مشروع سكة حديد في الحديدة يثير الشكوك حول مصير أموال الموظفين المنهوبة

كاريكاتير صرخة المواطن

السابق

التالى

سكة حديد في الحديدة.. مشروع وهمي جديد لابتلاع أموال الموظفين المنهوبة

السياسية

منذ 6 دقائق

مشاركة

الحديدة، نيوزيمن، خاص:

يعاني ملايين اليمنيين من وطأة الفقر، وانقطاع المرتبات منذ سنوات، وفي الوقت ذاته تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران ترويج ما تعتبره “مشروعات تنموية عملاقة”، تدعي أنها ستحدث طفرة في الاقتصاد الوطني، هذه المشاريع، التي لا تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية، أصبحت وسيلة ممنهجة لنهب الأموال واستنزاف ما تبقى من موارد الدولة، في ظل واقع معيشي مأساوي يعانيه الموظفون الذين حرموا من أبسط حقوقهم.

مشروع سكة حديد الحوثية

أحدث هذه المشاريع المزعومة هو ما أعلنته الميليشيا حول “مشروع إنشاء سكة حديدية في محافظة الحديدة”، هذا الإعلان أثار موجة من السخرية والتساؤلات في الشارع اليمني حول جدية الميليشيات التي عجزت عن تأمين المرتبات، فكيف لها أن تنفذ مشروعات بنية تحتية تتطلب مئات الملايين من الدولارات؟

تفاصيل المشروع

وفقًا لوسائل إعلام حوثية، ناقش رئيس الهيئة العامة للاستثمار المعين من الجماعة، محمد إسحاق، ووكيل وزارة النقل لقطاع الطرق نبيل الحيفي، ما وصفوه بـ “الدراسة الأولية لمشروع إنشاء سكة حديد في الحديدة”، بطول 99 كيلومترًا، يمتد من ميناء رأس عيسى مرورًا بميناء الصليف وصولًا إلى مديرية باجل، بتكلفة تقديرية تبلغ نحو 150 مليون دولار.

أهداف المشروع المزعومة

روجت القيادات الحوثية بأن المشروع “استراتيجي” وسيحدث “نقلة نوعية” في البنية التحتية للنقل، وسيسهم في “تحفيز الاستثمار وتوفير فرص العمل”، في محاولة لتجميل صورتها أمام المواطنين، خاصة في ظل تصاعد الغضب الشعبي من سياسات النهب والجبايات التي أنهكت الناس.

واقع المشاريع الحوثية

لكن مراقبين وصفوا المشروع بأنه جزء من سلسلة من “الوعود الوهمية” التي تطرحها الميليشيات في أوقات الأزمات، لتضليل الرأي العام، وصرف الأنظار عن قضايا جوهرية مثل نهب المرتبات واستمرار الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة التي تحت سيطرتها، وأكدوا أن “سكة الحديد الحوثية” مجرد سكة وهمية جديدة تضاف إلى قائمة طويلة من مشاريع لم تُنفذ، الأمر الذي يجعل المواطن اليمني يدفع الثمن من قوت يومه وكرامته ومرتبه المنهوب، بينما تواصل الميليشيا بناء “إمبراطوريتها المالية” على أنقاض معاناة الناس.

أزمة الخدمات العامة

منذ سيطرتها على صنعاء وعدد من المحافظات، تتبنى ميليشيا الحوثي سياسة “الإنجاز الإعلامي”، من خلال الإعلان المتكرر عن مشاريع خيالية في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل والاتصالات، دون أن ترى أيٌّ من هذه المشاريع النور، ويؤكد اقتصاديون أن تلك المشاريع لا تتجاوز كونها أدوات سياسية وإعلامية لشرعنة عمليات النهب المستمرة، وتبرير مصادرة الأموال العامة، وفرض مزيد من الجبايات تحت ذريعة “تمويل التنمية”.

إساءة استخدام الأموال العامة

في المقابل، يعيش مئات الآلاف من الموظفين بلا مرتب منذ العام 2016، فيما تُنفِق الميليشيا أموالهم في تمويل حروبها وتوسيع شبكاتها الاقتصادية الخاصة، وتزامن إعلان “سكة الحديد الحوثية” مع اتساع رقعة الفقر وانهيار الخدمات الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة، مما جعل الشارع اليمني يرى في هذه المشروعات مجرد غطاء لفساد ممنهج، وتسعى القيادات الحوثية من خلال هذه الخطابات إلى إعادة تدوير الخطاب الدعائي وتقديم أنفسهم كسلطة إنجاز، بينما الواقع يكشف عن أسوأ إدارة اقتصادية في تاريخ اليمن، فلا كهرباء ولا ماء ولا رواتب، بينما تتضخم ثروات القيادات الحوثية في الداخل والخارج.

ردود الأفعال على الخطط الحوثية

من جانبه، النائب البرلماني عبده بشر سخر من إعلان القيادات الحوثية عن مشروع إنشاء سكة حديدية في محافظة الحديدة، واصفًا ذلك بأنه “بيع للوهم وترويج للعبث في بلد يموت فيه الناس من الجوع”، هذا التصريح، الذي جاء عبر منصة “إكس”، لم يكن مجرد تعليق ساخر، بل حمل انتقادًا لاذعًا للنهج الحوثي القائم على التضليل الإعلامي والإنجازات الوهمية، حيث تساءل بتهكم عن جدوى الحديث عن مشروع بتكلفة 150 مليون دولار بينما الملايين يعانون من الجوع والفقر وانقطاع المرتبات.

مطالبات بتحسين الخدمات الأساسية

حديث بشر يعكس حالة تململ داخل الأوساط السياسية في صنعاء، حتى بين من كانوا يومًا جزءًا من مؤسساتها الشكلية، إزاء ما وصفوه بتغوّل الفساد واستمرار الإنفاق على مشاريع دعائية، في الوقت الذي تتهاوى فيه الخدمات العامة، وتتفاقم أزمة الجوع والبطالة، وذهب بشر في تغريدته إلى ما هو أبعد من السخرية حين دعا إلى وقف “صرفيات” المسؤولين الحوثيين، وتحسين الخدمات الأساسية مثل الموانئ والطرقات، والعمل على معالجة مشكلات المستثمرين وهروب رؤوس الأموال، مؤكدًا أن الأولوية ليست لمشاريع الحديد والصلب بل “لقمة العيش” التي يبحث عنها المواطن اليمني كل يوم بلا جدوى.

التحليل الاقتصادي للمشاريع الحوثية

يؤكد خبراء اقتصاديون أن المشروعات الحوثية المزعومة ليست سوى وسيلة لاستنزاف ما تبقى من المال العام، وخلق واجهات مالية وشركات وهمية تابعة لقيادات الجماعة تعمل تحت غطاء “الاستثمار”، بينما تُستخدم الأموال لتمويل المجهود الحربي وتوسيع النفوذ الاقتصادي، موضحين أن استمرار هذه السياسات يعني إغراق المجتمع في دائرة فقر ممنهج، وتحويل موارد الدولة إلى أدوات تمويل لمشروع طائفي يكرس الانقسام ويمزق النسيج الوطني.