«تعلم بلا حدود» لماذا لا تصبح متعة التعلم هي الجسر الأقوى بين الطالب والمدرسة بدلاً من التقييم؟

بين التقييم والموهبة.. يقف الطالب حائراً أين يجد نفسه؟

لماذا يكون التقييم الرابط الوحيد والسبب الرئيسي لربط الطالب بالمدرسة؟

أليس من الأفضل أن يكون الرابط هو متعة التعلم؟ فعندما يشعر الطالب بأن المدرسة هي المكان الذي يتفاعل فيه، ويحقق فيه متعة التعلم، ويكتشف نفسه، يصبح حضوره ناتجاً من رغبته وليس إلزاماً. إن التعليم ينطوي على عملية نفسية وليس عقلية فقط، فالتعليم القائم على الفهم يجعل الطالب أكثر ارتباطاً بالمعلم والمحتوى، لأن المعرفة الحقيقية حين تُقدم بشغف وطموح، لا تستوجب تقييمًا لإثبات قيمتها.

إن تثبيت المعلومة في ذهن الطالب لا يتحقق من خلال كثرة الاختبارات فحسب، بل من خلال التكرار الذكي والمراجعة الممتعة والتطبيق العملي داخل الحصة، والتفاعل المثمر مع المعلم، فالتعلم ينبغي أن يكون بناءً تدريجيًا يتيح للطالب التفكير والتحليل، وعندما يشعر بأن المدرسة تقدم له فهماً حقيقياً، يتوجه إليها بشغف لأنه يحقق تقدمه وتطوره يومًا بعد يوم.

كما يجدر التنويه لماذا لا يكون الرابط بين الطالب والمدرسة هو الأنشطة المدرسية المتنوعة التي تبرز مواهبه وتنمي إبداعه؟

فالأنشطة الرياضية والفنية والمسرحية ليست ترفًا، بل وسيلة لتخفيف الضغوط النفسية عن الطلاب، والتي قد تؤدي أحيانًا إلى العنف في المدارس. عندما يجد الطالب مساحة ليعبر عن نفسه من خلال المسرح أو ما يتقنه من رياضة أو موسيقى، يتحول من مجرد متلقٍ للمادة العلمية إلى مشارك فعّال، يرى في المدرسة منزله الثاني الذي يحبّه، لا سجنه الأول.

ثم يجدر أيضاً السؤال لماذا لا يكون الرابط هو اكتشاف الموهوبين لتخريج كوادر متميزة وتعزيز المهارات الفردية؟

فكل طالب يحمل بداخله طاقة خاصة، تحتاج فقط إلى من يكتشفها وينميها، لنخرج جيلًا ملهمًا وواثقًا من نفسه، لدينا هذا الكنز المفقود وهو المراكز الاستكشافية، فلماذا لا يتم تفعيلها كما ينبغي؟ والمكتبات يجب أن تكون نوافذ علمية ومرجعيات حقيقية لتنمية حب القراءة وتقديم المعرفة. إن الاهتمام بالموهوبين لا يخلق جيلًا مبدعًا فحسب، بل جيلًا مثقفًا وواعياً، ورؤيته للتعليم كطريق للنجاة ومعرفة قيمته في تحقيق ذاته، لا مجرد درجات في ورقة.

إن كثرة التقييمات قد أفقدت الطالب والمعلم قيمة التقييم الحقيقية، وأصبح مجرد رقم لا يعكس الجهد الكافي. الحصص أصبحت قصيرة، لا تحتمل هذا الكم من الاختبارات مما يرهق الطالب نفسيًا واجتماعيًا، واستبدال رحلة التعلم الممتعة بمسار ماراثوني مرهق، فالتكرار المنظم للمعلومات بطريقة بسيطة والمراجعة الذكية قادران على ترسيخ المفاهيم بشكل أفضل من أي تقييم.

نحن نُدرك جيداً جهود الوزير ونوايا الوزارة الطيبة، وحرصها على تحسين مستوى الطالب وجودة التعليم، إلا أن نجاح أي منظومة يعتمد على عدة أطراف لا بد من راحة الجميع.

فن التقنين هو النجاه

واختيار الأنسب لراحة الطالب والمعلم والجميع، فالتعليم لا يُقاس بعدد الاختبارات، بل بالنواتج التعلمية وبمدى حب الطالب للتعلم واهتمامه به، فإذا وُجد الشغف في شيء، تحقق برغبة كاملة، وبهذا سيتحقق النجاح دون خوف أو إرهاق غير مبرر من التقييمات.