الرياضيات بالخبرة اليابانية المناهج التعليمية السعودية تتغير

الرياضيات بالخبرة اليابانية المناهج التعليمية السعودية تتغير

أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عن سلسلة من التعديلات الهامة في المناهج الدراسية، والتي تشمل مواد متنوعة مثل اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية واللغة الأجنبية الأولى والعلوم والرياضيات في بعض الصفوف، مع توفير نسخ محدثة على الموقع الرسمي للوزارة قبل بداية العام الدراسي الجديد، وذلك بهدف تسهيل العملية التعليمية لكل من المعلمين وأولياء الأمور والطلاب، بالإضافة إلى تقديم محتوى عصري يساهم في تطوير كفاءة التعليم.

### كتاب الرياضيات الجديد للصف الأول الابتدائي

يُعتبر إطلاق كتاب الرياضيات للصف الأول الابتدائي من أبرز ملامح هذا التطوير، حيث تم إعداده بالتعاون مع الجانب الياباني، مع التركيز على تطوير المهارات الأساسية وتبسيط المحتوى وفقًا للمنهجية التعليمية اليابانية المعروفة ببناء قاعدة رياضية قوية للتلاميذ، وقد حازت هذه الطريقة على ثقة دولية بفضل فعاليتها في تحسين قدرات الطلاب على مستوى العالم.

### تدريب المعلمين وتطوير المناهج

أكدت الوزارة على الانتهاء من جميع تدريبات مادة اللغة العربية باستخدام تقنية الفيديو كونفرانس من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف السادس الابتدائي، مع استمرار تدريبات الدراسات الاجتماعية بنفس الطريقة، بالإضافة إلى الاستعداد لإطلاق تدريبات اللغة الإنجليزية قريبًا، وأوضح موجهو المواد أنهم يخضعون حاليًا لتدريبات مكثفة على المناهج الجديدة.

تُعقد بعض التدريبات المكثفة على المناهج الجديدة عن بُعد، بينما تُعقد الأخرى بالحضور المباشر، ومن المتوقع أن يبدأ المعلمون فور انتهاء هذه التدريبات (مع نهاية الأسبوع الجاري)، في نقل الخبرات وتدريب زملائهم على طرق التدريس الحديثة، وذلك لضمان استيعاب المناهج المطورة وتطبيقها بكفاءة داخل الفصول.

### آراء متباينة حول التغييرات

أكد بعض معلمي اللغة العربية أن المناهج الجديدة أصبحت أخف على الطلاب، وتتميز بتسلسل منطقي في عرض الموضوعات، مع إضافة موضوعات تربط الطالب بالأسرة والمجتمع، وأوضحوا أن “قصة الاستماع” للصفوف من الأول حتى الخامس الابتدائي أصبحت أقصر، مما يمنح الطلاب فرصة أكبر للتعبير والسرد.

أقرأ كمان:  «مأساة إنسانية».. 115 شهيدًا في غزة أثناء انتظار المساعدات: تفاصيل مجزرة الاحتلال الصادمة

وفي السياق ذاته، صرح متولي حسين (مدرس أول لغة عربية) بأن التغيير جاء واسعًا ومقبولًا من حيث الاهتمام بالكيف وليس الكم، والابتعاد عن الحشو الذي كانت كتب اللغة العربية تعج به في السابق، مما يتيح للمعلم والمتعلم جوًا جديدًا من الفهم والاستمتاع معًا، ومع ذلك، يرى آخرون أن التغيير لم يأتِ على قدر التوقعات المرجوة، فالكتاب المدرسي لم يتغير كثيرًا من حيث الشكل والمضمون، وما زالت موضوعات اللغة العربية بعيدة عن واقع التلميذ وغير مرتبطة بالبيئة المحيطة به.

ويضيف بعض المعلمين أن هناك جانبًا مهمًا يتمثل في خلو مقررات اللغة العربية تمامًا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على مكارم الأخلاق والآداب والسلوكيات الحميدة، ويرون أن غياب هذه النصوص يفقد التلميذ جزءًا هامًا مما كانت تكسبه تلك الآيات والأحاديث.

من ناحية أخرى، أبدى عدد من معلمي اللغة الإنجليزية تحفظهم على قرار وزارة التربية والتعليم بتغيير منهج الصف الثالث الإعدادي بشكل كامل، معتبرين أن هذا التغيير لم يراعِ التسلسل الطبيعي للمناهج.

وأوضح المعلمون أن تطوير منهج اللغة الإنجليزية يجب أن يتم تدريجيًا، بدءًا من الصف الأول الابتدائي، بحيث يدرس الطالب المنهج الجديد عامًا بعد عام حتى الصف الثالث الثانوي، وذلك لضمان ترابط القواعد والمفردات اللغوية بين المراحل، وأكدوا أن تطبيق منهج جديد مباشرة على الصف الثالث الإعدادي، في حين لم يدرس الطالب المناهج السابقة، قد يخل بتسلسل المحتوى ويؤثر سلبًا في التحصيل الدراسي.

### تقييم من أولياء الأمور والخبراء

علّقت منى أبو غالي، ولي أمر وأدمن جروب “حوار مجتمعي تربوي”، على الأمر قائلة: إنه من الأفضل أن تكون مناهج اللغة الإنجليزية قائمة على نظام “الكورسات التأسيسية”، بحيث ينتقل الطالب من مستوى إلى آخر بشكل متدرج منذ التحاقه بالمدرسة وحتى نهاية المرحلة الثانوية أو الفنية، ليتمكن في النهاية من إتمام جميع المستويات المؤهلة للعمل في أي مجال يتطلب إجادة اللغة الإنجليزية.

أقرأ كمان: 

وظائف الأحلام في السعودية: رواتب مجزية تصل إلى 104 آلاف جنيه.. نظرة على أبرز الفرص

أوضح الدكتور عادل النجدي، الخبير التربوي وعميد كلية التربية بجامعة أسيوط سابقًا، أن المناهج السابقة التي جرى إعدادها عبر مؤسسات دولية كانت تحتوي على كم معرفي ضخم يفوق قدرة التلاميذ على الاستيعاب، ولهذا استعانت وزارة التربية والتعليم بخبرات مصرية من أساتذة الجامعات والمتخصصين ورجال الدين، بالإضافة إلى دور نشر محلية، لضمان حقوق الملكية الفكرية الكاملة للدولة وعدم الاعتماد على مؤسسات خارجية.

وأضاف النجدي أن المناهج الجديدة تسعى إلى التركيز على مهارات القرن الحادي والعشرين، مثل البحث والتفكير النقدي وتنمية القيم وتعزيز المواطنة، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في فلسفة التعليم، ولكنه اقترح أن يتم تطبيق هذه المناهج بشكل تجريبي قبل تعميمها على مستوى الجمهورية، إلا أن ضيق الوقت دفع الوزارة إلى اعتمادها مباشرة وتطبيقها على نطاق واسع.

### استجابة للتحديات والمطالب

يرى الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن المناهج المطورة جاءت استجابة لمطالب عدة، أبرزها معالجة أوجه القصور في المناهج السابقة، وتحديث المعلومات لمواكبة الثورة المعرفية، بالإضافة إلى التركيز على تنمية القدرات العقلية العليا كالتحليل والاستنتاج والإبداع.

لكنه حذر في الوقت نفسه من بعض التحديات، وفي مقدمتها الحاجة الماسة لتدريب المعلمين، خاصة من يدرسون لعدة صفوف طورت مناهجها، فضلًا عن سرعة تغيير بعض المناهج التي لم يمض على تطويرها سوى عام واحد فقط مثل منهج اللغة الإنجليزية للصف الأول الإعدادي.

كما أشار إلى ضرورة تحديث المنصات التعليمية وتوفير تدريبات وامتحانات إلكترونية جديدة، محذرًا من احتمال لجوء الطلاب لشراء كتب خارجية جديدة مع تغير المناهج، وهو ما قد يرهق أولياء الأمور ماديًا ويشتت الطلاب.

### التركيز على الهوية الوطنية

أشار الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، إلى ملامح بارزة في خطة التطوير، حيث أوضح أن التركيز ينصب على مواد الهوية الوطنية مثل اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية، مع تطوير شامل لمناهج اللغة العربية من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الإعدادي، بما يتضمن اختيار موضوعات تعالج قضايا مجتمعية معاصرة.

أقرأ كمان:  «حصريًا» خطوات بسيطة للحصول على نتيجة الثانوية العامة عبر "اليوم السابع"

وأكد أن مناهج التربية الدينية يجري تحديثها بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة، في حين تحظى اللغة الأجنبية الأولى (الإنجليزية) باهتمام كبير من خلال خطة تطوير تمتد من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية، وأضاف أن هناك تطويرًا محدودًا لمادتي العلوم والرياضيات، وهو ما قد يعكس سعي الوزارة للتعاون مع دول متقدمة في هذا المجال للاستفادة من خبراتها في تطوير المناهج المصرية.