شهدت أسعار الذهب ارتفاعات قياسية جديدة اليوم الثلاثاء، مدفوعة بانخفاض قيمة الدولار وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، بالتزامن مع تزايد التوقعات بأن يقوم الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب هذا الشهر، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإقبال على المعدن الأصفر كملاذ استثماري آمن، مما انعكس إيجاباً على أدائه في الأسواق العالمية، فبات محط أنظار المستثمرين الباحثين عن الاستقرار في ظل التقلبات الاقتصادية، واستمر الذهب في جذب الاهتمام كمخزن للقيمة وسط حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق، مما يعزز مكانته كأصل استثماري رئيسي في محافظ المستثمرين المتنوعة.
صعود الذهب في الأسواق الفورية والعقود الآجلة
ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6% ليصل إلى 3656.92 دولارًا للأونصة، بينما زادت العقود الأمريكية الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.4% لتصل إلى 3694.10 دولارًا، وذلك حسبما ذكرت شبكة “سي إن بي سي عربية”، ويعكس هذا الارتفاع ثقة المستثمرين في الذهب كملاذ آمن، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية العالمية، كما يشير إلى توقعات السوق بأن الذهب سيواصل أداءه القوي في المستقبل القريب، مما يجعله خيارًا جذابًا للمستثمرين على المدى الطويل.
توقعات المحللين بشأن مستقبل أسعار الذهب
أشار تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى «كيه سي إم تريد» لرويترز، إلى أن “الذهب قد يشهد مزيدًا من الارتفاع من هذه المستويات إذا لبّى الفيدرالي توقعات السوق برؤية سلسلة من التخفيضات في معدلات الفائدة”، ويعكس هذا التصريح توقعات السوق بأن أي تخفيض في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي سيؤدي إلى زيادة جاذبية الذهب، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، كما أن هذه التوقعات تعزز من مكانة الذهب كملاذ استثماري آمن في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة، وتجذب المزيد من المستثمرين إلى السوق.
تأثير بيانات التوظيف الأمريكية على توقعات خفض الفائدة
أظهرت بيانات التوظيف الأمريكية لشهر أغسطس تباطؤًا حادًا في نمو الوظائف، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو الأعلى منذ نحو أربع سنوات، مما يعكس ضعف سوق العمل ويعزز احتمالات خفض الفائدة الأسبوع المقبل، هذه البيانات تؤكد على أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه تحديات، مما يزيد من احتمالية تدخل الفيدرالي الأمريكي لتقديم الدعم من خلال خفض أسعار الفائدة، هذا السيناريو بدوره يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن، ويدفع المستثمرين للتوجه نحوه لحماية رؤوس أموالهم من التضخم وتقلبات الأسواق.
احتمالات خفض الفائدة وفقًا لأداة «فيد ووتش»
بحسب أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي»، يرى المتعاملون أن هناك احتمالًا بنسبة 89.4% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، مقابل احتمال بنسبة 10.6% لخفض أكبر بواقع 50 نقطة أساس، هذه النسب تعكس توقعات قوية في السوق بأن الفيدرالي الأمريكي سيقدم على خفض أسعار الفائدة، مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل استثماري بديل، كما أن هذه التوقعات تؤثر على قرارات المستثمرين وتوجهاتهم في السوق، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب وارتفاع أسعاره.
تأثير تراجع معدلات الفائدة على جاذبية الذهب
يؤدي تراجع معدلات الفائدة عادةً إلى الضغط على الدولار وعوائد السندات، ما يزيد من جاذبية الذهب الذي لا يدر عائداً، وفي هذا السياق، انخفض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى في سبعة أسابيع تقريبًا أمام العملات الرئيسية، بينما هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر، هذا السيناريو يجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين، حيث يصبح بديلاً أفضل للاستثمار في السندات أو الاحتفاظ بالدولار، كما أن تراجع قيمة الدولار يجعل الذهب أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد من الطلب عليه ويدعم ارتفاع أسعاره.
توقعات البنك المركزي الأوروبي بشأن معدلات الفائدة
على الجانب الآخر، من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك المركزي الأوروبي على معدلات الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقرر يوم الخميس، هذا التباين في السياسات النقدية بين الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال بين الدول، وقد يزيد من جاذبية الذهب كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين التي تكتنف الاقتصاد العالمي، كما أن قرارات البنوك المركزية الكبرى تؤثر على توقعات المستثمرين وتوجهاتهم في السوق، مما يجعل مراقبة هذه القرارات أمرًا بالغ الأهمية.
متابعة بيانات أسعار المنتجين والمستهلكين الأمريكية
يراقب المستثمرون حاليًا بيانات أسعار المنتجين الأمريكية التي ستصدر غدًا الأربعاء، يليها تقرير أسعار المستهلكين يوم الخميس، بحثًا عن مؤشرات أوضح حول مسار السياسة النقدية للفدرالي، هذه البيانات تعتبر حاسمة لتحديد مدى قوة الاقتصاد الأمريكي وتأثير التضخم على قرارات الفيدرالي الأمريكي، كما أن المستثمرين يعتمدون على هذه البيانات لتقييم المخاطر واتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة، مما يجعلها محط اهتمام ومتابعة دقيقة من قبل الأسواق المالية العالمية.
أداء الذهب منذ بداية العام
منذ بداية العام، ارتفع الذهب بنحو 38% بعد قفزة بلغت 27% في عام 2024، بدعم من ضعف الدولار، والمشتريات القوية من البنوك المركزية، وسياسات التيسير النقدي، إضافة إلى حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، هذا الأداء القوي للذهب يعكس مكانته كملاذ آمن في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية غير المستقرة، كما يشير إلى أن الذهب قد يواصل أداءه الجيد في المستقبل، خاصة مع استمرار التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وساهمت عدة عوامل في هذا الارتفاع:
- ضعف الدولار الأمريكي.
- المشتريات القوية من البنوك المركزية العالمية.
- سياسات التيسير النقدي المتبعة من قبل بعض البنوك المركزية.
- حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي التي تسيطر على العالم.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
في المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1% إلى 41.36 دولارًا للأونصة، وصعد البلاتين 1% إلى 1396.42 دولارًا، وزاد البلاديوم 1.4% إلى 1149.47 دولارًا، يشير هذا إلى أن الارتفاع لم يقتصر على الذهب فقط، بل شمل أيضًا معادن نفيسة أخرى، مما يعكس تحسنًا عامًا في أداء هذا القطاع، كما أن أداء المعادن النفيسة الأخرى يتأثر بعوامل مختلفة، مثل الطلب الصناعي والعرض المتاح، مما يجعلها فرصة استثمارية متنوعة للمستثمرين.