لماذا ننزعج من سماع أصواتنا المسجلة وكيف نتغلب على ذلك؟

لماذا ننزعج من سماع أصواتنا المسجلة وكيف نتغلب على ذلك؟



مصدر الصورة

تستمع إلى رسالة صوتية مسجلة بصوتك عبر تطبيق “واتسآب”، تضغط على زر التشغيل فتفاجأ: “هل هذا صوتي فعلا”، أليس هذا مألوفًا

الكثير منا يشعر بالغرابة تجاه صوته عند سماعه في التسجيلات، فالصوت الذي يتردد في التسجيل يبدو مختلفًا، ولكن ما السبب وراء هذه الظاهرة

عندما نتكلم، يصلنا صوتنا عبر طريقين مختلفين، الأول هو الهواء، وهو نفسه الذي يسمعه الآخرون، أما الثاني فهو مسار خاص بنا، عبارة عن اهتزازات تنتقل مباشرة من عظام الجمجمة إلى الأذن الداخلية، هذه الاهتزازات تمنح الصوت عمقًا إضافيًا، مما يجعله يبدو أكثر قوة في تصورنا الذاتي

توضح أخصائية تقويم النطق، صوفي كلزي، في حديثها لبي بي سي عربي: “أثناء الحديث، نستقبل صوتًا داخليًا غنيًا بالنغمات المنخفضة، والسبب هو مرور الاهتزازات عبر عظام الجمجمة والجيوب الأنفية، بينما يلتقط الميكروفون فقط الصوت الذي ينتقل عبر الهواء، وهذا يجعل التسجيل يبدو أكثر حدة وأقل امتلاءً مقارنة بالصوت الذي نعهده لأنفسنا”

لكن الأمر لا يتعلق فقط بتركيبتنا الجسدية، فالجانب النفسي يلعب دورًا هامًا أيضًا، بحسب الأخصائية النفسية ديالا عيتاني: “العديد من الأشخاص يطمحون إلى الكمال ويقارنون أصواتهم بأصوات المحترفين، وقد تترسخ فكرة سلبية قديمة بأن صوتهم غير جميل، وهذا يحول التركيز من مضمون الرسالة إلى النبرة وكيف ستبدو، وقد يتجنب البعض الرسائل الصوتية أو يعيدون التسجيل مرارًا لتجنب هذا الشعور المزعج”

المثير للاهتمام أن هذا النفور من الصوت يتكون لدينا على مستوى شخصي، في حين أن المستمعين قد لا يلاحظون هذا الاختلاف، تعقب عيتاني: “عادة ما يركز المستمع على المحتوى، الكثيرون يبالغون في انتقاد أنفسهم ويركزون على الجوانب السلبية، معتقدين أن الجميع يلاحظ ما يزعجهم في أصواتهم، في حين أن الآخرين قد لا يعيرون الأمر نفس القدر من الأهمية”

أقرأ كمان:  قمة ترامب بوتين تفاصيل اللحظات الحاسمة والتغيرات غير المتوقعة

العادات التي تغيّر أصواتنا



مصدر الصورة

تشير أخصائية تقويم النطق صوفي كلزي في حديث لبي بي سي عربي إلى أن معظم الناس يشعرون بعدم الارتياح لأصواتهم عند سماعها مسجلة، مما يدفع البعض إلى محاولة تغيير النبرة أو طريقة استخدام الصوت، كالانتقال من طبقة صوتية رفيعة إلى أخرى أكثر عمقًا، وتوضح أن “التدريب يمكن أن يساعد في تحسين استخدام الصوت، لكنه لا يخلق صوتًا جديدًا بالكامل”

توضح كلزي أن هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة الصوت، منها:

  • التدخين الذي يسبب زيادة في سمك الأحبال الصوتية وإبطاء حركتها، مما يؤدي إلى ظهور ما يعرف بـ “صوت المدخن”
  • المعلمون الذين يرفعون أصواتهم لساعات طويلة، مما يؤدي إلى إجهاد الأحبال الصوتية واحتمالية فقدان الصوت بشكل مؤقت
  • مع التقدم في العمر، تقل مرونة الأحبال الصوتية وقد تتصلب إذا لم تستخدم بشكل كاف
  • حتى المشاكل البسيطة مثل ارتجاع المريء يمكن أن تسبب التهابات تؤثر في جودة الصوت

لذلك، تنصح كلزي باتباع نمط حياة صحي وشامل، يشمل:

  • ترك فترة كافية بين العشاء والنوم
  • تجنب شرب الماء البارد جدًا
  • تدفئة الرقبة في فصل الشتاء
  • تجنب الصراخ المفاجئ

وتؤكد: “ببساطة، يجب أن نعتني بأصواتنا كما نعتني بصحتنا”

من جهة أخرى، ترى الأخصائية النفسية ديالا عيتاني أن وسائل التواصل الاجتماعي قد فاقمت هذه المشكلة، فالمقارنة المستمرة بأصوات المشاهير والمحتوى المثالي، بالإضافة إلى سهولة تعديل الأصوات باستخدام التقنيات الحديثة، تجعل الكثيرين أقل تقبلاً لأصواتهم الطبيعية، وهذا يشبه استخدام فلاتر الصور التي تجعل البعض غير قادرين على تقبل ملامحهم بدونها

تقترح عيتاني أن الحل يكمن في تذكير أنفسنا بأن الأصوات تختلف بين الناس، وأنه من الضروري تجنب تضخيم الجوانب السلبية في أصواتنا

أقرأ كمان:  عادة خاطئة في حر الصيف وعادة أخرى تزيد حرارة جسمك.. تجنبها الآن

هل هناك طرق لتحسين الصوت



مصدر الصورة

يؤكد مدرب الصوت طوني البايع على تزايد الوعي بأهمية الصوت كجزء من الحضور الشخصي والمهني، وأهمية تطوير طريقة النطق والنبرة، ويشير إلى أن “لكل شخص أكثر من صوت اعتمادًا على مصدر الرنين، سواء كان من الرأس، البطن، الحنجرة، الصدر، أو الأنف، التدريب يساعد على استخدام هذه الأصوات بوعي، بالإضافة إلى إتقان التنفس وتحسين النطق والتنغيم لتجنب الرتابة في الحديث”

ويضيف أن اتباع نمط حياة صحي له تأثير مباشر على جودة الصوت، وينصح بالتالي:

  • الامتناع عن التدخين
  • الاهتمام بالتغذية السليمة وممارسة الرياضة
  • الحفاظ على ترطيب الحنجرة بشكل دائم

كما يقترح خطوات عملية أخرى:

  • إجراء تمارين إحماء قصيرة قبل التحدث لفترات طويلة
  • أخذ فترات راحة منتظمة
  • توفير بيئة تسجيل هادئة والحفاظ على مسافة ثابتة بين الفم والميكروفون

صوتنا في التسجيل قد يبدو مختلفًا، لكنه ليس عدوًا يجب أن نهرب منه، مع قليل من التسامح الذاتي، يمكن أن يصبح الصوت أداة قوية للتعبير عن الذات وإيصال أفكارنا بثقة