لا يزال الغموض يكتنف قرار الإقالة الجماعية غير المعلنة لـ 45 مديرًا من مديري المعاهد الفنية بنظام السنتين التابعة لوزارة التعليم العالي، بالإضافة إلى 8 مديري كليات فوق متوسطة (مدة الدراسة عامين فقط) تحت مظلة الوزارة، وهو ما يبدو مخالفًا لقانون الخدمة المدنية، وقد تم تبرير ذلك بحجة تعيين مدراء جدد لهذه المعاهد والكليات الفنية
تضارب القرارات والجهات المسؤولة
في حين أن الجهاز المركزي للمحاسبات هو الجهة الوحيدة المخولة بالإعلان عن التعيينات في هذه المعاهد والكليات، تم توزيع منشور على مديري الكليات التكنولوجية والمعاهد التابعة لها، بتكليف من القائم بعمل رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالي وبتوقيع السيد محمد الصافوري رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم الفني والطلاب، يكشف المنشور عن موافقة وزير التعليم العالي على إعادة ترشيح مديري الكليات التكنولوجية ومديري عموم المعاهد الفنية، وفقًا لضوابط ومعايير الندب، ووجه المنشور العاملين بالوزارة والمعاهد والكليات التكنولوجية فقط للتقدم بطلبات للندب على هذه الوظائف، وحدد يوم الأحد 31 أغسطس كآخر موعد للتقديم، مما أثار علامات استفهام حول الهدف من هذا الإجراء
توقف العمل وشلل المعاهد والكليات
تسبب هذا القرار في حالة من الترقب والجمود في المعاهد والكليات الفنية، خاصة مع قرب بداية العام الدراسي الجديد، حيث توقف المديرون الحاليون عن توقيع أي أوراق أو القيام بأي مجهود لإعداد المعاهد والكليات، خوفًا من الإطاحة بهم، وبدأت حالة من الشلل تصيب هذه المؤسسات التعليمية بسبب هذا القرار المفاجئ
إشكالية الندب بعد التعيين
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن جميع مديري هذه المعاهد والكليات كانوا في الأصل منتدبين بقرار من وزير التعليم العالي نفسه منذ عام 2017، ومستمرين في مناصبهم حتى الآن، فكيف يعقل أن ترسل الوزارة منشورًا لإعادة شغل هذه الوظائف "ندبًا" مرة أخرى، وليس تعيينًا، وتقدم لشغل هذه الوظائف ندبًا 33 مرشحًا كمدير كلية و130 مرشحًا لشغل 45 وظيفة مدير معهد، ويزداد الأمر تعقيدًا عندما نعلم أن الوزارة كانت قد أرسلت رسميًا إلى الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة للموافقة على نشر إعلان للتوظيف بعد شهرين للتعيين في وظائف مديري الكليات والمعاهد على الكادر، أي "للتعيين" وليس "للندب"، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة
أسئلة معلقة وبحث عن تفسير
يبقى السؤال المطروح: لماذا تم إصدار هذا المنشور الآن لفتح باب التقدم للندب كمديرين لهذه المعاهد والكليات التكنولوجية، خاصة وأن مدة الندب لن تتجاوز شهرين أو ثلاثة، في ظل قرب صدور إعلان التعيين الدائم من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والذي سيتم بناءً عليه تعيين من تنطبق عليه الشروط، وما يزيد الأمر غرابة هو تشكيل لجان لمقابلة المرشحين المؤقتين وصرف بدلات لأعضاء هذه اللجان، فهل هذا هو التطوير المنشود للمعاهد والكليات الفنية، خاصة وأن هذا الإجراء يتعارض مع طلب الوزارة الرسمي من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لنشر إعلان للتعيين على الكادر بعد فترة قصيرة؟
يبقى السؤال الأهم: ما الهدف من إقالة مديرين حاليين في هذا التوقيت الحرج، عشية بدء العام الدراسي الجديد، وعقد لجان وإحداث اضطرابات وبلبلة، واستبدالهم بمنتدبين، ثم تغييرهم بعد شهرين، فهل هذا هو الإصلاح والتطوير، نحن في انتظار من يوضح لنا حقيقة ما يحدث الآن، من أجل المصلحة العامة فقط، حتى لا تتكرر تجربة اختيار عمداء المعاهد العليا من ثلاثة مرشحين، ثم التجديد لمن كانوا في مناصبهم، والاكتفاء بصرف بدلات للجان، سواء لمن حضرها أو لمن كان اسمه موجودًا على الورق فقط