شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم، لتسجل مستويات قياسية جديدة لم تشهدها منذ أكثر من أربعة عقود، مدفوعة بتجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، بالإضافة إلى تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، وكل ذلك يعزز الطلب على الملاذات الآمنة، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث.
يُظهر التقرير تفاصيل الأسعار على النحو التالي:
البيان | القيمة |
---|---|
جرام الفضة عيار 800 | 74 جنيهًا. |
جرام الفضة عيار 925 | 86 جنيهًا. |
جرام الفضة عيار 999 | 93 جنيهًا. |
جنيه الفضة عيار 925 | 664 جنيهًا. |
أوقية الفضة عالميًا | نحو 52 دولارًا (الأعلى منذ عام 1980). |
أوقية الذهب عالميًا | تجاوزت 4100 دولار (رقم قياسي جديد). |
أزمة سيولة في لندن تدفع الأسعار للانفجار
ووفقًا لتقرير «بلومبرج»، فقد تسبّب شح السيولة في سوق لندن في تفاقم ما يُعرف بـ«الضغط القصير» على مراكز الفضة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بوتيرة غير مسبوقة، وأطلق موجة من عمليات البحث العالمية عن السبائك الفعلية لتغطية الطلب المتزايد.
وأشار التقرير إلى أن الفجوة السعرية الكبيرة بين سوقي لندن ونيويورك دفعت بعض المتداولين إلى اتخاذ خطوة غير معتادة، تمثّلت في نقل سبائك الفضة جوًا عبر الأطلسي، وذلك للاستفادة من فارق الأسعار الكبير، علمًا بأن هذه العملية عادة ما تُخصّص لنقل الذهب فقط نظرًا لتكلفتها المرتفعة.
الإغلاق الحكومي الأمريكي يزيد الضبابية
يأتي هذا الارتفاع في وقتٍ حرج، حيث يدخل الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الثالث، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب تسريح عدد من الموظفين الفيدراليين، مما عمّق الخلاف القائم بين الجمهوريين والديمقراطيين حول موازنة الحكومة.
ويرى مراقبون أن هذا الإغلاق مرشح للاستمرار، في ظل تمسك الديمقراطيين بمطالبهم بتمديد دعم التأمين الصحي، ورفضهم التصويت على إعادة فتح الحكومة دون تفاوض مباشر.
تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين
على الصعيد الدولي، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا حذرًا على التفاوض مع الصين، لكنها اعتبرت القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة «عقبة رئيسية» أمام استئناف الحوار الفعال.
وكانت الصين قد أعلنت مؤخرًا رسومًا جمركية جديدة على السفن الأمريكية، وفتحت تحقيقات ضد شركة كوالكوم، ما أثار مخاوف من عودة حرب تجارية واسعة النطاق قد تؤثر سلبًا على نمو الاقتصاد العالمي برمته.
النفط يتراجع مع تفاقم الحرب التجارية
تراجعت عقود خام نايمكس الأمريكي بأكثر من 3 دولارات للبرميل يوم الجمعة، لتسجل أدنى مستوى لها في أربعة أشهر ونصف، قرب 58 دولارًا، قبل أن ترتد قليلًا لتصل إلى 59.75 دولارًا.
ويُعزى هذا الهبوط إلى المخاوف المتزايدة من تباطؤ الطلب العالمي بفعل الحرب التجارية، وزيادة الإمدادات من منتجي «أوبك» وخارجها، إلى جانب تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد تقدم المفاوضات بشأن هدنة في غزة.
توقعات إيجابية للفضة ومخاطر محدودة على المدى القصير
صرح بنك جولدمان ساكس في مذكرة بحثية له، أن أسعار الفضة مرشحة للارتفاع على المدى المتوسط، مدعومة بتدفقات الاستثمار الخاص والطلب الصناعي القوي، لكنه حذّر في الوقت ذاته من تقلبات مرتفعة ومخاطر تصحيح قصيرة الأجل مقارنة بالذهب.
في المقابل، ارتفع الذهب بنحو 53% منذ بداية العام، مدعومًا بمشتريات البنوك المركزية الكبيرة، وتزايد استثمارات صناديق المؤشرات، وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية، فضلًا عن حالة عدم اليقين الاقتصادي الناتجة عن الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية.
وتُظهر أدوات «CME FedWatch» أن الأسواق تتوقع باحتمالية شبه مؤكدة خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس في شهر أكتوبر، يليه خفض مماثل في ديسمبر، بينما يترقب المستثمرون خطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول المقرر يوم الثلاثاء لتأكيد هذا الاتجاه.
الفضة: النسخة عالية الحساسية من الذهب
من جانبه، وصف ساكسو بنك في تقرير بحثي له الفضة بأنها باتت تُعد «النسخة عالية بيتا من الذهب»، أي أنها تتحرك في الاتجاه نفسه ولكن بحدة أكبر في كل من المكاسب والخسائر.
وتوقع البنك أن تواصل الفضة صعودها لتصل إلى 100 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدعومة بالطلب الصناعي المتنامي، والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
ويرى محللون أن مستوى 50 دولارًا يمثل حاجزًا نفسيًا قويًا في السوق، لكنه ليس سقفًا نهائيًا، خاصة مع وصول الذهب إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 4100 دولار للأوقية.
المشهد العام: الفضة تعود إلى صدارة المعادن
يؤكد مركز «الملاذ الآمن» أن الفضة تعيش مرحلة تاريخية جديدة، حيث تجتمع فيها عناصر رئيسية تتمثل في الطلب الصناعي القياسي، والعجز في المعروض، والتحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي.
وفي وقتٍ يتجه فيه المستثمرون تقليديًا إلى الذهب كملاذ آمن، تبدو الفضة اليوم اللاعب الأقوى في مشهد المعادن النفيسة لعام 2025، مع توقعات بمزيد من المكاسب إذا استمرت السياسات النقدية التيسيرية والاضطرابات الاقتصادية العالمية.