حذر تقرير حديث من أن الاكتفاء الذاتي في قطاع اللحوم بالمغرب ليس سوى “وهماً إحصائياً”، بالنظر إلى الارتباط الكبير لهذا القطاع باستيراد الأعلاف المركزة والحبوب من الخارج، مما يجعل الإنتاج المحلي رهيناً بالأسواق الدولية وتقلباتها.
الإنتاج المحلي والاعتماد على الاستيراد
أوضح تقرير تحليلي للمعهد المغربي لتحليل السياسات حول “السيادة الغذائية في المغرب”، أنه رغم تحقيق المغرب لمعدلات مرتفعة في إنتاج لحوم الدواجن والأبقار محلياً، إلا أن أكثر من %70 من مكونات الأعلاف المستخدمة في هذه السلاسل تأتي من الخارج، خاصة من أمريكا الجنوبية وأوكرانيا وفرنسا، ما يجعل البلاد تعاني من تبعية هيكلية لأسواق الحبوب العالمية.
التأثير الاقتصادي للأسعار العالمية
وأشار التقرير إلى أن هذا “الاعتماد الصامت” على الأعلاف المستوردة يهدد مفهوم السيادة الغذائية الذي تبناه المغرب في استراتيجيته الزراعية الجديدة “الجيل الأخضر”، مؤكداً أن الاكتفاء الذاتي الحقيقي لا يمكن قياسه فقط بنسبة الإنتاج المحلي من اللحوم أو الحليب، بل أيضاً بقدرة البلد على إنتاج مدخلاته الأساسية دون الحاجة للاستيراد.
هشاشة المنظومة الغذائية
في هذا السياق، اعتبر التقرير أن ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق الدولية خلال السنوات الأخيرة، بسبب النزاعات والأزمات المناخية، انعكس بشكل مباشر على أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء في المغرب، على الرغم من وفرة العرض المحلي، وهو ما يبرز هشاشة المنظومة الغذائية الوطنية أمام الصدمات الخارجية.
ضرورة إعادة النظر في النموذج الفلاحي
ودعا معدو التقرير إلى إعادة النظر في النموذج الفلاحي السائد، والانتقال من منطق “الإنتاج المكثف المعتمد على الاستيراد” إلى منطق “الإنتاج المستدام القائم على الأعلاف المحلية والمراعي الطبيعية”، معتبرين أن السيادة الغذائية تبدأ من التربة، والماء، والبذور، وليس فقط من أرقام الإنتاج.
تشجيع البحث الزراعي
كما أوصى التقرير بدعم البحث الزراعي لتطوير محاصيل علفية محلية، وتشجيع التعاونيات والمربين على اعتماد نظم تغذية بديلة، بدلاً من الارتهان الكامل لاستيراد الذرة والصوجا، اللتين تشكلان العمود الفقري لصناعة الأعلاف الحيوانية في المغرب.
اللحوم المغربية: تحديات الأمن الغذائي
وشدد التقرير على أن “اللحوم مغربية فقط بالاسم”، ما دامت المواشي تُغذى بعلف أجنبي، مما يجعل الأمن الغذائي الوطني مرهونًا بقرارات وأسعار دول أخرى، محذراً من أن استمرار هذا النهج سيضعف تدريجياً قدرة المغرب على تحقيق استقلاله الغذائي المنشود.
