“يا ليتني عرفت من تزوجت!”، “لقد تغيرت زوجتي بعد الزواج!”، عبارات تعكس صدمة وخيبة أمل تتكرر في الآونة الأخيرة، حيث يكتشف أحد الطرفين بعد فترة قصيرة أو طويلة أن شريكه ليس الشخص الذي ظن أنه يعرفه، الأمر لا يتعلق فقط باختلاف في الطباع أو القيم التي ظهرت قبل الزواج أو في بدايته، بل يتعدى ذلك إلى اكتشاف أن الشريك قد يكون شخصًا آخر تمامًا، أو أنه انتحل صفات أساسية مثل العمل أو المستوى التعليمي أو الوضع الاجتماعي.
بعد فوات الأوان، يدرك الأهل أنهم تهاونوا في إجراء هام كان أساسيًا في الزيجات التقليدية، ألا وهو “السؤال عن الطرف الآخر” أو “التحري عن العريس أو العروس”، وهو الأمر الذي كانت توليه الأسر المصرية اهتمامًا بالغًا في الماضي، وقد يستغرق أسابيع للتأكد من أن هذا الشاب أو الفتاة يستحقان بناء حياة جديدة.
هذا الواقع دفعنا إلى استطلاع آراء الفتيات حول تجارب التحريات قبل الزواج، وكيف تغيرت في عصر السوشيال ميديا وتطبيقات المواعدة، وهل توقف الأهل عن الاهتمام بهذا الأمر أم لا يزال يشغل حيزًا من تفكيرهم.
### قسم خاص في الشرطة لتحريات الزواج
ترى شيماء طنطاوي أن التحري عن العريس ضروري جدًا، خاصة مع وجود حالات غش في العمر والحالة الاجتماعية، لكنها تشير إلى أن التحدي الأكبر يكمن في صعوبة الحصول على معلومات صحيحة عند السؤال عن العريس أو العروس.
لذا تقترح إنشاء قسم خاص في الشرطة للتحريات المتعلقة بالزواج مع فرض عقوبات على الشهادة الزور، وتضيف أن الفحوصات الطبية قبل الزواج يجب أن تكون شاملة، نفسيًا وعصبيًا وجلديًا، بالإضافة إلى فحص المخدرات والكحول، مع إبراز بطاقة الهوية عند التقدم للزواج، وتؤكد على ضرورة وجود قانون رادع للطرفين، وإلا فإن الأمر سيظل رهن النصيب.
ميار.ز (25 عامًا) تروي تجربتها قائلة: “تقدم لي عريس وادعى امتلاكه شقة في مكان مرموق، وأنه خريج كلية مرموقة، لكن التفاصيل الكثيرة التي ذكرها جعلتنا نشك في صدقه، وعندما طلبنا رؤية بطاقته الشخصية، ادعى أنها ضائعة، وبعد البحث والتحري اكتشفنا أنه كاذب في كل شيء، وأن المعلومات التي ذكرها كانت مجرد أحلام لم يتمكن من تحقيقها”.
وتضيف ميار: “لم أتخلص منه بسهولة، فقد ظل يلاحقني لفترة طويلة، وقال لي إنني الوحيدة التي أفلتت منه”، وتختتم قائلة: “السؤال عن العريس مهم جدًا، والأهم من ذلك هو الانسحاب وعدم إكمال العلاقة عند الشعور بوجود خطأ ما”.
### السؤال مهم ولكن البيوت أسرار
تتفق جيهان علي (34 عامًا) مع أهمية التحري عن العريس، لكنها تشير إلى أن الناس قد يخفون معلومات خوفًا من العواقب، وقد يبدو الشخص محترمًا ويحظى بثناء الجميع، لكن بعد الزواج تكتشف الزوجة مصائب داخل البيت لا يعرفها أحد إلا بالعشرة والمعايشة.
وتنصح جيهان بالقيام بالجهد اللازم والسؤال والتحري، والدعاء إلى الله لتنوير البصيرة وكشف العيوب قبل فوات الأوان، وعدم تجاهل أي إشارات تحذيرية تظهر خلال فترة الخطوبة، مع التأكيد على أهمية الثقة بالإحساس الداخلي.
### المسافات تحتاج تحريات أكثر
تلفت رحاب مصطفى الانتباه إلى أهمية التحري عن العريس بشكل خاص إذا كان من بلد أخرى، وتنصح بإرسال شخص للسؤال والتحري عنه في بلده، وتستشهد بقصة واقعية لفتاة تزوجت دون سؤال كاف عن العريس، لأنه كان حاصلًا على شهادة من الأزهر، لكنها اكتشفت بعد الزواج أنه نصاب ومحتال، ومتزوج من امرأتين أخريين ولديه أطفال، وقد قام بالنصب على إخوتها.
### هاجر: التحريات أنقذتني من “النصاب”
تتحدث هاجر محمد عن تجربتها قائلة: “تقدم لي عريس وادعى أنه يعمل في شركة مرموقة، وأن والده يمتلك محلًا في منطقة معروفة، وعندما طلب والدي رؤية بطاقة عمله، تلكأ واختفى، ورغم أننا كنا قد اتخذنا قرارًا بالرفض، إلا أن والدي أصر على التحري، فاكتشف أنه لا يوجد شخص بهذا الاسم في الشركة، ولا يوجد محل لوالده في المنطقة المذكورة، وتبين أنه مجرد نصاب”.
### كتالوج الكشف الكامل على العريس
ترى سلمى شاهين أن التحريات يجب أن تشمل أهل العريس وأسرته أيضًا، وتقول: “في عائلتنا، نسأل عن العريس وأهله ومنزلهم، وهل هم أشخاص مسالمون أم يثيرون المشاكل؟ وهل يتمتعون بالعقلانية في التعامل مع المشكلات؟ وهل يوجد تناسب بين العائلتين؟”.
وتضيف: “في هذا العصر، يجب السؤال في المنطقة التي يعيش فيها العريس، وعدم تجاهل أي معلومة مهما بدت بسيطة، ويمكن الاستعانة بفني الكهرباء في المنطقة لأنه عادة ما يكون على دراية بأحوال السكان، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي مهمة أيضًا، ليس ما ينشره الشخص نفسه، بل آراء الأشخاص المشتركين أو المقربين منه، ومن الضروري أيضًا السؤال عنه في مكان عمله، فقد يكون مرتشيًا أو يتمتع بشخصية صعبة”.