
تتضارب وجهات النظر بين الخبراء حيال أثر الذكاء الاصطناعي على مختلف قطاعات الأعمال، وخاصة الوظائف المكتبية، فمنهم من يعتقد بأنه سيقضي عليها تمامًا، بينما يرى آخرون أنه لن يترك أي تأثير يذكر، هذا التباين يمتد حتى إلى رواد الذكاء الاصطناعي أنفسهم، الذين ساهموا في تطويره وظهوره بالشكل الذي نعرفه اليوم، سواء كانوا قادة في شركات الذكاء الاصطناعي أو مدراء تنفيذيين في شركات قررت تبني هذه التقنية.
هذا الجدل الدائر يسلط الضوء على مستقبل الوظائف المكتبية في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، فهل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الموظفين، أم سيكون أداة لتعزيز قدراتهم وزيادة إنتاجيتهم؟ هذا ما سنستكشفه من خلال آراء نخبة من قادة التكنولوجيا وصناع القرار في هذا المجال.
1- داريو أمودي- المدير التنفيذي لشركة “آنثروبيك”
مصدر الصورة
تُعتبر “آنثروبيك” (Anthropic) من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل نموذجها المتقدم “كلود” (Claude) الذي وصل إلى مرحلة تطوير التطبيقات ونشرها دون تدخل المستخدم.
يمتلك داريو أمودي، المدير التنفيذي للشركة، آراءً جريئة فيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف المكتبية، حيث عبّر عن وجهة نظره في العديد من المناسبات.
أوضح أمودي في مقابلة مع وكالة أكسيوس أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحلال 50% من الوظائف المكتبية الروتينية، خاصة وظائف المبتدئين، وأضاف أن شركات الذكاء الاصطناعي والحكومات تتكتم على الآثار المترتبة على التطور التقني السريع في السنوات المقبلة.
كما صرح أمودي: “نحن، بصفتنا منتجين لهذه التكنولوجيا، ملزمون بأن نكون صادقين بشأن ما هو قادم، ولا أعتقد أن هذا الأمر يحظى بالاهتمام الكافي”.
2-سام ألتمان- المدير التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”
مصدر الصورة
تُعد “أوبن إيه آي” الشركة التي يعود لها الفضل في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي وجعلها في متناول المستخدمين، وذلك من خلال إطلاق “شات جي بي تي” ونماذج توليد الصور والفيديوهات المتنوعة.
ويرى سام ألتمان، المدير التنفيذي للشركة، أن التغيير الذي ستحدثه تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون أسرع من أي تقنية سابقة، حيث لاقت هذه التقنية قبولًا واسعًا بين الشركات في مختلف القطاعات.
أشار ألتمان خلال مقابلة صوتية مع صحيفة “ذا نيويورك تايمز” في برنامجها “هارد فورك” (Hard Fork): “أعتقد أن وظائف المستقبل ستكون أفضل، وسيحظى الناس بفرص وإمكانات أكبر”.
كما أوضح في الحلقة ذاتها أن المجتمع لن يسمح للذكاء الاصطناعي بإزاحة العديد من الوظائف، مؤكدًا أن الاعتقاد بأن نصف الوظائف ستختفي خلال عام أو خمسة أعوام هو تصور خاطئ تمامًا، لأن هذا لا يتوافق مع آليات عمل المجتمعات.
3- جينسن هوانغ- المدير التنفيذي لشركة “إنفيديا”
مصدر الصورة
لا شك أن المحرك الفعلي لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بالصورة التي نشهدها اليوم هو بطاقات “إنفيديا” الرسومية، التي مكنت الشركات من تحقيق طموحاتها الكبيرة بفضل قدراتها الهائلة.
يتبنى جينسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة “إنفيديا”، موقفًا مخالفًا لمخاوف أمودي بشأن تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطورها المتسارع، إذ صرح خلال مقابلة في معرض “فيفاتيك 2025” بأن أمودي يرى الذكاء الاصطناعي خطرًا، في حين أنهم يرون أنهم الأقدر على التعامل معه.
وواصل هوانغ حديثه تشبيهًا للذكاء الاصطناعي بالبحث الطبي، مؤكدًا أن الشفافية والمراجعات المستمرة من قبل المختصين هي أساس تطوير هذه التقنية.
وعلى الرغم من اعتراف هوانغ بأن الذكاء الاصطناعي قادر على تغيير وظائف الجميع، كما فعل بوظيفته شخصيًا، إلا أنه يبدي تفاؤلًا أكبر من أمودي ومن يشاركه وجهة نظره.
4- مارك بينيوف- المدير التنفيذي لشركة “سيلز فورس”
مصدر الصورة
أوضح مارك بينوف، المدير التنفيذي لشركة “سيلز فورس” (SalesForce)، أنه لا يرى ما يثبت حدوث التغيير الذي يتوقعه الكثيرون، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي لن يتسبب في موجة تسريح واسعة للعمال، بل سيكون أداة لتعزيز وتطوير القوى العاملة في مختلف القطاعات.
وأكد بينوف أن هذا التصور نابع من نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمتلكها، مضيفًا أن المتشائمين ربما يمتلكون نماذج أخرى لا يمكنه الوصول إليها.
كما أضاف: “لا أرى عملاء يتخلون عن موظفيهم بسبب الذكاء الاصطناعي، لذلك ربما يجب أن نتوقف عن الخوف من المستقبل”.
5- جيم فارلي- المدير التنفيذي لشركة “فورد”
مصدر الصورة
يتفق جيم فارلي، المدير التنفيذي لشركة “فورد” للسيارات، مع الرؤية المتشائمة التي يتبناها أمودي وغيره، إذ صرح خلال مشاركته في مهرجان آسبن للأفكار بأن “الذكاء الاصطناعي سيحل محل نصف العاملين في الوظائف المكتبية في الولايات المتحدة”.
لم يحدد فارلي إطارًا زمنيًا محددًا لحدوث ذلك، ولكنه أعرب عن قلقه بشأن النظام التعليمي في الولايات المتحدة، الذي يركز على الشهادات الأكاديمية بدلًا من المهارات المهنية.
6- مارك كوبان- رجل الأعمال الشهير ونجم “شارك تانك”
مارك كوبان رجل الأعمال الشهير يرى أن الذكاء الاصطناعي يولد المزيد من الوظائف (مواقع التواصل)
يشارك رجل الأعمال المعروف مارك كوبان باستمرار في برنامج “شارك تانك” بنسخته الأمريكية، ويؤكد أن الوضع مختلف تمامًا عما يراه أمودي، مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق المزيد من الوظائف الجديدة، وبالتالي زيادة عدد الموظفين حول العالم.
7- براد لايتكاب- مدير العمليات في “أوبن إيه آي”
براد لايتكاب مدير العمليات في “أوبن إيه آي” وضح أن الشركة لم تر أي أدلة على استبدال الذكاء الاصطناعي للموظفين (رويترز)
يتفق لايتكاب مع رأي مديره التنفيذي، مصرحًا بأن الشركة لم تلاحظ أي دليل على إحلال الذكاء الاصطناعي محل الموظفين المكتبيين، مضيفًا أن أمودي عالم بالدرجة الأولى، ويجب عليه الاعتماد على الأدلة القاطعة.
واستكمل لايتكاب حديثه قائلًا إن كل تقنية جديدة غيّرت شكل الوظائف وسوق العمل، والذكاء الاصطناعي لن يكون استثناءً من ذلك.
8- آندي جاسي- المدير التنفيذي لشركة “أمازون”
آندي جاسي المدير التنفيذي لشركة “أمازون” قال لموظفيه إن الشركة تحتاج عددا أقل من الموظفين (رويترز)
يعتقد آندي جاسي، المدير التنفيذي لشركة “أمازون“، أن الذكاء الاصطناعي قد غيّر بالفعل طريقة العمل في العديد من القطاعات، ويتوقع أن نشهد بعض عمليات التسريح.
كما ذكر جاسي في رسالة لموظفي “أمازون”: “سنحتاج إلى عدد أقل من الأفراد لأداء بعض المهام التي نقوم بها اليوم، وعدد أكبر من الأفراد لأداء أنواع أخرى من المهام”.
9- سيباستيان سيمياتكوفسكي- المدير التنفيذي لشركة “كلارنا”
سيباستيان سيمياتكوفسكي المدير التنفيذي لشركة “كلارنا” يرى أن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في ركود عالمي بسبب الوظائف التي تخسر لصالحه (رويترز)
يرى سيباستيان سيمياتكوفسكي، المدير التنفيذي لشركة “كلارنا” (Klarna)، أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى أزمة كساد عالمي بسبب خسارة العديد من الوظائف لصالحه.
وأردف قائلًا: “لا أريد أن أكون منهم، بل أود أن أكون صريحًا وعادلاً، وأن أنقل ما أراه حتى يبدأ المجتمع في الاستعداد”، وذلك في معرض وصفه للمديرين التنفيذيين الذين يتجاهلون مخاطر الذكاء الاصطناعي.
الجدير بالذكر أن شركة “كلارنا” تعمل في مجال المدفوعات الإلكترونية وتوفير بوابات الدفع الإلكترونية للشركات الناشئة والمتاجر الإلكترونية.