«تحقيق إيطاليا المكاسب الذهبية في عصر الأسعار المتزايدة» كيف نجحت سياسة البلاد في الاستفادة من ارتفاع أسعار المعدن الثمين؟

تواجه إيطاليا، التي لطالما كانت تحت وطأة أزمات السوق المالية بسبب أصولها السيادية، تحولًا ملحوظًا الآن مع قفز احتياطي الذهب الكبير لدى البنك المركزي إلى مستويات غير مسبوقة.

يمتلك بنك إيطاليا اليوم ثالث أكبر احتياطي للذهب على مستوى العالم، بعد الولايات المتحدة وألمانيا، حيث تقدر قيمة احتياطياته البالغة 2452 طنًا إذ تبلغ نحو 300 مليار دولار بأسعار السوق الحالية، ما يعادل حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2024، وفقًا لوكالة «رويترز».

كيف نجت إيطاليا من ارتفاع المعدن الأصفر؟

تشكلت سياسة إيطاليا تجاه الذهب مؤخرًا نتيجة تجربتها في الحرب، حيث استولت القوات النازية، بالتعاون مع النظام الفاشي، على 120 طنًا من احتياطيات البلاد، لينخفض هذا الرقم إلى حوالي 20 طنًا في نهاية الحرب.

بعد الحرب العالمية الثانية، عانت إيطاليا من فترة اقتصادية تعرف بـ “المعجزة الاقتصادية”، وقد بدأت في التحول إلى اقتصاد يعتمد على التصدير، وتدفقت العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي، مما دفعها لتحويل جزء كبير منها إلى ذهب، وفقًا لموقع بنك إيطاليا، حيث ارتفعت احتياطيات الذهب إلى 1400 طن بحلول عام 1960، بما في ذلك استعادة ثلاثة أرباع السبائك المصادرة في عام 1958.

أثرت الصدمات النفطية في السبعينيات على الوضع الاقتصادي العالمي، مما نتج عنه تضاعف الاضطرابات الاجتماعية وتغيرات متكررة في الحكومة، أي أن المستثمرين اعتبروا تلك الأوقات محفوفة بالمخاطر، كما استخدمت روما 41.300 سبيكة من احتياطيات الذهب كضمان لقرض بقيمة ملياري دولار من البنك المركزي الألماني عام 1976، لسد العجز الناجم عن هروب رؤوس الأموال.

وعلى النقيض من بريطانيا أو إسبانيا، تمتعت إيطاليا برؤية مختلفة، إذ رفضت بيع ذهبها خلال فترات الركود المالي، بل حافظت على احتياطياتها حتى خلال أزمة الديون عام 2008، حيث كتب سلفاتوري روسي، نائب محافظ بنك إيطاليا السابق، في كتابه “أورو” (الذهب) الصادر عام 2018: “الذهب يشبه أدوات المائدة العائلية، كساعة الجد الثمينة، إنه الملاذ الأخير في أوقات الأزمات، عندما تتزعزع الثقة الدولية بالبلاد”.

ومع استمرار اعتباره ملاذًا أخيرًا، عادت البنوك المركزية حول العالم لتكديس احتياطيات الذهب في وجه إعادة تشكيل النظام العالمي، حيث يحتفظ بنك إيطاليا حاليًا بنحو 871.713 قطعة نقدية ذهبية، تزن حوالي 4.1 طن داخل خزائنه.

شكل الذهب حوالي 75% من احتياطيات إيطاليا الرسمية بنهاية العام الماضي، وهي نسبة تتجاوز بكثير 66.5% من احتياطيات منطقة اليورو، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، حيث يُخزن نحو 1100 طن في قبو تحت مقر بنك إيطاليا في قصر كوخ، وهو قصر تاريخي في روما.

يُذكر أن إيطاليا تُعد واحدة من أكبر مصدري المجوهرات الذهبية في العالم، وتضم علامات تجارية فاخرة مثل بولغاري وبوتشيلاتي ودامياني شهرة عالمية.