«توقعات متفائلة» محللون يتوقعون مستقبلًا ذهبيًا: هل يصل سعر الذهب إلى 4000 دولار؟

تواصل أسعار الذهب تحقيق مستويات قياسية جديدة، مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة، والاضطرابات التجارية المستمرة، وضعف قيمة الدولار، وكلها عوامل تزيد من الإقبال على المعدن النفيس، ويعكس هذا الصعود القوي رغبة المستثمرين المتزايدة في اقتناء الذهب كأداة تحوط فعالة في مواجهة تقلبات السوق، خاصة في ظل مناخ عالمي يمتاز بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المتزايد، بدءًا من النزاعات التجارية وصولًا إلى الضغوط التي تواجهها البنوك المركزية.

ارتفاع الطلب على الذهب

يعزى ارتفاع الطلب على الذهب إلى عدة عوامل رئيسية، بما في ذلك تصاعد التوترات التجارية العالمية، إذ يرى المحلل المستقل روس نورمان أن قضايا الرسوم الجمركية والعقبات التي تفرضها المحاكم الأمريكية تمثل اختبارًا حاسمًا للإدارة الأمريكية، وبغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن الذهب يظل ملاذًا آمنًا يوفر للمستثمرين حماية من اضطرابات الأسواق، وفقًا لتقرير صادر عن “رويترز”، وتأتي هذه التطورات في ظل ترقب المستثمرين لقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال اجتماعه المرتقب هذا الشهر.

تأثير قرارات الفائدة الأمريكية

تتجه الأنظار نحو القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة الأمريكية، حيث بدأت التوقعات تشير إلى خفض وشيك، لكن التساؤلات تدور حول إمكانية إجراء المزيد من التخفيضات في المستقبل، ووفقًا للتقارير، فإن خفض أسعار الفائدة سيساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إضعاف قيمة الدولار، وهو ما يعزز من جاذبية الذهب، وقد وصلت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر إلى 3595,5 دولارًا في ختام تعاملات الأربعاء، مسجلة مكاسب لليوم السابع على التوالي.

ضغوط ترامب على الفيدرالي

يمارس الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ضغوطًا مستمرة على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، وقد ناقش علنًا إمكانية إقالة رئيس البنك، جيروم باول، وفي تصعيد حاد، حاول ترامب إقالة حاكمة بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، مما أثار جدلاً قانونيًا حول استقلالية البنك المركزي وقدرته على العمل دون تدخل سياسي، وقد أثرت هذه التوقعات والمخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي على قيمة الدولار الأمريكي، الذي انخفض بأكثر من 9% منذ بداية العام، مما جعل الذهب أقل تكلفة للمشترين الأجانب،

* عادة ما يحقق الذهب، الذي لا يدر عائدًا، أداءً جيدًا في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة،
* تتركز الأنظار حاليًا على بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة، المقرر صدورها يوم الجمعة، للحصول على مؤشرات حول حجم التخفيض المحتمل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي،

توقعات الخبراء والمحللين

من لندن، صرح طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم، لموقع “أقرأ 24” بأن الذهب يسجل أرقامًا قياسية جديدة، وهو أمر ليس بجديد، حيث لاحظنا منذ عام 2022 أن المعدن الأصفر يخترق مستويات قياسية متواصلة، ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2025، ويضيف أن هناك احتمالات بأن يصل الذهب إلى مستوى 4 آلاف دولار للأونصة بحلول نهاية العام، لكنه يرجح أن تتراوح الأسعار بين 3700 و3800 دولار للأونصة، وبعد الوصول إلى هذه القمة أو الاقتراب من مستوى 4 آلاف دولار، يتوقع حدوث تصحيح سعري خلال الأشهر التالية، ويشير إلى أن هذه المستويات مدعومة بشكل رئيسي من جانب المستثمرين والبنوك المركزية التي تواصل شراء الذهب بكميات كبيرة جدًا.

التحديات التي تواجه استقلالية الفيدرالي

يرى ماركوس غارف، رئيس استراتيجية السلع الأساسية في ماكواري، أن التحدي الأبرز يتمثل في استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الرئيس ترامب وعجز الموازنة الأمريكية، وهما المحركان الرئيسيان لأسعار الذهب في الوقت الحالي، ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن ديفيد ويلسون، مدير استراتيجية السلع في بنك بي إن بي باريبا، قوله:

* تتضافر كل العوامل لتوفير بيئة مثالية لارتفاع أسعار الذهب.
* من الواضح أن تزايد مستويات عدم اليقين الاقتصادي يزيد من جاذبية الذهب.

ويشير كريشان غوبول، من مجلس الذهب العالمي، إلى أن ارتفاع الأسعار ناجم عن حالة عدم اليقين المتنامية، مؤكدًا أن حتى الملاذات الآمنة التقليدية، كالدولار وسندات الخزانة الأمريكية، تواجه علامات استفهام، مما يجعل الذهب بديلاً طبيعيًا، أما دانيال هاينز، كبير استراتيجيي السلع في بنك ANZ، فينبه إلى أن انخفاض تكاليف الاقتراض، مع خطر تأجيج التضخم، يعزز اهتمام المستثمرين في الوقت الحالي، وسيدعم هذا الزخم الصعودي، وأفاد خبراء استراتيجيون بأن تراجع الآمال في التوصل إلى حل سريع للحرب في أوكرانيا، كما وعد ترامب، ساهم في ارتفاع أسعار الذهب،

تأثير الفائدة على أسعار الذهب

تؤكد حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أن أسعار الذهب تتأثر بشكل مباشر بتحركات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لا سيما وأن التوقعات خلال الفترة الحالية تشير إلى توجه نحو خفض متواصل للفائدة، وكان رئيس الفيدرالي، جيروم باول، قد ألمح خلال كلمته في ندوة جاكسون هول السنوية الشهر الماضي إلى خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر، وتوضح رمسيس أن الرئيس ترامب كان قد اعترض أكثر من مرة على تثبيت الفائدة، لاعتقاده بضرورة خفض تكلفة التمويل لتنشيط الاستثمارات في الصناعات الأمريكية، وهو ما دفعه للتلويح بتغيير قيادة الفيدرالي، الأمر الذي قد يسرع من وتيرة خفض الفائدة وسط مخاوف متصاعدة بشأن استقلالية المركزي، وتضيف أن هذا الخفض المتوقع ينعكس على قوة الدولار وجاذبية السندات الأمريكية، ما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل استثمارية، في مقدمتها الذهب، لافتة إلى أن المعدن الأصفر سجل مستويات فوق 3500 دولار للأونصة، ومع اختراقها قد يواصل المعدن الأصفر صعوده إلى مستويات 3700 ثم 4000 دولار للأونصة قبل نهاية العام، رغم احتمالية حدوث عمليات جني أرباح وتبديل مراكز عند كل مستوى جديد،

يضع المستثمرون في الحسبان احتمالات بنسبة 98 بالمئة لقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في نهاية اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأميركي في 17 سبتمبر، وفقا لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME، وتشدد رمسيس على أن أنظار الأسواق تتجه باستمرار إلى قرارات الفيدرالي الأميركي وإلى حجم الطلب على الذهب من البنوك المركزية العالمية، باعتباره البديل الأبرز عن الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية، موضحة أن تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يعزز من توجه بكين والدول المتحالفة معها نحو الاستثمار في الذهب كأداة تحوّط،

* تضاعفت أسعار الذهب تقريباً منذ بداية العام 2023 مع قيام البنوك المركزية بزيادة حيازاتها وبحث المستثمرين عن تحوط ضد التضخم,
* في العام الماضي، تفوق المعدن الأصفر على اليورو ليصبح ثاني أكثر أصول الاحتياطي النقدي شيوعاً لدى البنوك المركزية في العالم بعد الدولار، حيث يمثل 20 بالمئة من الاحتياطيات الرسمية العالمية,
* من بين المشترين الكبار في العام الماضي الهند والصين وتركيا وبولندا، بحسب مجلس الذهب العالمي,

توقعات غولدمان ساكس المستقبلية

يتوقع “غولدمان ساكس” ارتفاع الذهب إلى ما يقارب 5 آلاف دولار للأونصة في حال تضررت مصداقية الاحتياطي الفيدرالي، وحول المستثمرون جزءاً صغيراً فقط من حيازاتهم من سندات الخزانة إلى المعدن النفيس، وذكر محللون لدى البنك أنه من المرجح أن يؤدي سيناريو تضرر استقلالية الفيدرالي إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض أسعار الأسهم والسندات طويلة الأجل، وتآكل مكانة الدولار كعملة احتياطية، في حين يعتبر الذهب مخزنًا للقيمة لا يعتمد على الثقة المؤسسية، وحدد البنك سيناريوهات أساسية لتحرك أسعار المعدن الأصفر: منها السيناريو الأساسي الذي يشير لارتفاع السعر إلى 4 آلاف دولار للأونصة بحلول منتصف العام المقبل، وسيناريو آخر يتوقع ارتفاعه إلى 4500 دولار، كما يتوقع وصول سعر المعدن الأصفر إلى 5 آلاف دولار في حال تدفق 1 بالمئة فقط من سوق الخاصة لسندات الخزانة الأميركية إلى الذهب، بافتراض استقرار جميع العوامل الأخرى،