يشهد سوق الشرائح الإلكترونية eSIM نموًا متسارعًا على مستوى العالم، حيث تشير التقديرات إلى وجود 1.3 مليار مستخدم يمتلكون هواتف ذكية تدعم هذه التقنية، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم حاجز الـ 3 مليارات بحلول عام 2030، مما يعكس الإقبال المتزايد على هذه التقنية المبتكرة،
وتشير بيانات حديثة صادرة عن مؤسسة CCS Insight إلى أن شرائح eSIM المخصصة للسفر تلعب دورًا محوريًا في هذا النمو، إذ يُتوقع أن يرتفع عدد الشرائح المفعلة عالميًا من 70 مليونًا في عام 2024 إلى 280 مليونًا بحلول نهاية العقد الحالي، مدفوعًا بتزايد الإقبال على السفر الدولي والرغبة في حلول اتصال مرنة واقتصادية،
وبحسب تقرير نشرته “العربية Business” نقلًا عن موقع “techradar”، من المتوقع أن تتجاوز القيمة السوقية لشرائح eSIM حاجز الـ 4.4 مليار دولار، وذلك بفضل تزايد حركة السفر العالمية وزيادة الوعي بفوائد هذه التقنية، مما يجعلها خيارًا جذابًا للمسافرين الباحثين عن بدائل مريحة واقتصادية لخدمات التجوال التقليدية،
إعادة رسم خريطة المنافسة في قطاع الاتصالات
يتجه مزودو الخدمات المتخصصون، مثل “Airalo” و”Holafly”، إلى جذب المسافرين الدوليين من خلال تقديم باقات eSIM بأسعار تنافسية كبديل لخطط التجوال التقليدية المكلفة، مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع شركات الاتصالات الكبرى،
وفي إشارة إلى النجاح الذي حققته هذه الشركات، أعلنت “Airalo” في أبريل 2025 عن وصول عدد عملائها إلى 20 مليون عميل، أي أنها ضاعفت قاعدة عملائها في أقل من عام واحد، مما يعكس مدى الإقبال على خدماتها والحلول التي تقدمها،
وفي المقابل، بدأت بعض شركات الطيران ووكالات السفر في تقديم خدمات eSIM الخاصة بها، مما يزيد من الضغط على إيرادات التجوال التي كانت تعد مصدر دخل مضمونًا لشركات الاتصالات، وهذا التحول يفرض على الشركات إعادة التفكير في استراتيجياتها للبقاء في المنافسة،
في المقابل، لم تقدم سوى قلة من الشركات، مثل “فودافون” و”أورنج”، خيارات eSIM مماثلة، ويرى المحللون أن على شركات الاتصالات أن توازن بعناية بين حماية حصتها السوقية واستغلال الفرص المتاحة لاجتذاب عملاء جدد، أو استعادة العملاء الذين تحولوا إلى خدمات أخرى، والتوسع في أسواق جديدة وتقديم عروض متنوعة تلبي احتياجات المسافرين،
وكشفت دراسة أجرتها CCS Insight أن أمريكا الشمالية تتصدر قائمة المناطق التي تشهد إقبالًا كبيرًا على استخدام شرائح eSIM للسفر، حيث يعتمد ما يقرب من خُمس المسافرين الدوليين على هذه التقنية، مما يشير إلى تبني واسع النطاق للحلول الرقمية في هذا السوق،
وتشير التوقعات إلى أن هذه النسبة سترتفع إلى 41% بحلول عام 2030، ويعزى ذلك جزئيًا إلى الانتشار الواسع للأجهزة التي تدعم eSIM، بما في ذلك هواتف آيفون التي تعتمد على هذه التقنية بشكل كامل منذ عام 2022،
ومع تزايد الاعتماد على شرائح eSIM، من المرجح أن يكون لتوفر خيارات أفضل في أوروبا وآسيا، وهما سوقان كبيرتان، تأثير كبير على قرارات الشراء العالمية، مما قد يؤدي إلى تغييرات في خريطة المنافسة وتوجهات المستهلكين،
ومع انتشار شرائح eSIM، قد تتلاشى الميزة التنافسية التي يتمتع بها مزودو خدمات eSIM المتخصصون في مجال السفر، مما قد يؤدي إلى تحول هذه الخدمات إلى سلع أساسية،
ويتوقع المحللون أن يشهد القطاع عمليات اندماج واستحواذ، بالإضافة إلى توجه نحو تنويع الخدمات، حيث أن التشبع السوقي سيقلل من فرص النمو المتاحة،
بالنسبة لشركات الاتصالات العالمية، يمثل انخفاض إيرادات التجوال تحديًا كبيرًا، ولكنه في الوقت نفسه فرصة لإعادة النظر في نماذج أعمالها واستكشاف مصادر دخل جديدة في ظل هذا التحول السريع،
وفي هذا السياق، صرح كيستر مان، مدير شؤون المستهلكين والاتصال في CCS Insight، قائلًا: “إن شرائح eSIM تحدث ثورة في سوق التجوال التقليدي، فدخول لاعبين جدد، والانخفاض الكبير في الأسعار، والتحول نحو تقديم الخدمات عن بُعد، كل ذلك يغير نظرة المستهلكين إلى الاتصال أثناء السفر”،