«بين المطرقة والسندان» صعود الذهب يهدد أرباح الصائغ وأزمة تواجه المُنتجين

شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية عام 2025، حيث قفزت بنسبة مذهلة بلغت 50%، مما جعل الذهب يتصدر قائمة الأصول الآمنة الأكثر ربحية خلال هذه الفترة، ومع هذا الارتفاع الصاروخي، يتبادر إلى الأذهان سؤال محوري يطرح نفسه بقوة على الساحة الاقتصادية: هل هذا الارتفاع في أسعار الذهب يصب في مصلحة الشركات المصنعة للمجوهرات والمنتجات الذهبية، ويترجم إلى أرباح وعوائد إضافية، أم أنه يشكل ضغطًا كبيرًا على هوامش أرباح هذه الشركات والمنتجين؟ دعونا نتعمق في التفاصيل ونستكشف آراء الخبراء والمحللين في هذا الشأن.

صعود الذهب: نعمة أم نقمة على المصنعين؟

الارتفاع الكبير في أسعار الذهب العالمية، والذي تجاوز حاجز الـ 4000 دولار، بل وتشير توقعات العديد من المؤسسات المالية الكبرى، وعلى رأسها بنك أوف أمريكا وجولدمان ساكس، إلى إمكانية وصول الذهب إلى مستويات تتراوح بين 4900 و 5000 دولار في عام 2026، يمثل تحديًا كبيرًا للشركات المصنعة للمجوهرات والمنتجات الذهبية، حيث يضغط على تكلفة المواد الخام، ونتيجة لذلك، بات الذهب يشكل عبئًا على المصنعين، على عكس ما قد يتوقعه البعض، فالارتفاع في تكلفة الإنتاج يقلص هوامش الأرباح، كما أن الوصول إلى مستويات سعرية قياسية يجعل من الصعب رفع هوامش الربح، خشية التأثير سلبًا على معدلات الطلب، خاصة على المجوهرات والمشغولات الذهبية.

السبائك الذهبية: تحدٍ يلوح في الأفق

مع صعود أسعار الذهب، يتجه المستهلكون بشكل متزايد إلى اعتباره وسيلة للادخار والاستثمار بدلًا من الزينة، وهو الدور الذي تلعبه المشغولات الذهبية، وبالتالي، يزداد الإقبال على شراء سبائك الذهب كخيار استثماري وادخاري آمن، ومن المعروف أن هامش الربح في سبائك الذهب، بالنسبة للمصنعين والشركات وحتى الورش الصغيرة، أقل بكثير مقارنة بالمشغولات الذهبية، التي تتيح هامش ربح معقول بفضل قيمة “المصنعية” المضافة، ونتيجة لذلك، فإن زيادة الطلب على سبائك الذهب على حساب المشغولات الذهبية، تزامنًا مع الارتفاع في أسعار الذهب وتكلفة إنتاج المشغولات، يشكل تحديًا كبيرًا لأرباح المصنعين.

تأثير ارتفاع أسعار الذهب على المستهلكين والمصنعين

الارتفاع المتزايد في أسعار الذهب يؤثر على كل من المستهلكين والمنتجين على حد سواء، فبالنسبة للمستهلكين، يعني ذلك ارتفاع أسعار المجوهرات والمشغولات الذهبية، مما قد يقلل من القدرة الشرائية ويثبط الطلب، أما بالنسبة للمصنعين، فيعني ارتفاع تكاليف الإنتاج وتضاؤل هوامش الأرباح، مما يضطرهم إلى البحث عن حلول مبتكرة لتقليل التكاليف والحفاظ على القدرة التنافسية، ومن بين هذه الحلول، قد يلجأ المصنعون إلى استخدام تقنيات تصنيع جديدة، أو البحث عن مصادر بديلة للذهب بأسعار أقل، أو التركيز على إنتاج مجوهرات بتصاميم مبتكرة تجذب المستهلكين على الرغم من ارتفاع الأسعار.

نظرة مستقبلية على سوق الذهب

بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يستمر الذهب في لعب دور مهم كأصل آمن وملاذ للمستثمرين في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي التي يشهدها العالم، ومع ذلك، يجب على الشركات المصنعة للمجوهرات والمنتجات الذهبية أن تتكيف مع التغيرات في السوق وأن تتبنى استراتيجيات جديدة لضمان استمراريتها وربحيتها، وقد تشمل هذه الاستراتيجيات تنويع المنتجات والخدمات، والتوسع في أسواق جديدة، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى بناء علاقات قوية مع العملاء والموردين، وفي النهاية، فإن القدرة على التكيف والابتكار ستكون العامل الحاسم في نجاح الشركات في سوق الذهب المتغير باستمرار.