
خلال الحرب العالمية الثانية، وضعت بريطانيا نصب عينيها القضاء على شبكات التجسس الألمانية التي تسللت عبر الحدود لنقل المعلومات الحساسة أو تنفيذ عمليات تخريبية، ولتحقيق ذلك، لم تتردد في تنفيذ أحكام الإعدام بحق كل من تثبت إدانته بالتجسس,
من بين الجواسيس الذين أعدمتهم بريطانيا عام 1941، كان الجاسوس الألماني جوزيف جاكوبز، الذي أصبح آخر شخص يُعدم داخل أسوار برج لندن، ذلك المكان الذي ارتبط اسمه بالرعب والسجون والإعدامات على مر العصور,
برج لندن
في أعقاب التدخل الألماني في فرنسا وتولي ونستون تشرشل رئاسة الوزراء، أصدر البرلمان البريطاني في 23 مايو 1940 قانون الخيانة الذي سهل ملاحقة وإعدام الجواسيس الألمان، وفي تلك الفترة، استُخدم برج لندن كموقع لتنفيذ أحكام الإعدام,
يُعتبر برج لندن قلعة وقصرًا شامخًا على الضفة الشمالية لنهر التايمز، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1066 خلال الغزو النورماندي لإنجلترا، وفي عام 1078، شيد وليام الفاتح البرج الأبيض، الذي كان رمزًا للقمع والاستبداد,
شهد برج لندن العديد من عمليات الإعدام، وطالت قائمة المعدومين شخصيات بارزة في التاريخ البريطاني مثل آن بولين وكاثرين هوارد وتوماس مور ووليام لود,
في عام 1941، شهد البرج آخر عملية إعدام، حيث نُفذ حكم الإعدام رميًا بالرصاص بحق الجاسوس الألماني جوزيف جاكوبز,
آخر إعدام
وُلد جاكوبز عام 1898 وخدم في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى، وحصل على رتبة ملازم,
بعد الحرب، عمل طبيب أسنان حتى أجبرته الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات على إغلاق عيادته,
لجأ جاكوبز إلى الاحتيال والتزوير لكسب المال، فقام بطباعة هويات وجوازات سفر مزورة لليهود الفارين من ألمانيا، لكن تم القبض عليه وسُجن في معسكر اعتقال عام 1938,
في عام 1940، تم تجنيد جاكوبز للعمل في الاستخبارات العسكرية الألمانية، وفي 31 يناير 1941، أُرسل في مهمة إلى بريطانيا,
قفز جاكوبز بالمظلة بالقرب من منطقة هونتنغدونشاير، وأثناء الهبوط، أصيب بجروح خطيرة في ساقه منعته من الحركة,
أطلق جاكوبز النار من مسدسه، مما لفت انتباه مزارعين محليين، فقاموا بإبلاغ الأمن، وعثر رجال الأمن بحوزة جاكوبز على جهاز اتصال ووثائق مزورة و500 جنيه ونقانق ألمانية,
اقتيد جاكوبز إلى مقر جهاز المخابرات البريطانية للتحقيق معه، ثم مثل أمام المحكمة بتهمة التجسس وصدر بحقه حكم بالإعدام رميًا بالرصاص,
في 15 أغسطس 1941، اقتيد جاكوبز إلى برج لندن، وهناك، أُجبر الجاسوس الألماني الجريح على الجلوس على كرسي معصوب العينين قبل إعدامه رميًا بالرصاص، ليصبح بذلك آخر شخص يُعدم في برج لندن,