يشهد عالم السيارات تطوراً متسارعاً يثير دهشة الكثيرين، بينما يرى فيه محبو السيارات تحولاً قد يفقدها رونقها وأصالتها، خاصة مع التنافس المحموم على حجم الشاشات التي باتت تضاهي شاشات التلفاز وتتجاوز الأجهزة اللوحية، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل تجربة القيادة,
لقد أضفت الشاشات لمسة عصرية وجذابة، لكن هذا التطور جاء على حساب الأزرار التقليدية في العديد من السيارات، خاصة الكهربائية منها، التي تخلت تدريجياً عن الأزرار في لوحات القيادة، بل وصل الأمر إلى التباهي بالتخلي الكامل عن الأزرار والاعتماد الكلي على الشاشات، مدعومة بأنظمة مثل “أبل كار بلاي” و”أندرويد أوتو”، إلا أن هذا التحول الرقمي لا يروق لجميع السائقين،
لكن التطور له ثمن يتجاوز الجانب المادي، فبطء استجابة الشاشات في بعض الطرازات وصعوبة الوصول إلى بعض الوظائف قد يشتت انتباه السائق ويزيد من خطر وقوع الحوادث، مما يستدعي إعادة النظر في هذا التوجه،
فمن ضبط المكيف إلى تعديل المرايا وتفعيل وضع القيادة الرياضية، أصبح كل شيء يتم عبر الشاشة، ورغم أن هذا يعكس تطوراً تقنياً ورغبة في تحسين التصميم الداخلي، إلا أن شريحة كبيرة من السائقين لا تزال تفضل “المدرسة القديمة” التي تعتمد على الأزرار الملموسة، بل إن البعض يفضلون عدم وجود أنظمة وسائط متعددة من الأساس،
تسلا وBYD: ريادة التصميمات الداخلية الخالية من الأزرار
تبنت شركات السيارات الكهربائية مثل “تسلا” و”BYD” هذا النهج بشكل كامل، حيث يتميز التصميم الداخلي بالبساطة الشديدة، مع التركيز على فكرة أن “الكهرباء هي ما يحرك السيارة” دون الحاجة إلى تعقيدات إضافية، ولكن هذا التوجه بدأ يواجه بعض التحديات، خاصة مع إعلان بعض الشركات الكبرى عن عودتها إلى استخدام الأزرار،
في خطوة مفاجئة، صرح رئيس قسم التصميم في شركة فولكسفاغن، أندرياس مايندت، لمجلة “Autocar” بأن الشركة تعتزم إعادة الأزرار الفعلية إلى طرازاتها الجديدة، بدءاً من طراز ID2، ويأتي هذا القرار بعد تجربة غير موفقة في عام 2022، عندما استبدلت فولكسفاغن الأزرار التقليدية بأزرار تعمل باللمس على عجلة القيادة، وهو ما لم يلق استحساناً كبيراً،
وأكد مايندت أن التصميم الجديد سيعيد الأزرار للتحكم في الوظائف الأساسية مثل مستوى الصوت، والتدفئة، وسرعة المروحة، وأضواء التحذير، لتكون موجودة أسفل الشاشة مباشرة، دون الحاجة إلى التنقل بين القوائم المختلفة، وأضاف: “يجب تصميم السيارات كسيارات، وليس كهواتف ذكية”،
غوغل وكوالكوم: مستقبل يعتمد بالكامل على الرقمنة
على الجانب الآخر، تتعاون شركتا “غوغل” و”كوالكوم” لتطوير أنظمة قيادة رقمية متكاملة تعتمد بشكل كامل على الرقمنة، حيث تجمع هذه الأنظمة بين شرائح Snapdragon ونظام “أندرويد أوتو”، وذلك بهدف تقديم مساعدات صوتية متطورة وخرائط دقيقة وتحديثات لحظية، كما يتيح هذا النظام الجديد للمصنعين إمكانية إضافة ميزات جديدة دون الحاجة إلى انتظار إصدار طراز جديد، بما في ذلك توفير شاشات مخصصة للركاب في المقاعد الخلفية،
في المستقبل القريب، سيجد المستهلكون أنفسهم أمام خيار واضح: سيارات مزودة بأزرار ملموسة، أو سيارات تعتمد بشكل كامل على الشاشات الرقمية، وحتى مفاتيح التشغيل التقليدية بدأت في الاختفاء لتحل محلها أدوات رقمية صغيرة، وبينما تحافظ السيارات الكهربائية على مظهرها العصري، يبدو أن العودة إلى الماضي قد تكون جزءاً من مستقبل تصميم السيارات،