«أفق واعد» السودان وروسيا ترسمان ملامح شراكة استراتيجية لإعمار ما بعد الحرب

كشفت الحكومة السودانية، وفقًا لسودافاكس، عن بدء تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة مع روسيا، تهدف إلى تحديث قطاع الطاقة الكهربائية والبنية التحتية الصناعية في البلاد، وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي السودان الحثيثة لإعادة الإعمار بعد الدمار الهائل الذي لحق بمرافقه الأساسية جراء الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023.

تعزيز قطاع الكهرباء عبر الشراكة السودانية الروسية

أفاد وزير الطاقة والنفط السوداني، المعتصم إبراهيم، في تصريحات أدلى بها لصحيفة إزفستيا الروسية، بأن الشركات الروسية ستضطلع بدور محوري في استعادة وتشغيل محطات الطاقة الكهرومائية، بالإضافة إلى تطوير شبكات الكهرباء الوطنية، ومن المتوقع أن تسهم هذه الجهود في زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة بنسبة تتراوح بين 20% و30%، مما يعزز استقرار الإمدادات الكهربائية ويحسن جودة الخدمات المقدمة في كافة الولايات السودانية.

وبيّن الوزير أن العاصمتين، موسكو والخرطوم، قد بدأتا فعليًا بتبادل البيانات الفنية اللازمة لصياغة اتفاقيات التعاون المستقبلية، مؤكدًا أن الشركات الروسية تعمل حاليًا على تقييم البنية التحتية القائمة، وتحديد أولويات التطوير، تمهيدًا لبدء التنفيذ العملي للمشاريع خلال الفترة القادمة.

مشاريع الطاقة والنفط: ركيزة أساسية للشراكة

ولفت إبراهيم إلى أن نطاق التعاون يتسع ليشمل الاستثمار في قطاع النفط والغاز، وتطوير حقول جديدة إضافة إلى الحقول القائمة، مشيرًا إلى أن شركة غازبروم الروسية أبدت استعدادها الكامل للمساهمة في هذه المشاريع الحيوية، كما ستشمل الاتفاقيات المرتقبة تنفيذ مشاريع للطاقة الكهرومائية والحرارية في إطار تحديث سد مروي ومحطتي الروصيرص وسنار، بالإضافة إلى تطوير مشاريع البنية التحتية الصناعية.

آلية تسوية بالعملات المحلية لتعزيز التبادل التجاري

في سياق متصل، صرّح وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، بأن محادثات مكثفة تجري حاليًا بين البنكين المركزيين في السودان وروسيا، بهدف إنشاء آلية تسوية مالية تعتمد على استخدام العملات الوطنية، ويهدف ذلك إلى دفع عجلة التعاون الاقتصادي قدمًا، والحد من الاعتماد على العملات الأجنبية في التبادلات التجارية بين البلدين.

وأكد الوزير على أن الحكومة السودانية تنظر إلى روسيا كشريك استراتيجي رئيسي في عملية إعادة بناء الاقتصاد السوداني، وتسعى جاهدة لإشراك الشركات الروسية في قطاعات حيوية مثل الطاقة، الصناعة، الموانئ، والسكك الحديدية، وذلك ضمن خطة وطنية شاملة لإعادة الإعمار.

استثمارات روسية لدعم وتطوير البنية التحتية

وبحسب تقرير صحيفة إزفستيا، تتضمن المخططات الجديدة استثمارًا في تطوير ما يزيد عن 20 حقلاً نفطيًا في مناطق سودانية مختلفة، منها البحر الأحمر والمناطق الغربية، إضافة إلى تنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة، ويهدف هذا التعاون إلى سد النقص الحاد في إمدادات الكهرباء، الذي نجم عن تضرر البنية التحتية بسبب الصراع، وتحقيق تنويع استراتيجي في مصادر الطاقة لتلبية المتطلبات المتزايدة للسكان والقطاع الصناعي.

تحديث المحطات الكهرومائية: أولوية وطنية

يعتمد السودان بشكل كبير حاليًا على الطاقة الكهرومائية لتوليد ما يقرب من 70% من إجمالي احتياجاته، مما يضع تحديث المحطات القائمة على رأس أولوياته الاستراتيجية، ويرى الخبراء أن هذه الشراكة مع روسيا توفر للسودان فرصة ذهبية للاستفادة من التكنولوجيا الروسية المتقدمة، وذلك لرفع كفاءة توليد الطاقة وزيادة القدرة الإنتاجية، وهو ما سينعكس إيجابًا على تقليل الانقطاعات وتحسين الأداء العام للشبكة الكهربائية.

الأهمية الاستراتيجية للشراكة بين الخرطوم وموسكو

أوضحت الصحيفة الروسية أن الشراكة الجديدة تعمل على تعزيز المصالح الاستراتيجية لروسيا في منطقة البحر الأحمر، كما تمنح موسكو فرصًا للوصول إلى الموارد الطبيعية السودانية، ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطط في تحقيق استقرار الأوضاع الاقتصادية، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، خصوصًا مع العودة الجزئية للحكومة السودانية إلى العاصمة الخرطوم وتوسع نطاق سيطرتها تدريجيًا.

علاقات تاريخية تمتد لعقود بين البلدين

تمتد العلاقات الدبلوماسية بين السودان وروسيا إلى عام 1956، وقد شهدت العقود الماضية تعاونًا وثيقًا في قطاعات حيوية مثل الدفاع، الطاقة، والتعدين، ويُعد الاتفاق الراهن امتدادًا طبيعيًا لتلك الروابط التاريخية، ويأتي في وقت تسعى فيه الخرطوم جاهدة لتنويع شركائها الدوليين، والانفتاح على الاستثمارات القادمة من الشرق، خصوصًا بعد تراجع اهتمام الشركات الغربية بالاستثمار في البلاد.

خطة طموحة لإعادة إعمار الاقتصاد السوداني

تتزامن هذه المشاريع الروسية مع جهود حكومية سودانية حثيثة لإطلاق خطة وطنية شاملة لإعادة الإعمار، تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة بشكل واسع، وتوسيع نطاق الاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات العامة في قطاعات أساسية مثل الكهرباء، المياه، والنقل.

سودافاكس