الأفراد الروس يعززون احتياطاتهم من الذهب لتصل إلى مستويات تعادل احتياطي إسبانيا

Published On 29/10/2025

|

آخر تحديث: 21:00 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

في ظل انعكاس واضح للعقوبات الغربية التي قللت من خيارات الادخار التقليدية، كشف تقرير حديث لوكالة بلومبيرغ أن الروس بدأوا يتجهون نحو الذهب كوسيلة رئيسية لحفظ الثروة، حيث شهدت البلاد موجة شراء غير مسبوقة من المعدن النفيس منذ عام 2022، وذلك بمستويات تقارب احتياطي دول مثل إسبانيا أو النمسا.

قفزة في الطلب رغم ارتفاع الأسعار

بحسب تقديرات شركة “إل بانيان تري ريسيرتش” الموجودة في هونغ كونغ، من المتوقع أن تصل مشتريات الأفراد الروس من الذهب على شكل سبائك وعملات ومجوهرات إلى 62.2 طنًا خلال عام 2025، أي ما يعادل حوالي مليوني أونصة تروي.
أونصة التروي (Troy) تشير إلى نظام قياس خاص يستخدم تقليديًا لقياس المعادن الثمينة، حيث إن الأونصة التروية تساوي 31.1035 غراماً، بينما الأونصة العادية المستخدمة في الأوزان اليومية في أمريكا تساوي 28.3495 غرامًا فقط، وهذا يعني أن الأونصة التروية أثقل قليلا من الأونصة العادية بنسبة 9.7%.
ومن المتوقع أن تصل إجمالي مشترياتهم منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022 إلى نحو 282 طنًا، مما يدل على تحول حاد في أنماط الادخار داخل المجتمع الروسي.
وعلى الرغم من تباطؤ الشراء مقارنةً بعام 2024، مع تجاوز أسعار الذهب حاجز 4 آلاف دولار للأونصة، لا يزال المعدن الأصفر يُعتبر “الملاذ الأكثر تفضيلاً” حسب التقرير.
وترى بلومبيرغ أن الطلب المتزايد يعكس بحث الروس عن بدائل تحفظ قيمتهم بعد فقدانهم لإمكانية الادخار باليورو أو الدولار بسبب القيود المفروضة على النظام المالي الروسي.

الذهب بديل عن العملة والعقارات

يقول ديمتري كازاكوف، المحلل في شركة “بي سي إس غلوبال ماركتس” في موسكو، إن الأفراد كانوا تاريخيًا يفضلون الاستثمار في العقارات والعملات الأجنبية، ولكن بعد القيود المرتبطة بالعقوبات، أصبحت العملات وسيلة أقل ملاءمة للحفاظ على المدخرات، ومنذ عام 2022 ارتفع الطلب على الذهب.
ووفقًا لبلومبيرغ، فقد أوقفت البنوك الروسية تدريجيًا الودائع باليورو والدولار، بينما أصبحت التحويلات عبر الحدود أكثر صعوبة، ويُحتمل أن بعض الروس قد نقلوا جزءًا من احتياطياتهم الذهبية إلى الخارج كوسيلة لتحريك رأس المال، رغم أنه من الصعب تحديد حجم تلك الكميات.

دعم حكومي للطلب المحلي

روسيا، كونها ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، تُنتج أكثر من 300 طن سنويًا، لكنها فقدت أسواقها الغربية منذ عام 2022 بعد أن حظرت رابطة سوق لندن للذهب التعامل في السبائك الروسية.
ردًا على ذلك، ألغت الحكومة ضريبة القيمة المضافة على شراء الذهب للأفراد لتحفيز الطلب المحلي ومساعدة شركات التعدين المتضررة من العقوبات.
من دون هذا الدعم المحلي، كانت شركات التعدين الروسية ستواجه صعوبات أكبر، خاصة أن البنك المركزي الروسي، الذي كان سابقًا أكبر مشترٍ للذهب في العالم، أوقف شراء المعدن عام 2020، ولم يُحدث سوى تغييرات طفيفة منذ ذلك الحين، إذ استقرت احتياطاته عند نحو 75 مليون أونصة تروي.

دور البنوك وتجارة الذهب الداخلية

كذلك، ساهمت البنوك المحلية في تعزيز المبيعات الداخلية، إذ أظهرت بيانات “إل بانيان تري” أن حيازاتها بلغت 57.6 طنًا في أغسطس/آب 2025.
وتعتمد الشركة في تقديراتها على نماذج اقتصادية وتحليلات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة أسواق السلع.
في محاولة لتقليل الاعتماد على مؤشرات الأسعار الغربية، بدأت روسيا هذا الشهر تداول الذهب فعليًا في بورصة سانت بطرسبورغ، ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى أن حجم التداول لا يزال محدودًا، بينما تراجعت الصادرات الروسية من الذهب بشكل واضح خلال العام.
ورغم أن اندفاع الروس نحو المعدن النفيس يعكس تحول الاقتصاد الروسي إلى ما يشبه “اقتصاد العزلة”، فإنه لا يزال يستخدم رمزًا لحفظ الثروة في ظل انقطاع القنوات التقليدية مع النظام المالي العالمي.
ويرى التقرير أن هذا الاتجاه، رغم كلفته العالية، سيظل “سمة مركزية في المشهد المالي الروسي” ما بقيت العقوبات قائمة.