حوار – أمجد مصطفى
نشر في:
الأربعاء 5 نوفمبر 2025 – 10:31 م
| آخر تحديث:
الأربعاء 5 نوفمبر 2025 – 10:31 م
هشام نزيه عبّر موسيقيًا عن الحدث بشكل رائع.. وطلب مني أن أغني كما لو أنني أنطق بروح التاريخ نفسه، كانت أحلامي أن أغني في ليلة افتتاح هذا الصرح العظيم.. واليوم تحقق الحلم أمام العالم، أشعر أن مصر الآن تجمع أولادها، والتنوع الثقافي سر نجاحنا، سعيد جدًا بحركة النشاط الفني الكبيرة التي تشهدها بلدنا وبالفعاليات العالمية التي أصبحت رمزًا لحضورها الثقافي والفني.
في لحظات نادرة من التاريخ، تتلاقى الأحلام مع الواقع، وتتحول الأمنية إلى نغمة حقيقية تتردد في أروقة الزمن، كان هذا المشهد بالنسبة للمغني الأوبرالي العالمي رجاء الدين أحمد، الذي حلم يومًا أن يقف على منصة افتتاح المتحف المصري الكبير، ليُغني أمام قادة وزعماء العالم في حدث يُعتبر الأهم في هذا القرن، اليوم، وبعد عامين، تحقق الحلم كما تمناه، وكأن القدر خبأ له هذه اللحظة ليعيشها بكل جوارحه، في هذا الحوار، يتحدث رجاء الدين أحمد مع «الشروق» عن تفاصيل التجربة وكواليس مشاركته ومشاعره وهو يُمثل مصر أمام العالم في افتتاح أعظم متحف على وجه الأرض، وأنت تُصغي إلى كلماته، تشعر بأن الفن الحقيقي لا يعرف الحدود، وأن الحلم حين يكون نقيًا وصادقًا، يجد طريقه إلى النور مهما طال الزمن، في صوته نبرة امتنان، وفي عينيه دهشة طفل يلمس التاريخ للمرة الأولى، لقد غنّى للعالم باسم مصر، لكنه في الحقيقة غنى للحلم الإنساني الكبير: «أن يكون الفن رسالة سلام، وأن تبقى مصر دائمًا، كما كانت، منارة تُضيء بوهجها طريق الحضارة».
إلى الحوار..
– نعم، كانت أمنية غالية، والحمد لله تحققت، هذا الحدث لا يتكرر كثيرًا في العمر، ربما يحدث مرة واحدة فقط، بصراحة، لم أكن أتوقع أن تتحقق تلك الأمنية، لكنها تحققت بفضل الله، وكانت لحظة لا تُنسى، – صاحب فكرة الترشيح هو المايسترو ناير ناجي، والحقيقة أنها كانت مفاجأة كبيرة جدًا بالنسبة لي، الحدث عالمي بكل المقاييس، وأنا شخصيًا كنت أنتظر افتتاح هذا الصرح العظيم منذ زمن، لأنه حدث قومي لا يقل أهمية عن افتتاح قناة السويس الجديدة، استعددت نفسيًا بشكل كبير، لأنني أدركت أن أنظار العالم كلها ستتجه إلى مصر، وكنت أريد أن أظهر في أفضل مستوى يليق بالحدث وباسم بلدي، – أول اتصال كان قبل تأجيل الحدث منذ عدة أشهر، أما الاتصال الثاني فكان قبل أسبوعين فقط من ليلة الافتتاح، بالطبع أسبوعان وقت غير كافٍ، لكننا عقدنا عددًا من البروفات المكثفة، والحمد لله كانت النتيجة إيجابية ومُرضية للغاية.
– جميع المقطوعات الموسيقية كانت من تأليف هشام نزيه، وأنا نفذت ما كُتب وفق رؤيته الموسيقية، أكثر ما طلبه مني هو أن أُعبر بصوتي عن الحدث دون كلمات، لأن الغناء في هذا الحفل لم يكن مجرد أداء صوتي، بل كان ترجمة لروح الحضارة المصرية، وتعمّد هشام نزيه أن تكون المقاطع غناءً دون كلام، ليُجسّد بصوتي قوة الحضارة المصرية، خاصة أثناء الحديث عن الملك رمسيس الثاني وتوت عنخ آمون، أما طلبه الوحيد مني فكان أن أغني كما لو أنني أنطق بروح التاريخ نفسه، – كان إحساسًا بالفخر الكبير، لأنني أمثل بلدي مصر أمام العالم، كل همي في تلك اللحظة كان أن أُظهر قوة الحضارة المصرية وعظمتها لهؤلاء الزعماء، نحن أصحاب تاريخ لا يُضاهى، – المتحف نقلة هائلة، ليس لمصر فقط، بل للعالم كله، هو مكان لا مثيل له في العالم، أشعر بالفخر لأن بلدي تمتلك هذا الصرح المدهش، أتصور أنه سيُحدث نقلة نوعية في السياحة، لأنه مُبهر بكل تفاصيله، والتجول فيه يحتاج من أسبوع إلى عشرة أيام لتكتشف ما يحتويه من كنوز، التصميم المعماري عبقري فعلًا، يتجاوز كل المتاحف الموجودة في العالم، إنه شيء يُشرف كل مصري، وأتمنى من كل شخص أن يشعر بالفخر ويحرص على زيارته.
– الحدث قوبل بتقدير كبير جدًا، الأوروبيون يعشقون الحضارة المصرية لأنها مليئة بالأسرار والعلوم، بعد الافتتاح مباشرة، تواصل معي كثيرون من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وفنلندا، وكانت حالة من الانبهار التام، نحن بحق أصحاب حضارة تُلهم العالم، شيرين ليست مغنية أوبرا كما ظن الكثيرون، لكنها في الأساس ممثلة تقدم أدوارًا غنائية في مسارح برودواي بأمريكا، – الحفل بُني على لغة موسيقية وغنائية عالمية يفهمها الجميع، كما أن هناك جانبًا شرقيًا ظهر من خلال الغناء النوبى، وكذلك من خلال الشيخ والمرنم، فكل منهم كان يمثل جزءًا من حضارة مصر المتنوعة، هذا التنوع هو سر جمالنا كمصريين، وقد صاغ هشام نزيه هذا التعدد في قالب عالمي راقٍ، مع كامل الاحترام لكل وجهات النظر، إلا أننا كنا نريد أن نصل بهذا الحدث إلى كل مكان في العالم، وأن نخاطب الناس بلغة موسيقية يفهمونها، وفن الأوبرا قريب من كل شعوب العالم، ومصر كانت أول دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا تهتم بهذا الفن، ومن الطبيعي أن نقول للعالم: نحن قادرون على تقديم فنونكم بالمستوى نفسه الذي تقدمونه أنتم.
– صحيح، ولكن هذا الحدث لم يكن ليخرج إلا بالصورة التي ظهر بها، كنا نريد أن نقول للعالم: «تفضلوا.. زوروا بلدنا»، وعندما يصلون إلى مصر، يمكنهم أن يستمعوا إلى موسيقانا الأصيلة، – بالتأكيد موسيقى هشام عبّرت بصدق عن روح الحدث، كان يريد أن يُقدّم رسالة للعالم بأن مصر أرض الحضارات والسلام، مزج بين الموسيقى المصرية والغربية، بين الأوبرا والأغنية العربية التي أدّتها حنين الشاطر، وكذلك بين الطابع القبطي والإسلامي، هذا التنوع عبّر عن مصر الثقافية والحضارية في أبهى صورة، ولو عقدنا مقارنة مع حفل المومياوات، سنجد أن حفل المتحف تميز بتنوعه وغناه، لقد خاطب العالم كله – العربي والغربي – وكانت رسالة السلام واضحة تمامًا في كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، – قدمت مؤخرًا أوبرا السندباد في أوبرا عمان من تأليف هشام جبر وكتابة نادر صلاح الدين، ولدي عرض لأوبرا كارمن في روسيا نهاية هذا الشهر، ثم أوبرا توراندوت في ألمانيا في يناير، كما أشارك في أول مهرجان للموسيقى الكلاسيكية عند سفح الهرم يوم 28 من هذا الشهر، إلى جانب مجموعة من المغنين المصريين، – تستطيع أن تقول: «مصر بتلم أولادها حواليها»، أنا سعيد جدًا بحركة النشاط الفني الكبيرة التي تشهدها مصر، وبالفعاليات العالمية التي أصبحت عنوانًا لحضورها الثقافي والفني.
