«صراع العروش الذكي».. من سيحكم الذكاء الاصطناعي في 2025: “شات جي بي تي” أم “جيميناي” أم “غروك”؟

تخيل معي مشهداً لعقول رقمية ثلاثة مجتمعة حول طاولة، كل منها يحمل خريطة معرفية مختلفة، "شات جي بي تي" منهمك في الكتابة بلا توقف، "غروك" يربط الأفكار بلمح البصر، و"جيميناي" يصوغ رؤاه بدقة متناهية كصائغ ماهر يرصع الجواهر، هذا التلاقي الذكي يزداد جاذبية مع التطور المستمر لهذه العقول، فكل أسبوع نشهد ظهور مزايا وأدوات جديدة تزيد من قدرتها على فهمنا ومساعدتنا وإبهارنا، لكن هل يوجد نموذج يتفوق على غيره، وهل هناك خيار يستحق الاعتماد عليه بشكل يومي، بعد اختبارات شاملة لهذه العقول الثلاثة، سنغوص في أعماق قدراتها، نقاط قوتها، والفروقات الدقيقة بينها، لنحدد الأفضل في عالم الذكاء الاصطناعي المعاصر

الميزات وخطط الاشتراك لكل مساعد ذكي

من البديهي أن نتساءل عما يقدمه كل مساعد بشكل عملي، وعلى الرغم من أن "شات جي بي تي" و"جيميناي" و"غروك" يشتركون في العديد من الإمكانيات، إلا أن لكل منهم مجموعة مختلفة من الخصائص، الخطط والتكاليف



مصدر الصورة


*
**”شات جي بي تي”**

النسخة المجانية تمنحك فرصة الوصول إلى نموذج “جي بي تي-4,1 ميني” الذكي، مع وصول محدود لنموذج “جي بي تي – 4 أو” متعدد الوسائط، بالإضافة لأدوات متنوعة مثل البحث المعمق، خاصية الصوت، تحميل الملفات، وتصميم نماذج “جي بي تي” مخصصة،
خطة “بلس” التي تبلغ 20 دولارًا شهريًا تفتح آفاقًا أوسع، وتضيف مزايا مثل إنشاء “المشاريع” لتنظيم المحادثات، وصول محدود لمنشئ الفيديوهات “سورا”، بالإضافة لميزة وكيل “شات جي بي تي” الجديدة،
بينما خطة “برو” بتكلفة 200 دولار شهريًا، توفر وصولاً كاملاً لجميع النماذج، مزايا موسعة لمنشئ الفيديوهات “سورا”، وإمكانية الوصول المبكر للميزات الحديثة،
ومع إطلاق “جي بي تي – 5” في أغسطس الماضي، أصبح النموذج أكثر دقة، مما يجعله اختيارًا ممتازًا للمحترفين



مصدر الصورة


*
**”جيميناي”**

النسخة المجانية تتيح لك استخدام نموذج “جيميناي 2,5 فلاش”، مع إمكانية محدودة لـ “برو 2,5″، بالإضافة لإنشاء الصور عبر “غوغل إميجن 4″،
كما يمكنك الاستفادة من وضع الصوت “جيميناي لايف”، تصميم “جيمز”، والاستعانة بأدوات مثل “ويسك” لتحريك الصور، و”نوت بوك إل إم” للكتابة المدعومة بالذكاء الاصطناعي،
أما الاشتراك في “غوغل إيه آي برو”، فيمنحك صلاحيات أوسع، ووصولاً أشمل لـ “ديب سيرش 2,5″، و”فيو 3” لتعديل الفيديوهات عبر “فلو”،
في حين أن “غوغل إيه آي ألترا”، يوفر وصولاً كاملاً لـ “فيو 3″، و”بروجكت مارينر” لتصفح ذكي للويب، مما يعزز تكامل المنظومة



مصدر الصورة


*
**”غروك”**

النسخة المجانية تمنحك إمكانية الوصول لنموذج “غروك 3″، مع أداة “أورورا” لإنشاء الصور، وروبوت الدردشة “غروك إيه آي” لمساعدتك في البحث، الكتابة، والمهام اليومية، بالإضافة لتجربة فريدة من خلال شخصيات افتراضية بأسلوب الأنمي،
بالترقية إلى خطة “سوبر غروك” بسعر 30 دولارًا شهريًا، ستحصل على نموذج “غروك 4″، مع خاصية الصوت، الرؤية عبر الكاميرا، وأداة “إميجن” لإنشاء الصور والفيديوهات،
بينما “سوبر غروك هيفي”، بتكلفة 300 دولار شهريًا، تقدم نموذج “غروك 4 هيفي” الأقوى، بذاكرة أكبر، قدرة أعلى على معالجة البيانات، بالإضافة لوصول أوسع للميزات القادمة

### مقارنة في الأداء والتجربة

*
**البحث على الويب**

مع التطور المتزايد للبحث بالذكاء الاصطناعي، تبرز قدرة المساعدين الأذكياء على إيجاد المعلومات بسرعة ووضوح، ولاختبار هذه القدرة، طُلِب من النماذج الثلاثة تزويدي بقائمة بأحدث أجهزة اللابتوب المخصصة للألعاب التي تم إصدارها في عام 2025، مع ذكر المواصفات والأسعار، مع ترك المجال مفتوحًا لعدم تحديد نوع التفاصيل المطلوبة بدقة،
“شات جي بي تي” قدم قائمة شاملة تضم أبرز الإصدارات، مثل “رايزر بلايد 16” و”إم إس آي فيكتور 16 إتش إكس إيه آي”، مع تقسيم منظم للمواصفات الأساسية، والتي تضمنت المعالج، كارت الشاشة، الذاكرة والتخزين، حجم الشاشة، بالإضافة إلى الأسعار والخيارات الاقتصادية، وكانت النتيجة واضحة وسهلة المقارنة،
أما “غروك” فقد ركز على التفاصيل التقنية العميقة، مثل البطارية، منافذ الاتصال، والأداء الفعلي في الألعاب وفق اختبارات قياسية، وكانت المعلومات دقيقة وشاملة، ولكنها طويلة ومعقدة نسبيًا،
في المقابل، عرض “جيميناي” قائمة مرتبة بمواصفات عامة، وأسعار تقريبية، مع إبراز خيارات التكوين ومستويات الأداء، وكانت التفاصيل أقل عمقًا من الآخرين، إلا أنها أوضح وأسهل في التصفح،
بناءً على هذه التجربة، يتضح أن “شات جي بي تي” و”غروك” هما الأقوى في تجربة البحث، بينما قدم “جيميناي” تجربة أبسط وأخف

*
**المساعدة التعليمية**

المساعدون الأذكياء لا يقتصر دورهم على تقديم معلومات سريعة، بل يمتد ليشمل التعليم التفصيلي، وعند إعطائهم أوامر خطوة بخطوة، تتباين استجاباتهم في الدقة والتنظيم،
لاختبار ذلك، طلبت من كل نموذج أن يشرح لي بالتفصيل كيفية استبدال بطارية جهاز “ماك بوك برو 2020” بأمان،
وقد كانت النتائج متباينة، حيث قدم “شات جي بي تي” دليلًا عمليًا مباشرًا بخطوات منظمة وأدوات محددة، مع التركيز بشكل كبير على السلامة وتبسيط العملية للمستخدم،
بينما ركز “غروك” بشكل أكبر على التحذيرات والتفاصيل الرسمية، مثل خيارات الصيانة في مراكز “آبل”، التكاليف، وأهمية استخدام دليل “آيفكست”، مع شرح مطول يتضمن خطوات دقيقة ومعقدة،
أما “جيميناي” فقد قدم نسخة وسطية، حيث شرح الأدوات والخطوات الأساسية بوضوح، مع تحذيرات عامة حول البطارية، لكن بدرجة أقل تفصيلاً مقارنة بـ “غروك”، وأقل بساطة مقارنة بـ “شات جي بي تي”،
من خلال هذه المقارنة، يظهر أن “شات جي بي تي” و”غروك” هما الأفضل من حيث تقديم تعليمات عملية مباشرة للمستخدم الذي يرغب في البدء والإنجاز بسرعة، مع تفاصيل دقيقة لا تتجاهل الخطوات الرسمية

*
**توليد الصور**

النماذج الثلاثة تدعم الآن توليد الصور، ولكن الجودة تختلف فيما بينها، ولمقارنة هذه النماذج، طلبت من كل مساعد إنشاء رسم تخطيطي لمكتبة مستقبلية عائمة في السماء، تتضمن كتبًا مضيئة وجسورًا من الضوء تربط بين الأرفف،
في النتائج، قدم “شات جي بي تي” رسمًا تخطيطيًا بسيطًا وأنيقًا، أقرب إلى “سكيتش” إبداعي يوضح الفكرة بوضوح دون تفاصيل مفرطة،
أما نموذج “غروك” فقد اتجه نحو واقعية مذهلة، لكنها لم تتماشَ مع الرسم التخطيطي المطلوب، حيث صور مكتبة ضخمة عائمة تبدو كمشروع معماري فاخر جاهز للتنفيذ،
في المقابل، قدم “جيميناي” تصورًا معقدًا متعدد الأبعاد، يتمثل في مكتبات كروية ومكعبة متصلة بجسور ضوئية، ليشبه مخطط مدينة متكاملة في السماء أكثر من مجرد مكتبة،
في هذه التجربة، يتضح أن “شات جي بي تي” هو الفائز، لأنه جمع بين الخيال والوظائفية، والتزم بإنشاء رسم تخطيطي بدقة

*
**البحث العميق وتدقيق الحقائق**

في مجال تدقيق المعلومات، ومن خلال تجربتي للنماذج الثلاثة، لاحظت أن “شات جي بي تي” و”غروك” يقدمان عادةً تقارير منظمة تغطي معظم النقاط، بينما قد يتعثر “جيميناي” بمعلومات زمنية أو تفاصيل هامشية، ومع ذلك، يمكن للثلاثة أن يغفلوا عن أخطاء صغيرة إذا تمت صياغة الأوامر بذكاء،
لمقارنة النماذج الثلاثة، قمت بأخذ جزء من مقال على ويكيبيديا عن أبراهام لينكولن، وقمت بتعديل سطر بمعلومات خاطئة، حيث غيرت “هو محام وسياسي أميركي شغل منصب الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة في الفترة من عام 1861 وحتى اغتياله في عام 1865” إلى “هو كاتب وسياسي شغل منصب الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة في الفترة بين عام 1851 وحتى انتحاره في عام 1856″، ثم طلبت من كل نموذج أن يتحقق من الحقائق في هذا النص،
النتيجة كانت أن جميع النماذج نجحت في تصحيح جميع الأخطاء الموجودة في النص، بما في ذلك الأخطاء الزمنية للفترة الرئاسية، المهنة، وطريقة وفاة أبراهام لينكولن

*
**الصوت**

توفر النماذج الثلاثة أوضاعًا صوتية على التطبيقات والويب، مصممة لتبدو طبيعية نسبيًا، ولكن الوضع الصوتي المتقدم في “شات جي بي تي” هو الأكثر إقناعًا، وذلك بفضل نبراته الشبيهة بالبشر،
بينما بدا “جيميناي” أكثر آلية، إلا أنه لا يزال طبيعيًا مقارنةً بمساعدي الذكاء الاصطناعي السابقين، وعلى الرغم من أن سلاسته أقل من “شات جي بي تي”، إلا أنه عملي وسهل الاستخدام مع الكاميرا،
أما “غروك” فهو أيضًا آلي أكثر، ولكن ميزته البارزة هي النسخ النصي الفوري، وهو غير متوفر في “شات جي بي تي” أو “جيميناي”، كما أنه يحتوي على رفقاء ذكاء اصطناعي إضافيين،
بشكل عام، تقدم جميع الأدوات وظائف صوتية متقاربة، إلا أن “شات جي بي تي” يتفوق في الوضوح، الطبيعية وسلاسة المحادثة

*
**التسوق**

يعتبر التسوق أحد الاستخدامات العملية لمساعدي الذكاء الاصطناعي، وقد أضافت كل من “غوغل” و”أوبن إيه آي” مؤخرًا ميزات جديدة في هذا المجال إلى “جيميناي” و”شات جي بي تي”،
ووفقًا لاختبار أجرته “ماشبل”، شملت هذه الميزات تجارب مثل تجربة الملابس الافتراضية وأدوات الإلهام للأزياء،
أما في التقييم المباشر، فكان المطلوب من المساعدين العثور على أفضل سعر لسماعات “سوني دبليو إتش – 1000 إكس إم 6” الجديدة،
“شات جي بي تي” أظهر أداءً لافتًا، حيث قدم عدة روابط لمتاجر إلكترونية، من بينها عرض بسعر أقل من سعر التجزئة بـ 50 دولارًا، على الرغم من أن أحد العروض التي ذكرها لم يكن دقيقًا،
ما ميزه أيضًا هو البطاقات التوضيحية للمنتجات والنصائح الإضافية، مثل اقتراح الانتظار لمواسم التخفيضات،
أما “جيميناي” فكان أداؤه أضعف نسبيًا، صحيح أنه أشار إلى إمكانية الاستفادة من “غوغل شوبينغ”، إلا أنه ركز أساسًا على نصائح عامة للبحث عن أسعار أفضل، مثل اقتناء النسخ المجددة أو انتظار العروض، واكتفى بذكر بعض المتاجر دون إرفاق روابط مباشرة،
وجاء “غروك” في موقع متوسط بين الاثنين، حيث عرض أسعارًا من عدة متاجر، ولكن بعض العروض كانت من خارج الولايات المتحدة، وبالنظر إلى أن المساعدين الثلاثة يمكنهم الاستفادة من بيانات الموقع الجغرافي، كان يفترض أن يتعرف على السوق المحلي تلقائيًا، وفي نهاية التجربة، خلص اختبار “ماشبل” إلى أن “شات جي بي تي” كان الأكثر تفوقًا في تجربة التسوق،
في النهاية، وعلى الرغم من تنوع الأدوات وتعدد الأسماء، يبقى “شات جي بي تي” هو المعيار الذي يسعى الجميع لتجاوزه، ففي كل اختبار تقريبًا، تصدر أو على الأقل أثبت أنه منافس لا يستهان به، وهذا ليس من قبيل الصدفة، فالخبرة الزمنية والاستثمار المستمر منحاه تفوقًا واضحًا,
وإن كنت تبحث عن مساعد واحد تعتمد عليه يوميًا، فالاختيار شبه محسوم، لكن تذكر، حتى ملك الذكاء الاصطناعي قد يخطئ بثقة، وقد يخذلك، فلا تتنازل عن دورك في التمييز بين الحقيقة والزيف