أردوغان وترامب في التعامل مع المرأة من الأذكى سياسيا

شغل مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع الرأي العام، حيث ظهر فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يتحادث مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وذلك على هامش قمة شرم الشيخ الدولية للسلام بشأن غزة، والتي كانت ميلوني المشاركة النسائية الوحيدة فيها، وقد أثار هذا الفيديو جدلًا واسعًا بعد أن نصحها أردوغان بالتوقف عن التدخين بقوله: “رأيتك تنزلين من الطائرة، كنتِ تبدين رائعة، لكن عليّ أن أجعلك تتوقفين عن التدخين”.

ماذا كان رد ميلوني على أردوغان؟ ابتسامة تكشف المقصود

لم تُجب ميلوني على ملاحظة أردوغان لفظيًا سوى بابتسامة خفيفة، مصحوبة بكلمات موجزة: “أعلم، أعلم، لا أريد قتل أحد”، مبرزة بذلك روح الدعابة واللباقة في تعاملها مع النصيحة المباشرة التي وُجّهت إليها.

في سياق متصل، تداول مستخدمو الإنترنت مقطعًا آخر من القمة ذاتها، يظهر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يتردد في الإشادة بجمال ميلوني أمام الحضور، مصرّحًا: “ليس من حقي قول ذلك، لأنه عادة ما تنتهي حياتك المهنية إذا قلت ذلك، لكنها امرأة جميلة”، ثم أردف مبتسمًا: “هل يزعجك إن قلت إنك جميلة؟ لأن ذلك صحيح”.

لقطة ترامب وميلوني تُثير جدلًا حول آداب البروتوكول

في موقف ترامب، اكتفت ميلوني بالابتسامة فقط، وهو ما يُعد ردًا دبلوماسيًا معتادًا بين السياسيين في المناسبات الرسمية، إذ يعكس هذا الرد القدرة على التحكم بالانطباع الشخصي والالتزام ببروتوكول اللباقة دون الخوض في تفاصيل شخصية، تحمل هذه الابتسامة المقتضبة رسالة ضمنية مفادها: “لقد سمعتك، لكنني لن أنخرط في هذا السياق”، ويُعد هذا أسلوبًا فعالًا لتجنب الإحراج والحفاظ على توازن الموقف أمام الحضور والكاميرات.

بين المزاح والنقد والمجاملة، أثارت هاتان اللقطتان نقاشًا واسع النطاق حول أساليب التعامل مع السيدات، وضوابط المجاملة المقبولة في السياقات الرسمية والعامة، لا سيما عندما تصدر من شخصيات عامة أو في مناسبات سياسية رفيعة المستوى، وقد أبدى مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي اهتمامًا كبيرًا بمشاهدة هذه اللقطات، وقدموا ملاحظاتهم حول أسلوب كل رئيس، مما جعلها محورًا للنقاش حول آداب التعامل مع السيدات في المحافل الرسمية.

أردوغان نصيحة لبقة.. وترامب إطراء يخرق البروتوكول؟

يرى خبراء السلوك أن الاختلاف بين الموقفين وإن بدا بسيطًا، إلا أنه جوهري؛ فقد اختار أردوغان أسلوب النصيحة المبطنة بمجاملة، محافظًا على حدود اللباقة، في حين لجأ ترامب إلى الإطراء المباشر الذي قد يُعتبر مقبولًا في بعض الثقافات، لكنه قد يُفسّر على أنه تجاوز للبروتوكول في ثقافات أخرى.

يرجح المتخصصون في فن الإتيكيت أن التعبير عن الإعجاب بامرأة، لا سيما في محفل رسمي، ينبغي أن ينصب على الصفات المهنية أو السلوك، وليس على المظهر الخارجي، فعلى سبيل المثال، بدلًا من قول “أنتِ جميلة”، يُفضّل استخدام عبارات مثل “أعجبني حضورك القوي” أو “أسلوبكِ في الحوار ذكي ولطيف”.

ولتجنب المواقف المحرجة، نستعرض فيما يلي 5 قواعد أساسية لضمان التحدث مع امرأة بأسلوب يحترم جمالها وشخصيتها:

1- احترم الحدود الشخصية، لا تعلق على العادات أو المظهر إلا إذا كان الموقف يستدعي ذلك، وبطريقة مهذبة وغير علنية.

2- اجعل المديح موضوعيًا، امدح المجهود أو طريقة الأداء أو الفكرة، وليس الشكل الخارجي.

3- اختر الوقت والمكان المناسبين، فالملاحظات أو النصائح الشخصية لا تُقال أمام الحضور أو الكاميرات.

4- استخدم لغة متوازنة، تجنب الأوامر القاطعة مثل “توقفي”، ولا تبالغ في التعبيرات العاطفية مثل “جميلة جدًا” في اللقاءات الرسمية.

5- اجعل هدفك بناء الثقة، فالكلمة التي تترك انطباعًا محترمًا تدوم أطول من المزحة أو المجاملة العابرة.

في الختام، يتضح أن القاسم المشترك بين أردوغان وترامب في هذه الواقعة هو رغبة كل منهما في ترك انطباع إيجابي لدى المرأة الوحيدة المشاركة في القمة، غير أن الأسلوب المستخدم هو ما أحدث الفارق الجوهري بين “مجاملة لبقة” و”عبارة قد تتسبب في إحراج”.