
تواجه كريستينا تشابمان، البالغة من العمر 50 عاما، حكما بالسجن لمدة 8 سنوات ونصف السنة، وذلك بسبب تورطها في مساعدة قراصنة كوريين شماليين في الحصول على وظائف عن بعد في أكثر من 300 شركة أمريكية مرموقة، بما في ذلك شركة “نايك”، مما أثار تساؤلات حول كيفية حدوث ذلك، وكيف تمكنت من اختراق هذا العدد الكبير من الشركات
نجحت تشابمان، عبر آلية معقدة من العمليات البيروقراطية المتنوعة، في توفير فرص عمل في شركات أمريكية كبرى لمئات من الكوريين الشماليين، وكانت هذه الوظائف جميعها عن بعد، وكانت تشابمان هي نقطة الاتصال الوحيدة بينهم وبين الشركات، مما يطرح أسئلة حول دوافعها وكيف تمكنت من تنفيذ هذه العملية المعقدة، وما هي الثغرات التي استغلتها في النظام
أرسلت تشابمان رسالة إلى القاضي تعتذر فيها عن دورها في هذه العملية الاحتيالية، مدعية أنها كانت تبحث عن وظيفة يمكن القيام بها من المنزل لرعاية والدتها المسنة، ولكن كيف تطورت الأمور إلى هذه العملية الاحتيالية المعقدة، وكيف تحولت رغبتها في مساعدة والدتها إلى جريمة بهذا الحجم
آلية بيروقراطية محكمة
كانت تشابمان مسؤولة عن العديد من النقاط المحورية في هذه العملية، ويمكن القول إنه بدون تدخلها، كانت العملية بأكملها ستفشل، حيث كانت مسؤولة عن تعديل السير الذاتية للموظفين وإرسال الأوراق الفدرالية اللازمة، وحتى استقبال المخاطبات الرسمية من الشركات، مما يدل على دورها الحيوي في تسهيل هذه العملية المعقدة
وصل الأمر إلى أن تشابمان كانت تتسلم الحواسيب المحمولة التي ترسلها الشركات لموظفيها عن بعد، وفي بعض الحالات تقوم بإرسال هذه الحواسيب إلى بلدة على حدود الصين وكوريا الشمالية، أو كانت تحتفظ بالحواسيب وتشغلها من منزلها، مما يكشف عن مستوى الانخراط والتخطيط الدقيق في هذه العملية
يشير تقرير موقع “آرس تكنكيا” التقني إلى أن تشابمان احتفظت بأكثر من 90 حاسوبا محمولا في منزلها بأريزونا، وقامت من خلال تطبيقات “في بي إن” (VPN) وتطبيقات التحكم عن بعد في الحواسيب بإتاحتها للموظفين في كوريا الشمالية، وهذا يوضح مدى تعقيد العملية التقنية التي كانت تديرها لتسهيل عمل القراصنة
بتشغيل تطبيق التحكم عن بعد في الحاسوب الأميركي، يصبح متاحا الوصول إليه من أي حاسوب في العالم، وخلال تلك الفترة كان الموظفون يحضرون اجتماعات “زوم” (Zoom) عن بعد بشكل منتظم، كما يحصلون على رواتبهم أيضا، مما يظهر كيف تمكن القراصنة من الاندماج في بيئة العمل عن بعد بشكل كامل
ظهر النظام المعقد الذي كانت تشابمان تستخدمه لمراقبة الحواسيب وتنظيمها عند زيارة مكتب التحقيقات الفدرالية لها، إذ وجدت الحواسيب موضوعة في أرفف متنوعة مع ملصقات فوق كل حاسوب ورف تشير إلى الموظف والشركة المالكة، وهذا يعكس التنظيم الدقيق والجهد الكبير الذي بذلته تشابمان في إدارة هذه العملية
لم تتوقف العملية الاحتيالية عند مجرد العمل عن بعد في بعض الشركات، إذ احتاج هؤلاء القراصنة لهويات أميركية، لذلك سرقوا هويات العديد من الأميركيين، كما قاموا بتثبيت برامج خبيثة في حواسيب الشركات وخوادمها في بعض الأحيان، مما يشير إلى وجود أهداف أخرى تتجاوز مجرد الحصول على وظائف
ورغم أن تشابمان حاولت استعطاف القاضي عبر ذكر طفولتها الحزينة التي كانت عرضة فيها لعمليات احتيالية وعنف أسري مستمر، فإن هذا لم يسهم في تخفيف الحكم عليها، وهذا يوضح أن المحكمة لم تتأثر بظروفها الشخصية، وركزت على خطورة الجرم الذي ارتكبته
إلى جانب قضاء 8 أعوام ونصف في السجن، يتضمن الحكم على تشابمان التخلي عن أكثر من 284 ألف دولار كانت من نصيب القراصنة في كوريا الشمالية، ودفع 176 ألف دولار من أموالها الخاصة كتعويضات عما قامت به، مما يظهر التكلفة الباهظة التي ستدفعها نتيجة لأفعالها