تحت رعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور رفيع المستوى للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمستشار محمود فوزي، شهدت مصر احتفالية كبرى بحضور السادة الوزراء: المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن، والسيد أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال.
في مستهل الاحتفالية بالمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنكوساي – الدورة الخامسة والعشرون)، ألقى المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، كلمةً ثمّن فيها الجهود المخلصة التي يبذلها الجهاز المركزي للمحاسبات، بقيادة المستشار الجليل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والرئيس الجديد لمنظمة الإنتوساي، مشيدًا بالتنظيم المشرف والجهد الكبير في استضافة هذا المحفل الدولي على أرض مصر للمرة الثانية في تاريخها، بعد مرور ثلاثة عقود على استضافتها للمؤتمر الخامس عشر، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي الراسخة في قدرة الدولة المصرية على قيادة الحوار العالمي حول قضايا الرقابة ومكافحة الفساد.
أكد المستشار محمود فوزي أن مكافحة الفساد لم تعد قضية وطنية فحسب، بل أصبحت تحديًا عالميًا يستلزم تنسيقًا وثيقًا بين الدول، وتعاونًا بناءً بين المؤسسات، وتكاملًا شاملاً بين السلطات، وأشار إلى أن الدولة المصرية، تحت القيادة السياسية الحكيمة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حرصت على ترسيخ النهج التشاركي في صياغة التشريعات والسياسات العامة، إيمانًا منها بأن قوة الدولة الحديثة تكمن في قدرتها على تحويل النصوص القانونية إلى أدوات فاعلة للحوكمة الرشيدة، والشفافية المطلقة، والمساءلة الكاملة.
كما أوضح المستشار محمود فوزي الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي في تنسيق المواقف التشريعية وتيسير الحوار المؤسسي بين السلطتين، دعمًا للشراكة البناءة في خدمة الصالح العام، وشدد على أن الإرادة السياسية القوية هي الشرط الأساسي لنجاح أي منظومة وطنية لمكافحة الفساد، وهو ما تجسده الدولة المصرية بوضوح من خلال عدة محاور رئيسية تشمل: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتحديث التشريعات ذات الصلة، ودعم استقلال الأجهزة الرقابية وتمكينها من أداء دورها بكفاءة وفقًا لأفضل الممارسات العالمية.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد الوزير:
دولة رئيس مجلس الوزراء، المستشار الجليل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس منظمة الانتوساي، السيدات والسادة، أصحاب المعالي والسعادة، رؤساء وممثلي الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة من مختلف دول العالم، الحضور الكريم،
يسعدني أن أشارككم هذا الحدث الدولي الرفيع الذي تستضيفه جمهورية مصر العربية بمدينة شرم الشيخ، أرض السلام والتاريخ، التي احتضنت مؤخرًا مؤتمر شرم الشيخ للسلام، وها هي اليوم تُضيف إلى سجلها الناصع لقاءً عالميًا جديدًا، يجسد إرادة التعاون والتفاهم بين الدول، في مواجهة تحديات تتجاوز الحدود الوطنية إلى الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والرقابية المشتركة، إن انعقاد هذا الحدث الدولي يأتي في لحظة تتقاطع فيها التحولات الاقتصادية العالمية مع تطور أدوات الحوكمة والرقابة، لتؤكد أن النزاهة والشفافية والمساءلة لم تعد مجرد قيم أخلاقية، بل أصبحت ركيزة أساسية لاستدامة التنمية، وضمان فاعلية مؤسسات الدولة، وتحقيق الثقة العامة.
وأثمن الجهود المخلصة للجهاز المركزي للمحاسبات، برئاسة معالي المستشار الجليل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس منظمة الإنتوساي الجديد، على هذا التنظيم المشرف والجهد الكبير في استضافة هذا المحفل الدولي للمرة الثانية في تاريخ مصر، بعد ثلاثة عقود من استضافته للمؤتمر الخامس عشر، بما يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرة الدولة المصرية على إدارة الحوار العالمي حول قضايا الرقابة ومكافحة الفساد.
السيدات والسادة، إن الحديث عن التجربة المصرية في الرقابة المالية لا يمكن أن يكتمل دون التوقف أمام عراقة الجهاز المركزي للمحاسبات، ذلك الصرح الوطني العريق الذي يُعد الأقدم بين نظرائه في المنطقة العربية والقارة الأفريقية؛ إذ نشأت فكرته مع دستور عام 1923 حين اتفقت إرادة البرلمان والحكومة على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تتولى الرقابة على المال العام وتقدم تقاريرها للسلطات المختصة.
وعلى الصعيد الدولي، فقد كان للجهاز دورٌ ريادي في تأسيس المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي)، والمنظمتين العربية والأفريقية (العربوساي والأفروساي)، وأسهم بفاعلية في أعمالها، كما تولى مهام الرقابة الخارجية لعدد من المنظمات الدولية، من بينها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وهو ما يُجسد الثقة الدولية في الكفاءة المؤسسية للجهاز ومكانته المهنية المرموقة.
السادة الحضور، إن مكافحة الفساد ليست قضية وطنية فحسب، بل هي قضية عالمية تتطلب تنسيقًا بين الدول، وتعاونًا بين المؤسسات، وتكاملًا بين السلطات؛ ومن هذا المنطلق، فإن النجاح في هذا الملف يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية:
تعزيز الشراكة التشريعية والتنفيذية
إن بناء منظومة قوية وفعالة لمكافحة الفساد لا يقوم على جهدٍ منفرد، بل على تكامل الأدوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى شراكة مؤسسية بينهما، تستند إلى التكامل لا التداخل، في إطار من الاحترام المتبادل لصلاحيات كل سلطة ودورها في خدمة الصالح العام.
لقد حرصت الدولة المصرية، في ظل القيادة السياسية الواعية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إرساء هذا النهج التشاركي في إعداد التشريعات والسياسات العامة، إيمانًا بأن قوة الدولة الحديثة تُقاس بقدرتها على تحويل النصوص القانونية إلى أدوات فاعلة للحوكمة، والشفافية، والمساءلة.
وفي هذا السياق، تضطلع وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بدور محوري في تنسيق المواقف التشريعية وتيسير الحوار المؤسسي بين السلطتين، دعمًا للشراكة في خدمة الصالح العام، ومن ثمّ، فإن هذه الشراكة ليست مجرد إجراء مؤسسي، بل هي فلسفة حكم وإدارة، تقوم على يقينٍ راسخ بأن سيادة القانون والشفافية هما الطريق الأمثل لبناء مؤسسات أكثر قوة وثقة وفاعلية، قادرة على حماية المال العام وترسيخ الثقة بين الدولة والمجتمع.
تنسيق وطني متكامل للجهود
إن مكافحة الفساد ليست مجرد التزام قانوني أو استحقاق دولي، بل هي مهمة وطنية شاملة تتطلب تنسيقًا دقيقًا بين جميع مكونات الدولة وأجهزتها، على اختلاف أدوارها ومسئولياتها، لتحقيق أعلى درجات الاتساق والفاعلية في منظومة المكافحة.
وقد تم تعزيز هذا النهج عبر اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، ووحدة مكافحة وتمويل الإرهاب، وبالتعاون الوثيق مع الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والنيابة العامة والبنك المركزي، بما يضمن وحدة الرؤية وتبادل المعلومات وسد الثغرات المؤسسية.
ويمتد هذا التنسيق إلى الساحة الدولية من خلال شراكات فعّالة مع الأجهزة الرقابية حول العالم، لأن الفساد – بطبيعته – لا يعرف حدودًا، وأن مكافحته تتطلب تعاونًا عابرًا للحدود.
الإرادة السياسية والدعم المجتمعي
إن الإرادة السياسية هي الشرط الحاسم لنجاح أي منظومة وطنية لمكافحة الفساد، وقد جسّدتها الدولة المصرية بوضوح من خلال عدد من المحاور أهمها: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتحديث التشريعات ذات الصلة، ودعم استقلال الأجهزة الرقابية وتمكينها من أداء دورها بكفاءة وفق أفضل الممارسات العالمية.
ومن هذا المنطلق، أولت القيادة السياسية في مصر، بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا الملف أهمية قصوى، بجانب الاهتمام بنشر ثقافة النزاهة في التعليم، والإعلام، والمجتمع المدني، إدراكًا منها بأن مكافحة الفساد تبدأ من الوعي العام لا من القوانين وحدها.
إن وجود إرادة سياسية حقيقية مدعومة ببرلمان فاعل ومجتمع واعٍ، يشكّل الأساس المتين لأي منظومة وطنية ناجحة لمكافحة الفساد، ويحول دون عودة الممارسات غير الرشيدة التي تُهدد ثقة المواطنين في مؤسساتهم.
السيدات والسادة، إن هذا الملتقى الدولي في مدينة السلام لا يُجسّد فقط التزام العالم بمكافحة الفساد، بل يعبر عن إيمانٍ مشترك بأن الشفافية والنزاهة هما أساس السلام والتنمية المستدامة.
وإيمانًا بأن المساءلة ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لبناء مؤسسات أكثر قوة وثقة وفاعلية، فإن الدولة المصرية تضع في صميم أولوياتها تطوير الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يرسخ قيم النزاهة والشفافية، ويُمكّن الأجهزة الرقابية من أداء دورها بكفاءة، في ظل إرادة سياسية واضحة تضع مكافحة الفساد وتعزيز الثقة العامة في مقدمة أولوياتها الوطنية.
واختتم المستشار محمود فوزي كلمته بالتعبير عن شكره وتقديره للجهاز المركزي للمحاسبات، والمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وجميع الوفود المشاركة، متمنيًا لهم التوفيق والنجاح في مداولاتهم، ومؤكدًا على ترحيب مصر بالجميع، ومختتمًا كلمته بالسلام والتحية.
### تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد
تؤكد مصر على أهمية تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول في مجال مكافحة الفساد، من خلال المشاركة الفعالة في المنظمات الدولية والإقليمية المعنية، وتفعيل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتعتبر مصر أن مكافحة الفساد مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي بأسره، وأن تحقيق التنمية المستدامة والازدهار يتوقف على القضاء على الفساد بجميع أشكاله.
