«أسعار عدن تعود للجنون».. خبراء اقتصاديون يحذرون من عواقب تأخر الإصلاحات على مستقبل البلاد

شهدت أسواق العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، خلال الأسبوعين الماضيين، موجة ارتفاع جديدة ومفاجئة في أسعار العديد من السلع، تركزت أغلبها في اللحوم المجمدة المستوردة، ووجبات المطاعم، خصوصاً السياحية، وذلك بعد فترة قصيرة من التراجع النسبي الذي صاحب تحسن قيمة العملة المحلية في أواخر يوليو الماضي.

عودة دوامة الغلاء

تعيد هذه الزيادة غير المبررة إلى الأذهان دوامة الغلاء التي أثقلت كاهل المواطنين، وسط صمت رسمي وتدهور في الأوضاع المعيشية.

جولة ميدانية في السوق

وفي جولة ميدانية لمراسل وكالة “خبر” بعدد من أسواق مديريات عدن، وبحسب إفادة مصادر محلية، تبين أن أسعار الدجاج المستورد المجمد شهدت ارتفاعاً تدريجياً خلال الأسبوعين الأخيرين، لتصل نسبة الزيادة إلى:

الوزنالنسبة
700 جرام200 ريال
800 جرام300 ريال
كيلو واحد400 ريال
1200-1700 جرام500 ريال

وأكدت المصادر أن هذه الزيادة لا تقتصر على اللحوم المجمدة فحسب، بل تمتد تدريجياً إلى سلع غذائية واستهلاكية أخرى، وإن كانت بنسب طفيفة لا تُلاحظ في بدايتها، إلا أن تراكمها بمرور الوقت ينعكس بوضوح على مستوى الأسعار العامة، في ظل غياب أي تدخل حكومي حقيقي أو رقابة فعالة على الأسواق.

قطاع المطاعم تحت الضغط

لم ينجُ قطاع المطاعم من موجة الغلاء الجديدة، إذ شهدت أسعار الوجبات ارتفاعاً تجاوز نسب التحسن السابقة التي لم تتعد 15 بالمئة، وبعد أن كانت الأسعار قد انخفضت قليلاً إثر تحسن الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في يوليو الماضي، عادت لترتفع مجدداً لتتجاوز مستوياتها السابقة، وهو ما أرجعه مراقبون إلى عشوائية التسعيرة وضعف الرقابة التموينية.

أمل المواطنين يتبخر

يأتي هذا في وقت كان فيه المواطنون يأملون أن يؤدي تحسن العملة – عقب تراجع سعر الريال السعودي من 770 ريالاً إلى 425 ريالاً – إلى استقرار نسبي في الأسواق، إلا أن تلك الآمال سرعان ما تبخرت مع عودة موجة الارتفاعات المفاجئة، ما يعكس هشاشة البنية الاقتصادية وعدم استقرار المنظومة النقدية في البلاد.

تحذيرات اقتصادية حادة

يرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذه الاضطرابات في الأسعار يعمق الفجوة الاقتصادية بين الدخل المحدود وغلاء المعيشة، ويضاعف من معاناة المواطنين، لاسيما في ظل تفاقم معدلات البطالة وانعدام فرص العمل، وأكدوا أثناء حديثهم مع وكالة “خبر” أن غياب التنسيق بين السلطات المحلية والحكومة المركزية، والانقسامات السياسية داخل مؤسسات الدولة، أدت إلى فقدان السيطرة على السوق وفسح المجال أمام المضاربات والتلاعب بالأسعار.

العواقب الوخيمة للفوضى

وحذر الخبراء من أن استمرار الفوضى الرقابية وتجاهل الحكومة اليمنية للمطالب الشعبية بإصلاح المنظومة الاقتصادية، قد يدفع الأسواق نحو مزيد من الانفلات، ويؤدي إلى موجة تضخمية خطيرة تُفقد العملة المحلية أي مكاسب مؤقتة حققتها مؤخراً، وتدفع بالمواطنين إلى تقليص الاستهلاك وتراجع القوة الشرائية، ما يهدد بانكماش النشاط التجاري في الأسواق المحلية.

توقعات قاتمة

ورجَّحوا أن يؤدي ذلك إلى اتساع السوق السوداء وتزايد الاعتماد على السلع المهربة أو الرديئة النوعية، في ظل عجز السلطات عن فرض تسعيرة رسمية أو تأمين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية، وأشاروا إلى أن أي تأخر في إصلاح السياسة النقدية وتفعيل الرقابة التموينية قد يُدخل البلاد في حلقة جديدة من الأزمات المعيشية، تتجاوز نطاق الغذاء إلى باقي القطاعات الحيوية، ما لم تتدارك الحكومة الوضع بخطة طوارئ اقتصادية عاجلة تُعيد الثقة إلى الأسواق وتحمي المستهلك من جشع المضاربين.