«تردد الاتحاد الأوروبي حول الأصول الروسية يضع أوكرانيا في موقف صعب»

اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الفشل الذي شهدته قمة الاتحاد الأوروبي، في اتخاذ قرار حاسم حول مصادرة الأصول الروسية المجمدة بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يشكل ضربة موجعة لأوكرانيا، كما أنه يزيد من تعقيد الأزمات المالية والعسكرية التي تواجهها كييف منذ بداية الحرب الروسية–الأوكرانية في فبراير 2022.

تأجيل قرار استخدام الأصول الروسية لصالح أوكرانيا

أشارت الصحيفة إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي قد أجلوا فعليًا اتخاذ قرار نهائي بشأن ما يُعرف بـ”قرض التعويضات”، الذي كان يهدف لتمويل احتياجات كييف، حيث إن العملية قد تستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا، وهو ما يعد خبرًا سيئًا لأوكرانيا التي تحتاج إلى الأموال بشكل عاجل لتمويل شراء الأسلحة والاحتياجات العسكرية الأخرى.

وأكدت “نيويورك تايمز” أن خطوة مصادرة الأصول الروسية المجمدة محفوفة بالمخاطر، لأنها قد تؤدي إلى عواقب غير متوقعة على الصعيدين السياسي والمالي، لا سيما في ظل احتمال رد فعل مباشر من روسيا، أو تأثير ذلك على سمعة أوروبا كملاذ آمن للأصول الأجنبية، مضيفة أن زيلينسكي أقرّ بأن المناقشات خلال القمة كانت صعبة ومعقدة، مشيرة لعدم وجود خطة واضحة لتنفيذ المبادرة.

المواقف الرسمية داخل الاتحاد الأوروبي

بيّن البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي، التي عُقدت يوم الخميس، أن الدول الأعضاء لم تتوصل إلى توافق بشأن مقترح المفوضية الأوروبية لاستخدام الأصول الروسية لتلبية احتياجات أوكرانيا، وأشار البيان إلى أن المفوضية كُلّفت بتقديم مقترحات جديدة خلال القمة المقبلة في ديسمبر، بهدف معالجة القضايا التقنية وإيجاد إطار قانوني يتماشى مع القوانين الأوروبية والدولية.

في هذا السياق، أعرب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا عن أمله في اتخاذ قرار حول استخدام الأصول الروسية في ديسمبر المقبل، مؤكدًا أن المفوضية هي المسؤولة عن إعداد الحلول القانونية والفنية اللازمة لضمان سلامة القرار، وأن خطوة مصادرة الأموال “تتماشى مع القانونين الأوروبي والدولي”.

من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عزمها على إعداد خيارات جديدة لاستخدام الأصول الروسية لصالح أوكرانيا، وتقديمها لدول الاتحاد الأوروبي، من أجل التغلب على العقبات الفنية والسياسية التي واجهت المقترح السابق.

خلفية الأصول الروسية المجمدة

تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع قاموا منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بتجميد نحو نصف احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية، بما يقارب 300 مليار يورو، وتشمل هذه الأصول أكثر من 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، حيث توجد معظمها في حسابات “يوروكلير” البلجيكية، وهي واحدة من أكبر أنظمة المقاصة والتسوية المالية في العالم.

ومن يناير إلى سبتمبر 2025، أشار الاتحاد الأوروبي إلى تحويل نحو 14 مليار يورو إلى أوكرانيا من عائدات الأصول الروسية المجمدة، وفي سبتمبر الماضي، اقترحت فون دير لاين منح أوكرانيا قرضًا جديدًا باستخدام هذه الأصول، مشيرةً إلى أنه يجب على كييف سداد القرض فقط في حال دفعت موسكو ما يُعرف بـ”تعويضات الحرب”، إلا أن المقترح واجه خلافات داخل الاتحاد الأوروبي.

ردود الفعل الروسية

على الصعيد الروسي، اعتبرت موسكو تجميد الأصول الروسية بمثابة “سرقة صريحة”، ورفضت فكرة مطالبتها بدفع “تعويضات”، معتبرةً أنها غير واقعية، كما أعلنت الحكومة الروسية عن قيود مماثلة على الأصول التي يمتلكها المستثمرون من الدول غير الصديقة، مع تحويل عائداتها إلى حسابات خاصة لا يمكن سحبها إلا بقرار من لجنة حكومية مختصة، في خطوة تهدف إلى مواجهة أي إجراءات مشابهة من الغرب.

وأكدت روسيا أن استمرار مثل هذه الخطوات يزيد من حدة التوتر ويهدد الاستقرار المالي الدولي، محذرةً من أن أي مصادرة جديدة للأصول ستؤدي إلى ردود فعل قانونية وسياسية قد تؤثر سلبًا على العلاقات الاقتصادية بين موسكو وأوروبا.

تداعيات على أوكرانيا والدعم الغربي

يأتي الفشل الأوروبي في اتخاذ قرار واضح في وقت تحتاج فيه أوكرانيا إلى تمويل عاجل لشراء الأسلحة ومواصلتها الحرب ضد القوات الروسية، مما يدفع كييف للبحث عن مصادر تمويل بديلة، سواء من خلال القروض الدولية أو الدعم المباشر من الولايات المتحدة ودول الناتو، ووفقًا للتقارير، فإن الدعم الغربي العسكري والمالي لأوكرانيا مستمر، ولكن أي تأخير أو عدم توافق بين الدول الأوروبية قد يؤدي لتباطؤ العمليات العسكرية وتعقيد الاستراتيجية الدفاعية للجيش الأوكراني.

وما زال الوضع المالي والسياسي في أوكرانيا هشًا في ظل عدم توافق الاتحاد الأوروبي على مصادرة الأصول الروسية، مما يزيد الضغوط على الحكومة الأوكرانية ويضعف قدرتها على التخطيط على المدى الطويل، وفي الوقت ذاته، يستمر الخلاف مع روسيا، التي تعتبر هذه الخطوات استفزازًا، مما يزيد من احتمالات التصعيد السياسي والعسكري ويجعل أي حل تفاوضي معقدًا ومشحونًا بالمخاطر.