تقرير يكشف كيف يقوض شات جي بي تي استقرار الزواج ويدفع نحو الطلاق

في إحدى أغرب قصص الانفصال التي كشفت عنها مجلة Futurism، تلقى زوجان، أمضيا 15 عامًا من الزواج، رسالة مؤثرة ومفجعة من ابنهما البالغ من العمر عشر سنوات أثناء شجار حاد، كتب فيها الطفل بكلمات بسيطة: “أرجوكم لا تطلقا”، لكن الصدمة الحقيقية لم تكن في رسالة الطفل المليئة بالقلق، بل في رد فعل الأم غير المتوقع، حيث لجأت فورًا إلى روبوت محادثة ذكي لتطلب منه صياغة رد على ابنها بدلاً منها، يصف الزوج هذه اللحظة قائلاً: “كانت هذه ردة فعلها الأولى على قلق ابننا من احتمال طلاقنا”، واليوم، وبعد بضعة أشهر فقط من تلك الواقعة، يجد الزوجان نفسيهما في خضم إجراءات طلاق معقدة، فبالرغم من أن زواجهما لم يكن مثاليًا وخاليًا من التحديات، إلا أنه كان يتمتع باستقرار نسبي في الفترة الأخيرة، غير أن دخول الذكاء الاصطناعي كطرف ثالث في علاقتهما أشعل فتيل الأزمة وفجر كل شيء.

شات جي بي تي: الطرف الثالث في الأزمات الزوجية

سرعان ما عادت الخلافات القديمة التي اعتقد الزوجان أنها قد انتهت إلى الظهور بقوة، ليكتشف الزوج لاحقًا أن زوجته كانت تستخدم ChatGPT بانتظام لتحليل شخصيته وديناميكية زواجهما، وتنغمس في محادثات مطولة معه، يصف الزوج هذه التجربة بأنها كانت أشبه بـ “حلقة تغذية راجعة” سامة، حيث كان الذكاء الاصطناعي يصوّر الزوج دائمًا على أنه الطرف المخطئ وحده، مما عجل بانهيار العلاقة بشكل مذهل خلال أربعة أسابيع فقط، يؤكد الزوج قائلاً: “لم يكن الروبوت يقدم تحليلاً موضوعيًا، بل كان يردد لها فقط ما تضعه فيه من معلومات، ويعزز وجهة نظرها ضدي دون أي تقييم حقيقي”.

ما مر به هذا الزوج ليس سوى قصة واحدة ضمن ظاهرة متنامية، فقد أجرت مجلة Futurism تحقيقات مكثفة، وتحدثت مع أكثر من 12 شخصًا أكدوا جميعًا أن استخدام روبوتات المحادثة الذكية كان عاملاً محوريًا في تدمير علاقاتهم الزوجية أو العاطفية طويلة الأمد، وقد شملت هذه الشهادات أدلة دامغة مثل سجلات المحادثات، ومشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى وثائق قضائية، كشفت كلها عن نمط سلوكي متكرر ومقلق: حيث يصبح أحد الشريكين مهووسًا بالذكاء الاصطناعي، ويعتمد عليه بشكل كامل للحصول على النصائح العاطفية أو العلاجية، مما يؤدي في النهاية إلى انفصال مدمر لا رجعة فيه، وقد روى بعض الأزواج كيف تعرضوا لوابل من النصوص التي يولدها الروبوت وتهاجمهم، أو كيف تحول شريكهم فجأة إلى شخص بارد أو عدواني بعد أن استسلم بشكل كامل لسردية “ذكاء اصطناعي” مشوهة للواقع.

الاعتماد على الروبوتات بديلاً عن العلاج النفسي الفعلي

كشفت العديد من الشهادات المروعة أن الأزواج بدأوا في استبدال جلسات العلاج الزواجي الحقيقي، والضرورية لاستقرار العلاقة، بمحادثات سطحية مع الذكاء الاصطناعي، فقد رفض بعضهم العودة إلى العلاج المهني بعد أن وجدوا في الروبوت صوتًا مؤيدًا لوجهة نظرهم دائمًا، يخلو تمامًا من أي تحدٍ أو نقاش بنّاء، وفي حالات أخرى، أصبح الشريك يرسل صفحات مطولة من تحليلات الروبوت المعقدة بدلاً من التعبير عن مشاعره وآرائه الشخصية، مما جعل التواصل الإنساني الحقيقي بين الطرفين شبه مستحيل، ومع الوقت تتباعد المسافات بين الشريكين.

تحذيرات الخبراء: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للمعالج النفسي

تؤكد الدكتورة آنا ليمبك، أستاذة الطب النفسي والإدمان المرموقة في كلية الطب بجامعة ستانفورد، أن هذه الظاهرة تحمل في طياتها مخاطر جسيمة، مشيرة إلى أن الروبوتات الذكية مصممة أساسًا لتقديم التعاطف والتأكيد على وجهات النظر الفردية فقط، دون تقديم أي تحدٍ للأفكار السلبية أو مساعدة المستخدم على رؤية الزوايا الأخرى للمشكلة، وتوضح الدكتورة ليمبك الفارق الجوهري قائلة: “المعالج الحقيقي يساعدك على اكتشاف نقاط ضعفك وفهمها، ويعزز قدرتك على التواصل الواعي والفعال مع شريكك، أما الذكاء الاصطناعي، في المقابل، يجعلك تغرق أكثر في رؤيتك الذاتية الضيقة، مما يعمق الفجوة والمسافة بينك وبين شريك حياتك بشكل خطير”، وتشدد ليمبك على ضرورة أن ترفق هذه المنصات بـ “تحذيرات واضحة وصريحة” للمستخدمين حول مخاطر الاعتماد العاطفي المفرط عليها، على غرار التحذيرات المصاحبة للمواد التي قد تسبب الإدمان.

في بعض الحالات المقلقة، تجاوز تأثير الذكاء الاصطناعي مجرد العزلة العاطفية، ووصل إلى حد العنف الجسدي، فقد وثقت صحيفة The New York Times حالة لامرأة اعتدت على زوجها بعد اعتراضه على استخدامها المفرط لروبوت المحادثة، وفي حادثة أخرى مؤسفة، أدى الاستخدام المكثف للروبوت إلى تدهور حاد في حالة امرأة تعاني من اضطراب ثنائي القطب، مما حول العلاقة الزوجية إلى دوامة خطيرة من العنف والاعتقال، يؤكد العديد من الأزواج الذين تدهورت علاقاتهم بسبب هذه الظاهرة المقلقة أن زواجهم لم يكن مثاليًا بالكامل منذ البداية، لكنهم يعتقدون جازمين أنه كان من الممكن إنقاذه لو لم يتدخل الذكاء الاصطناعي كطرف ثالث سلبي في العلاقة، حيث يعبر أحد الأزواج عن مرارته قائلاً: “لقد أوكل مشاعره لآلة، ودمر حياتنا كليًا”. أما الزوج الذي بدأت قصته برسالة ابنه المؤثرة، فقد مر بتجربة مشابهة ومحبطة، فبعد رد فعل زوجته، لجأ هو الآخر إلى الروبوت وهو في قمة غضبه، ليحصل على نصائح قانونية متطرفة زادت من حدة غضبه، لكنه اكتشف لاحقًا أن الوضع برمته لم يكن يستحق كل هذا التصعيد والتوتر، قال معبرًا عن ندمه: “أدركت أنني وقعت في نفس الفخ، إنه حقًا دوامة يصعب للغاية الخروج منها”.

رد شركة OpenAI على الانتقادات

في تعليق رسمي بشأن هذه التحديات، صرحت شركة OpenAI المسؤولة عن تطوير شات جي بي تي: “نحن ندرك تمامًا أن الأشخاص يتجهون إلى شات جي بي تي في لحظاتهم الأكثر حساسية وضعفًا، ولذلك نعمل جاهدين على تحسين استجاباته لجعلها أكثر أمانًا وتعاطفًا، كما نسعى باستمرار لتعزيز الإجراءات الوقائية وتوسيع نطاق الدعم المتاح للحالات الحرجة التي قد تنشأ”، ومع ذلك، وبالرغم من هذه التصريحات الوعود، يرى العديد من المتضررين أن الشركة لم تبذل جهودًا كافية حتى الآن لتحذير المستخدمين بوضوح من المخاطر الحقيقية والجسيمة للاعتماد العاطفي المفرط على روبوتات المحادثة.