في يوم تاريخي، 26 أغسطس 2025، حققت شركة سبيس إكس قفزة نوعية بنجاح رحلة صاروخها العملاق ستارشيب التجريبية العاشرة، وتمثل هذه الرحلة عودة مظفرة بعد سلسلة من المحاولات السابقة، حيث استطاع الصاروخ، الذي يبلغ ارتفاعه 120 مترًا، تحقيق جميع الأهداف المرسومة بدقة متناهية، وهو ما وصفه مهندسو الشركة بأنه “حجر الزاوية نحو تطوير أول مركبة إطلاق فضائي قابلة لإعادة الاستخدام بالكامل على مستوى العالم”
انطلق الصاروخ معتمدًا على 33 محركًا من طراز “رابتور”، ونجح في عملية الانفصال المرحلي باستخدام تقنية “هوت-ستيج” المتطورة، وفي خطوة غير مسبوقة، حملت المرحلة العليا ثمانية أقمار صناعية تجريبية من نوع “ستارلينك”، لتكون بذلك أول حمولة حقيقية ينقلها “ستارشيب” إلى مداره المحدد، بالإضافة إلى ذلك، أعيد تشغيل أحد محركاته الستة أثناء وجوده في المدار، في اختبار حاسم لقدرات المناورة لديه
اختبارات العودة والهبوط
بعد 45 دقيقة من الإطلاق، بدأ الصاروخ رحلة العودة إلى الغلاف الجوي في مشهد مهيب، حيث انفصلت بعض الأجزاء المتوقعة نتيجة الاحتكاك الشديد والحرارة الهائلة، ومع ذلك، حافظ الصاروخ على تماسكه الهيكلي بما يكفي لإعادة تشغيل محركاته وتنفيذ عملية هبوط دقيقة ومحكمة عبر احتراق نهائي ناجح، لتنتهي الرحلة بهبوط سلس في المحيط الهندي، هذا الإنجاز يمثل قفزة هائلة نحو تحقيق رؤية إيلون ماسك المتمثلة في تطوير صواريخ قابلة للاستخدام المتكرر لمهام استكشاف القمر والمريخ وما وراءهما
نحو المريخ وخطط ناسا المستقبلية
تستعد سبيس إكس الآن لإطلاق نسخ محسنة من الصاروخ، وهما ستارشيب V3 وV4، واللتان ستجهزان بما يصل إلى 42 محركًا من نوع “رابتور”، بهدف تسريع وتيرة خطط الاستيطان البشري على سطح المريخ، كما تضع الشركة خططًا طموحة لتنفيذ أول هبوط غير مأهول على الكوكب الأحمر بحلول عام 2026، وذلك باستخدام مركبة إنزال صغيرة الحجم، بهدف إثبات قدرة النظام على الوصول بنجاح إلى وجهته المرجوة
التعاون مع ناسا وبرنامج أرتميس
في إطار التعاون المثمر مع وكالة ناسا، تم اختيار نسخة معدلة خصيصًا من “ستارشيب” لتكون بمثابة مركبة الهبوط الأساسية ضمن برنامج أرتميس الطموح، حيث سيستخدم رواد الفضاء هذه المركبة للانتقال بسلاسة من مركبة “أوريون” الموجودة في مدار القمر إلى سطحه مباشرة، ويؤكد الخبراء أن نجاح هذا النموذج المبتكر القابل لإعادة الاستخدام سيساهم بشكل كبير في خفض التكاليف الإجمالية وتسريع وتيرة عمليات الإطلاق الفضائي، مما يمهد الطريق أمام ثورة حقيقية في مجال رحلات الفضاء البشرية