تعتبر ثعالب البحر من الكائنات البحرية الساحرة واللطيفة التي تستوطن السواحل، وتشتهر بذكائها الفائق وفضولها الشديد، كما تتميز بفرائها الكثيف الذي يساعدها على البقاء دافئة، وبأصابعها المرنة التي تمكنها من التقاط طعامها بسهولة والتفاعل ببراعة مع بيئتها البحرية الغنية.
ثعالب البحر: لصوص ألواح التزلج الظرفاء
لكن في الفترة الأخيرة، تجاوزت ثعالب البحر كونها مجرد مخلوقات لطيفة، لتتحول إلى “لصوص ظرفاء” يثيرون الدهشة والمرح في آن واحد، ففي مدينة سانتا كروز بولاية كاليفورنيا الأمريكية، أصبحت هذه الثعالب البحرية بارعة في سرقة ألواح ركوب الأمواج، مستخدمة أصابعها الصغيرة، الرقيقة، واللزجة المغطاة بالفرو بمهارة عجيبة، وهذا السلوك لم يكن حادثًا منفردًا، بل له تاريخ ممتد.
في عام 2023، اكتسب ثعلب بحر معين يحمل الرقم “841” شهرة واسعة، ليصبح أسطورة محلية حقيقية بعد سلسلة من حوادث سرقة ألواح التزلج وحتى عض المتزلجين، وقد انتشرت صورته بشكل كبير، وظهرت على العديد من المنتجات التذكارية، ووصلت شهرته حتى إلى إعلانات المتاجر المحلية، لدرجة أن محلات الآيس كريم أطلقت نكهات جديدة تكريمًا له.
وفي عام 2025، يبدو أن هذه الظاهرة قد عادت لتتكرر، حيث قام ثعلب بحر آخر بسرقة لوح تزلج من الشاطئ نفسه خلال الأسبوع الماضي، ورغم عدم اليقين حول ما إذا كان الجاني هو “الثعلب 841” نفسه أم ثعلب آخر لديه “مشكلة” مع المتزلجين، فإن السلوك نفسه قد تكرر.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز، يؤكد الخبراء أن ثعالب البحر تتمتع بقدرة على التعلم من بعضها البعض، مما يرجح أن ثعلبًا في شمال كاليفورنيا ربما شاهد آخر ينجح في سرقة لوح تزلج والهرب به، فقرر تقليد هذا السلوك، إضافة إلى ذلك، تتزايد أعداد ثعالب البحر في هذه المناطق، وهو ما يؤدي أحيانًا إلى احتكاك مباشر أو اصطدام بينها وبين المتزلجين الذين يحاولون الاستمتاع بركوب الأمواج.
وبحسب جينا بنتال من مؤسسة “Sea Otter Savvy”، تتعرض ثعالب البحر في المناطق المأهولة للمضايقة من البشر بشكل يومي، بمعدل يصل إلى ست مرات، هذا التفاعل المتكرر يجعلها أقل خوفًا وأكثر فضولًا تجاهنا، وهذا الفضول هو ما يظهر أحيانًا في حوادث سرقة ألواح التزلج، وعلى الرغم من أن هذه الحوادث نادرة وليست منتشرة على نطاق واسع، إلا أن وقوعها يثير قلقًا عميقًا، فهي تذكرنا بأن الحياة البحرية تجد نفسها بلا مكان آمن، وأننا نتعدى على موائلها الطبيعية وبحارها، بل وفي هذه الحالة، بنينا حياتنا على أراضيها ومناطقها، فلا عجب إذًا حين تتصرف بهذه الطريقة.
