
أنا بتاع الجمعية، عبارة انتشرت مؤخراً بعد تداول فيديو يظهر فيه صبي يقود “توك توك” مهدداً سائق سيارة بمفك، مدعياً انتماءه إلى “الجمعية”، وقد أحسنت وزارة الداخلية بالقبض عليه وتقديمه للعدالة، ولكن هل هذا الصبي هو مجرد عينة معزولة أم أنه يمثل انحداراً في القيم والأخلاق، وهل انتهت القصة عند هذا الحد، بالطبع لا
### سلوكيات العنف والسيطرة
لقد تغلغلت مظاهر العنف والبلطجة في نسيج مجتمعنا، وأصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، فترى القيادة المتهورة والمخالفة لقواعد المرور، والوقوف في الأماكن الممنوعة، والاستيلاء على الأرصفة والطرق والجسور، فضلاً عن التعدي على حقوق الآخرين، وتجاوز آداب الجوار، والتنمر، واستخدام الصوت العالي والكلمات البذيئة، والوقاحة حتى عند ارتكاب الأخطاء، وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، والغش في الامتحانات وترويع المراقبين، وتراجع الأمانة في المعاملات، والاستغلال والجشع
المشكلة لا تقتصر على السلوكيات الفردية، بل تمتد لتشمل الإدارة أيضاً، فالقرارات التي تتخذ بشكل تعسفي دون مراعاة مصالح المتضررين تولد شعوراً بالظلم والكراهية والرغبة في الانتقام، والمسؤول الذي يستمر في الظلم ثم يعتذر ويطلب الصفح عند تركه منصبه أو مرضه، لن يحصد إلا الدعاء عليه، فالمظلوم لا ينسى إساءة الظالم مهما طال الزمن، أما من يتم تعيينه في منصب لمجرد شعارات زائفة رفعها، فإنه سيستخدم الكرسي لتحقيق مكاسبه الشخصية، وليس لخدمة الصالح العام
وهنا يطرح السؤال نفسه، هل المجتمع والإدارة أصبحا جزءاً من “الجمعية” التي تحدث عنها الصبي، فوجود ما يسمى بـ “السايس” هو دليل قاطع على تراجع سلطة القانون وتغليب المصالح المادية، فبدلاً من منع هذه الظاهرة، تم تقنينها مقابل رسوم، وهذا مجرد مثال بسيط
### العنف والصوت المرتفع والإكراه
العنف والتهديد والترهيب أصبحوا للأسف عنوان المرحلة، فالإدارة هي القدوة والمثال الذي يحتذى به المجتمع، وعندما تتلاشى قيم العدالة وسيادة القانون، تنتشر سلوكيات العنف لتحقيق المكاسب المشروعة وغير المشروعة، ويصبح الضعيف عرضة للقهر والظلم والاستسلام والانسحاب، فهل تقوم وسائل الإعلام بنقل معاناة الناس وهمومهم، هذا ما تحاول أن تفعله وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن مع قدر كبير من المبالغة
شعار “أنت مش عارف أنا مين” تحول إلى “أنا بتاع الجمعية”، وهذا يعني تفويضاً بالبلطجة والعنف للجميع، وهو وضع ينطوي على مخاطر جمة
اللهم نكتب هذا لوجهك الكريم، مع علمنا بأن الصمت يجلب الراحة والجوائز
ا، د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة جامعة عين شمس