في الماضي، كان اسم “إكسبيريا” من “سوني” رمزًا للفخامة، وتجسيدًا لإبداع الشركة اليابانية في عالم التكنولوجيا والتصميم،.
لكن اليوم، يحمل هذا الاسم معه الكثير من الإحباط، وسط انحدار مستمر، وتقلص ملحوظ في حصة السوق، وإصدارات لم ترتقِ لمستوى التطلعات،.
فهل نشهد الآن الفصل الأخير في قصة هواتف “سوني” الذكية؟
سوني تمتلك إرثًا عريقًا في عالم الإلكترونيات، ومنتجاتها لطالما كانت مرادفًا للجودة والابتكار، من تلفزيونات “برافيا” الشهيرة إلى كاميرات “ألفا” الاحترافية، وصولًا إلى منصة الألعاب المحبوبة “بلاي ستيشن”، كل هذه العناصر كانت تشكل قاعدة صلبة يمكن أن تدعم علامة “إكسبيريا” في سوق الهواتف الذكية،.
من القمة إلى الهامش
وفقًا لتقرير نشره موقع “androidheadlines” واطلعت عليه “العربية Business”، امتلكت “سوني” كافة الإمكانيات لتكون منافسًا قويًا في سوق الهواتف الذكية،.
أجهزتها المنزلية المتنوعة، من تلفزيونات “برافيا” إلى كاميرات “ألفا”، وحتى أجهزة “بلاي ستيشن”، شكلت منظومة تقنية متكاملة كان بإمكانها دعم علامة “إكسبيريا”،.
لكن الواقع يظهر أن الشركة لم تنجح قط في توحيد هذه العوالم في تجربة هاتفية متكاملة مثلما فعلت “أبل” و”سامسونغ”،.
فالآيفون، على سبيل المثال، أصبح مركزًا لمنظومة متكاملة من الأجهزة والخدمات، وربط تجربة المستخدم بجميع جوانب حياته الرقمية،.
وبالمثل “سامسونغ”، التي طورت تجربة مترابطة بين هواتفها وتلفزيوناتها وساعاتها الذكية،.
بينما اختارت “سوني” أن تترك “إكسبيريا” كجزيرة منعزلة في محيط إمبراطوريتها التكنولوجية الواسعة،.
إكسبيريا 1 VII
مع كل إصدار جديد، يتجدد الأمل في عودة “سوني” إلى المنافسة بقوة،.
وكان إكسبيريا 1 VII آخر هذه المحاولات الطموحة،.
تصميم أنيق، ومواصفات متطورة، وكاميرا تعتمد على تكنولوجيا Alpha الاحترافية، لكنه لم يحقق النجاح المأمول،.
سرعان ما ظهرت العيوب التقنية، وعلى رأسها أعطال مفاجئة أجبرت الشركة على تعليق المبيعات مؤقتًا،.
وجاءت الضربة القاضية من ضعف التوزيع، حيث اشتكى المستخدمون من عدم توفر الهاتف في الأسواق الأوروبية بعد أسابيع من إطلاقه، في عصر تتسم فيه المنافسة بالسرعة والدقة، ولا يوجد مكان للأخطاء،.
بلاي ستيشن في الجيب؟
“سوني”، التي تملك أحد أنجح أقسام الألعاب في العالم، لم تستطع استغلال هذا النجاح في هواتفها الذكية،.
على الرغم من الإمكانيات الهائلة، لم تقدم تجربة بلاي ستيشن حقيقية على هواتف Xperia،.
لا توجد ألعاب حصرية، ولا تكامل مع PS Plus، ولا حتى مزامنة للكؤوس والإنجازات،.
في المقابل، أطلقت الشركة جهاز “PlayStation Portal” بتجربة بث محدودة، تعمل فقط عبر Wi-Fi، وبتكلفة عالية، مما يؤكد مرة أخرى على غياب الرؤية المتكاملة،.
الأرقام لا تكذب
لم يعد التدهور مجرد إحساس، بل تؤكده الأرقام، فقد انخفضت إيرادات قسم الهواتف في “سوني” من 356 مليار ين في عام 2023 إلى 279 مليارًا فقط في عام 2025،.
أما حجم الشحنات، فقد انخفض من أكثر من 100 مليون جهاز في عام 2007 إلى أقل من 3 ملايين سنويًا في السنوات الأخيرة،.
وفي الأسواق العالمية، أصبحت “سوني” شبه غائبة،.
ففي الولايات المتحدة، لم تعد تذكر حتى في تقارير السوق، بينما استحوذت “أبل” على نصف السوق اليابانية، وتركت “سوني” في المركز الرابع بحصة لا تتجاوز 6%،.
هل حان وقت الانسحاب؟
تدرك بعض الشركات متى يجب عليها الانسحاب بكرامة، فشركة “إل جي”، على سبيل المثال، انسحبت من سوق الهواتف في عام 2021 على الرغم من تاريخها الطويل،.
أما “سوني”، فتبدو وكأنها تفضل التلاشي التدريجي على اتخاذ قرار جريء،.
سعر Xperia 1 VII البالغ 1499 يورو، والذي يتجاوز حتى سعر Galaxy S25 Ultra، يكشف عن فجوة كبيرة بين الطموح والواقع،.
ومع انخفاض حصتها في السوق الأوروبية، يبدو مستقبل الهواتف الذكية في “سوني” موضع شك كبير،.
المشكلة لا تكمن في الإمكانيات، بل في الإرادة، فـ “سوني” لا تزال تسيطر على سوق مستشعرات الكاميرا وتزود كبرى الشركات المصنعة في العالم، لكنها تسمح لعلامتها التجارية الخاصة بالتراجع دون مقاومة حقيقية،.