
أكد باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني والجامعة الوطنية الأسترالية (ANU) أن الصراع الدائر في الشرق الأوسط يخلف آثارًا بالغة على الصحة النفسية ورفاهية الأستراليات اللاتي هاجرن من دول متأثرة بشكل مباشر أو تربطهن صلات عائلية بتلك المنطقة، ما يستدعي اهتمامًا خاصًا بصحة هذه الفئة، وتقديم الدعم اللازم لهن.
دراسة فريدة من نوعها
تُعد هذه الدراسة، المنشورة في مجلة The Lancet Regional Health—Western Pacific، الأولى من نوعها التي تتناول تأثير الصراعات الخارجية على الصحة النفسية للمهاجرين، وتسلط الضوء على أهمية فهم هذه العلاقة المعقدة، وتقديم الدعم المناسب للمتضررين.
أجرى فريق البحث تقييمًا للصحة النفسية لـ 410 امرأة، بمن فيهن نساء من مناطق متضررة بشكل مباشر كغزة والأراضي الفلسطينية الأخرى ولبنان، وذلك قبل اندلاع الصراع الحالي ومباشرة بعده، وقد أظهرت هذه الطريقة الطولية الاختلافات في الصحة العقلية وحالة الأداء قبل وبعد بدء الصراع.
تفاقم أعراض اضطراب الهلع وتدهور جودة الحياة
أوضحت البروفيسورة سوزان ريس، المؤلفة الرئيسية للدراسة من جامعة نيو ساوث ويلز، أن النساء ذوات الصلات الشخصية أو العائلية بالشرق الأوسط واجهن زيادة مقلقة في أعراض اضطراب الهلع وتدهورًا في نوعية الحياة، وذلك مقارنة بالنساء المولودات في أستراليا والنساء من مجموعات المهاجرين الأخرى، مما يؤكد على الحاجة الماسة لتقديم الدعم النفسي لهذه الفئة.
كما أضافت أنهن “أعربن أيضًا عن قلقهن البالغ بشأن عائلاتهن في الخارج والقدرة على العودة إلى الشرق الأوسط في حالات الطوارئ”، ما يزيد من الضغط النفسي عليهن.
تداعيات الصراع على الصحة النفسية
تشير أعراض اضطراب الهلع إلى رد فعل توتري حاد استجابةً للعنف الشديد الذي تعرضت له بعض مجتمعات هؤلاء النساء، وقد تأثر أفراد من أسر العديد منهن بشكل مباشر، حيث قُتلوا أو أصيبوا أو نزحوا، وفي غياب الدعم الكافي للصحة العقلية والاعتراف بضيقهن، يكمن الخطر في أن أعراض اضطراب الهلع وتأثر الأداء قد يؤديان إلى اضطرابات عقلية مزمنة وتأثير أكبر على الأداء اليومي.
صورة مهمة للتغير في الصحة العقلية
أكدت الدكتورة إينو سومي من الجامعة الوطنية الأسترالية أن الدراسة تقدم صورة مهمة للتغير في الصحة العقلية لدى سكان الشتات، وتوضح حجم التحديات التي يواجهونها.
وأضافت أن “هذا يظهر ضرورة الاهتمام العاجل بالأشخاص الذين لديهم صلات بمنطقة الصراع ــ في هذه الحالة الأشخاص من لبنان أو غزة أو فلسطين”، مشيرة إلى أن الصراع لا يزال مستمراً منذ جمع هذه البيانات، مما يعني احتمال حدوث تأثيرات أكثر خطورة على هذا السكان.
الحاجة إلى تدريب ممارسي الصحة العقلية
يرى فريق البحث أن الدراسة تبرز الحاجة إلى تدريب ممارسي الصحة العقلية على فحص وعلاج أعراض الهلع، وكذلك الاضطرابات الشائعة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، مع ضرورة أن يكونوا على دراية بالمجموعات التي تحتاج إلى تحديدها ودعمها، لضمان تقديم الرعاية المناسبة للمتضررين.
وأشار البروفيسور ريس إلى أن “بعض هذه المشاكل يمكن تجنبها من خلال الاعتراف بالعوامل الأساسية المرتبطة بالحرب وانتهاكات حقوق الإنسان ومعالجتها”، مؤكدًا أن التدخل المبكر باستجابات الصحة العقلية المناسبة قد يساعد في تقليل المشكلات طويلة الأمد وتحسين نوعية الحياة للفئات المتضررة.