في خضم الحياة المتسارعة وتضاؤل الروابط الاجتماعية الوثيقة، لم تعد النباتات مجرد إضافة جمالية للمنازل أو المكاتب، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للكثيرين، فالعناية بها تحولت إلى ممارسة منظمة تمنح الفرد فرصة للتواصل مع كائن حي صامت، وتوفر له ملاذًا من الهدوء والتناغم بعيدًا عن ضغوط العلاقات الإنسانية وتقلباتها، وفي هذا السياق، يوضح الأخصائي النفسي محمد مصطفى لـ “اليوم السابع” كيف يمكن للعناية بالنباتات أن تكون مصدرًا للطاقة الإيجابية ونافذة على دروس الحياة المهمة.
### ممارسة يومية بروح الالتزام
لم تعد العناية بالنباتات مجرد مهمة عابرة، بل أصبحت جزءًا من الروتين اليومي للكثيرين، فهناك من يلتزم بجدول محدد يشمل الري وتغيير الموقع حسب الإضاءة وتنظيف الأوراق، بل وحتى تتبع نمو النبات وتوثيقه بالصور، والبعض يطلق أسماء على نباتاته ويعاملها كمسؤولية شخصية، مما يعزز شعوره بالاستقرار والتحكم في تفاصيل صغيرة ولكنها ملموسة، هذه الممارسات تولد شعورًا بالإنجاز، حتى وإن كان بسيطًا.
### شعور بالإنجاز
النباتات كائنات صامتة، لكنها تعبر عن امتنانها بطرق ملموسة تثير شعورًا بالإنجاز، ظهور ورقة جديدة، أو تفتح زهرة، أو استعادة اللون الأخضر بعد الذبول، كلها إشارات صامتة تدل على أن الرعاية تحدث فرقًا، هذا التفاعل يمنح الإنسان شعورًا بالترابط ويؤكد له أن جهوده تثمر دائمًا، حتى وإن كان ذلك بلغة غير منطوقة.
### علاقة خالية من التعقيدات
النبات لا يطلب الكثير ولا يخيب الأمل، مما يجعل العلاقة به بسيطة ومريحة، وجوده المستمر واستجابته التدريجية يمنحان شعورًا بالأمان النفسي، على عكس العلاقات الإنسانية التي قد تكون معقدة أو متقلبة، هذه البساطة تخلق متنفسًا للكثيرين، وتحول العناية بالنبات إلى ما هو أبعد من مجرد هواية.
### دروس في الصبر والحياة
الاهتمام بالنباتات يعلم الصبر والالتزام والتدرج في التغيير، فهي تحتاج إلى الضوء والماء والبيئة المناسبة لتنمو، تمامًا كالعلاقات الإنسانية والصحية التي لا تزدهر إلا في الظروف الملائمة، هذه التجربة تمنح الإنسان تدريبًا عمليًا على القيم الأساسية في الحياة، كالمثابرة والاهتمام بالتفاصيل.
### النباتات مرآة للاتساق الداخلي
العناية بالنباتات ليست مجرد بعد عاطفي، بل هي نمط سلوكي عقلاني يساعد على تنظيم اليوم وترتيب الأولويات وتعزيز الشعور بالسيطرة، وجود نبتة خضراء في المنزل أو المكتب لا يعوض العلاقات الإنسانية، لكنه يخلق مساحة من الطمأنينة والانسجام مع تفاصيل الحياة اليومية.