المتعاملين إلى إعادة تقييم رهاناتهم على خفض الفائدة، وتقليل حجم المراكز التي كانوا يعتقدون أنها ستستفيد من هذا التخفيض، وفي ظل الضغوط المتزايدة من الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، لإقرار تخفيضات كبيرة، أعرب باول عن قلقه بشأن التضخم، خاصة مع وصول الرسوم الجمركية إلى مستويات غير مسبوقة منذ قرن، مما يزيد من حالة عدم اليقين في السوق.
الأوضاع الجيوسياسية تلقي بظلالها
تراقب الأسواق عن كثب أيضًا الجهود المبذولة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا لعقد اجتماع تاريخي بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، حيث إن أي مؤشرات على وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا قد يقلل الطلب على الذهب كملاذ آمن، على الرغم من أن التوصل إلى اتفاق سلام شامل لا يزال أمرًا بعيد المنال، مما يجعل المستثمرين في حالة ترقب دائم للتطورات السياسية، وتأثيرها المحتمل على أسعار الذهب، وتقلبات السوق.
صعود الذهب يعكس جاذبيته كملاذ آمن
شهد سعر الذهب ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام، حيث تجاوزت مكاسبه 25%، مدفوعًا بمخاوف الحرب التجارية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، مما عزز مكانته كأصل استثماري آمن، وجذب إليه المستثمرين الباحثين عن ملاذ يحفظ قيمة أموالهم في أوقات الأزمات، بالإضافة إلى ذلك، قدمت مشتريات البنوك المركزية والتدفقات النقدية إلى الصناديق المتداولة دعمًا إضافيًا لأسعار المعدن النفيس، ورغم تداوله في نطاق ضيق نسبيًا منذ بلوغه ذروته في أبريل الماضي عند حوالي 3500 دولار، إلا أن بنوكًا كبرى مثل “يو بي إس” و”سيتي غروب” تتوقع مزيدًا من الارتفاع في الأسعار، مما يشير إلى استمرار الثقة في الذهب كمخزن للقيمة.
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.8%، ليصل إلى 3344.12 دولار للأونصة بحلول الساعة 12:40 ظهرًا بتوقيت نيويورك، في حين تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.1%، كما سجلت الفضة والبلاتين والبلاديوم مكاسب مماثلة، مما يعكس حالة من التفاؤل في سوق المعادن النفيسة، وزيادة الإقبال على الاستثمار فيها.
أما على صعيد المعادن الأساسية، فقد ارتفع النحاس بنسبة 0.4%، ليصل إلى 9728 دولارًا للطن في بورصة لندن للمعادن، كما صعد الألمنيوم والزنك بشكل طفيف، مما يشير إلى تحسن طفيف في الطلب على هذه المعادن، وسط توقعات بانتعاش اقتصادي عالمي، وزيادة في المشروعات الصناعية والبنية التحتية.