«ملاذ الذهب يتألق» المعدن الأصفر يقفز 1660 جنيهًا منذ بداية العام في مصر ومستقبله تحت الأضواء مع استمراره في تحقيق مكاسب عالمية للأسبوع الثامن

تشهد أسعار الذهب، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، موجة صعود مستمرة، وفقًا لما أفادت به منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات. فقد شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا بنسبة 3.5% الأسبوع الماضي، بينما سجلت الأوقية العالمية قفزة بنسبة 3.4%، محققةً بذلك مكاسبها الأسبوعية الثامنة على التوالي، مدفوعةً بزخم استثماري متزايد وتوقعات قوية بشأن استمرار دورة خفض أسعار الفائدة الأمريكية في المستقبل القريب.

ارتفاعات قياسية في أسعار الذهب محليًا وعالميًا

صرح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، بأن السوق المحلية شهدت ارتفاعًا في سعر جرام الذهب بنحو 180 جنيهًا الأسبوع الماضي، بينما قفز سعر الأوقية عالميًا بمقدار 131 دولارًا. وقد أظهرت البيانات تفاصيل هذه الارتفاعات على النحو التالي:

المؤشرسعر الافتتاحأعلى مستوىسعر الإغلاقالارتفاع الأسبوعي
جرام الذهب عيار 21 (محليًا)5220 جنيهًا5450 جنيهًا5400 جنيهًا180 جنيهًا
الأوقية العالمية للذهب3886 دولارًا4060 دولارًا4017 دولارًا131 دولارًا

أسعار أعيرة الذهب المختلفة والجنيه الذهب

وفي سياق متصل، أضاف إمبابي تفاصيل حول أسعار الأعيرة المختلفة للذهب، بالإضافة إلى سعر الجنيه الذهب، حيث جاءت الأسعار كالتالي:

العيار / النوعالسعر (جنيه مصري)
عيار 246171
عيار 184629
عيار 143600
الجنيه الذهب43,200

تأكيد الاتجاه الصاعد: مكاسب الذهب منذ بداية العام

أفاد تقرير «آي صاغة» بأن أسعار الذهب في الأسواق المحلية سجلت ارتفاعًا ملحوظًا بنحو 1660 جنيهًا، أي بنسبة 44.4%، منذ مطلع يناير الماضي، حيث بدأ جرام الذهب عيار 21 العام عند مستوى 3740 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، زادت الأوقية بمقدار 1393 دولارًا، وبنسبة 53% خلال الفترة ذاتها، مما يؤكد قوة الاتجاه الصاعد والمستمر للذهب على المستويين المحلي والعالمي.

تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على أسعار الذهب المحلية

أفاد التقرير بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المحلي اليوم الأحد، متجاوزًا 48 جنيهًا بزيادة قدرها 51 قرشًا. وأوضح سعيد إمبابي أن هذا الارتفاع سيؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب المحلية، متوقعًا زيادات جديدة بدءًا من تعاملات يوم الإثنين، حيث أن كل تحرك بقيمة 10 قروش في سعر صرف الدولار غالبًا ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب بما يتراوح بين 9 و 11 جنيهًا، تبعًا لتحركات البورصة العالمية.

الذهب يحافظ على زخمه الصعودي القياسي عالميًا

واصل الذهب رحلته القياسية هذا الأسبوع، متجاوزًا عتبة 4000 دولار للأوقية للمرة الأولى في تاريخه، مسجلًا بذلك مكاسبه الأسبوعية الثامنة على التوالي. وقد جاء هذا الصعود نتيجة لموجة شرائية قوية من جانب المستثمرين وصناديق الاستثمار، حيث بدأت التعاملات عند 3886 دولارًا للأوقية، ثم شهد المعدن النفيس سلسلة من الارتفاعات المتتالية، وصولًا إلى 3962 دولارًا، قبل أن يخترق حاجز 4000 دولار مساء الثلاثاء مع نشاط الأسواق الآسيوية، ليواصل صعوده إلى 4050 دولارًا صباح الأربعاء، ويلامس ذروته عند 4060 دولارًا للأوقية.

وبالرغم من تصحيح محدود شهدته الأسعار قرب نهاية الأسبوع، لتتراجع إلى 3950 دولارًا للأوقية، إلا أنها سرعان ما استعادت توازنها لتغلق فوق 4000 دولار في جلسة الجمعة، مؤكدة بذلك استمرارية الطلب القوي والميل الشرائي في السوق. وقد جاء هذا الأداء القوي بعد فترة وجيزة من جني الأرباح أعقبت اتفاق الهدنة في غزة، لتعود الأسعار للصعود مدفوعةً بعدة عوامل، أبرزها تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، بالإضافة إلى تزايد التوقعات بشأن التيسير النقدي من الاحتياطي الفيدرالي، الأمر الذي عزز دور الذهب كملاذ استثماري آمن في ظل الضبابية الاقتصادية.

العوامل الجيوسياسية تدعم جاذبية الذهب كملاذ آمن

لعبت التوترات السياسية والتجارية دورًا محوريًا في تعزيز موجة الصعود الأخيرة لأسعار الذهب. فقد أسهمت تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية على الصين، إلى جانب استمرار الجمود السياسي والإغلاق الحكومي في واشنطن، في تجدد حالة النفور من المخاطرة في الأسواق العالمية، مما دفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا.

تفاقم القلق العالمي إثر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي حذّر فيها من فرض تعريفات جديدة على الواردات الصينية. وقد ردت بكين بتهديد مماثل بفرض قيود على تصدير المعادن النادرة، بينما أعلن ترامب عدم نيته لقاء نظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، مما يعكس تصاعدًا في التوتر الدبلوماسي. هذا الوضع في الداخل الأمريكي، المتمثل في استمرار الإغلاق الحكومي، يضعف ثقة المستثمرين ويدفعهم نحو الذهب.

وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، أظهرت جامعة ميشيجان استقرارًا في ثقة المستهلك الأمريكي لشهر أكتوبر، على الرغم من الإغلاق الجزئي للحكومة. وينتظر المستثمرون بفارغ الصبر بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر، التي سيصدرها مكتب إحصاءات العمل الأمريكي يوم الجمعة المقبل، والتي يُتوقع أن تكون حاسمة في تحديد مسار التضخم والسياسة النقدية المستقبلية.

اضطرابات سياسية في أوروبا وآسيا تعزز مكانة الذهب كملاذ آمن

لا تقتصر العوامل الداعمة لجاذبية الذهب على التوترات الأمريكية-الصينية، بل تمتد لتشمل الأزمات السياسية في فرنسا واليابان، التي زادت من حالة القلق العالمي. ففي فرنسا، أشارت وكالة رويترز إلى أن رفض الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين رئيس وزراء يساري، رغم الضغوط، أثار غضب المعارضة ودفع بعض قادتها للمطالبة بانتخابات تشريعية مبكرة أو استقالة الرئيس.

وفي اليابان، تسود حالة من عدم اليقين السياسي بشأن ترشح ساناي تاكايتشي لتصبح أول رئيسة وزراء للبلاد، وذلك بعد انهيار التحالف التاريخي بين الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو، على خلفية فضيحة تمويل سياسي استمرت لأكثر من عامين. ومن المتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية في النصف الثاني من أكتوبر الجاري، مما يضيف إلى حالة عدم الاستقرار.

تحركات مؤشرات السوق الأمريكية وتصريحات الاحتياطي الفيدرالي

شهدت مؤشرات السوق الأمريكية بعض التحركات اللافتة، حيث تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.43% ليلامس مستوى 98.97 نقطة. كما انخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بتسع نقاط أساس، مسجلًا 4.048%، بينما تراجعت العائدات الحقيقية، التي غالبًا ما ترتبط عكسيًا بأسعار الذهب، بنحو تسع نقاط ونصف لتصل إلى 1.708%.

من جانبه، صرح ألبرتو موساليم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، بأن أهداف الفيدرالي تسير في مسار “متوتر”، مشيرًا إلى أن التضخم لا يزال مرتفعًا على الرغم من ظهور بعض مؤشرات الضعف في سوق العمل. وأوضح أن السياسة النقدية الحالية تتأرجح بين التقييدية والحيادية، في حين تبقى الأوضاع المالية العامة متساهلة نسبيًا، مما يعكس تحديات معقدة أمام صناع القرار.

توقعات مستقبلية واعدة لأسعار الذهب

تعززت التوقعات الإيجابية لأسعار الذهب المستقبلية، فقد قام بنك جولدمان ساكس برفع توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 من 4300 دولار إلى 4900 دولار للأوقية. ويستند هذا التعديل إلى توقعات بتدفقات قوية نحو صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) واستمرار مشتريات البنوك المركزية بوتيرة مرتفعة، مشيرًا إلى أن فرص استمرار الصعود تفوق مخاطر الهبوط في المدى المتوسط.

وفي سياق متصل، تُشير بيانات الأسواق، وفقًا لأداة Prime Market Terminal المتخصصة في رصد توقعات أسعار الفائدة، إلى احتمال كبير بنسبة 94% بأن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه المرتقب في 29 أكتوبر الجاري، وهو ما يُعد عاملًا داعمًا إضافيًا لجاذبية الذهب.

صناديق الذهب تسجل تدفقات قياسية

أكد مجلس الذهب العالمي في تقريره الشهري أن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) شهدت تدفقات قياسية خلال الربع الثالث من العام الحالي، مع استحواذ شهر سبتمبر وحده على أكثر من 60% من إجمالي هذا النشاط. وقد بلغت التدفقات نحو 145.6 طنًا من الذهب، بقيمة تتجاوز 17.3 مليار دولار خلال الشهر الماضي، بينما ارتفعت الحيازات الإجمالية خلال الربع الثالث بمقدار 221.7 طنًا، أي ما يعادل نحو 26 مليار دولار.

وأشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع القياسي في الأسعار دفع قيمة الأصول المدارة إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، بالرغم من أن الحيازات المادية لا تزال أقل بنسبة تقل عن 2% من ذروتها المسجلة في نوفمبر 2020. وفي تقرير منفصل، حذر المجلس من أن الطلب الاستثماري القوي الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار الشهر الماضي قد يدفع السوق نحو منطقة تشبع شرائي، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن العوامل الأساسية لا تزال داعمة لأسعار الذهب حتى نهاية العام الجاري.