«تراجع سعر الذهب بعد ارتفاع قياسي مفاجئ» محلل اقتصادي يشرح الأسباب وراء هذا الانخفاض

قال الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، إن الانخفاض الحاد الذي سجله سعر الذهب أمس الثلاثاء بأكثر من 5.2% يُعتبر تصحيحًا طبيعيًا بعد موجة صعود قياسية دفعت المعدن النفيس إلى مستويات غير مسبوقة فوق 4380 دولارًا للأوقية، قبل أن يتراجع إلى حدود 4127 دولارًا، ويُعتبر هذا الهبوط هو الأكبر في يوم واحد منذ أكثر من عام.

أسعار الذهب وتوقعات السوق

أوضح عبد الوهاب أن عمليات جني الأرباح المكثفة من جانب المستثمرين الذين استفادوا من موجة الارتفاع الأخيرة كانت السبب الرئيس وراء هذا التراجع، مشيرًا إلى أن التحول السريع في شهية المخاطرة بالأسواق العالمية ساهم كذلك في كبح الطلب على المعدن الأصفر لصالح الأصول المرتبطة بالنمو، مثل الأسهم والعملات الرقمية.

مرحلة إعادة تموضع استثماري

وأضاف أن الأسواق تشهد حاليًا مرحلة إعادة تموضع استثماري بعد موجة من التقلبات الحادة، حيث فضل بعض المستثمرين التحول المؤقت من الذهب نحو الدولار الأمريكي، الذي ارتفع بنحو 0.30% ليصل إلى 98.89 نقطة، وهو ما زاد الضغط على أسعار المعدن النفيس نظرًا للعلاقة العكسية التقليدية بين قوة الدولار وسعر الذهب.

ترامب والهدوء في الأسواق

وأشار عبد الوهاب إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسهمت في تهدئة الأسواق، ودفع الذهب إلى مزيد من التراجع، بعدما أعلن عن تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري عادل مع الصين خلال الفترة المقبلة، ولفت إلى أن هذه التصريحات ساعدت في تقليص الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب، ودعمت ارتفاع الدولار، خاصة مع تجدد الثقة في إمكانية انحسار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.

قرارات الفيدرالي وتأثيرها على الذهب

وأكد أن هذه التطورات جاءت في وقت حساس للأسواق العالمية التي تترقب قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، حيث إن أي تشديد في السياسة النقدية الأمريكية أو استمرار لنهج رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى ضغوط إضافية على الذهب خلال المدى القصير، بينما قد يشكل بدء دورة خفض الفائدة عامل دعم قوي يعيد المعدن النفيس إلى مسار الارتفاع من جديد.

تصحيح فني وليس انهيارًا

وشدد الدكتور محمد عبد الوهاب على أن ما يحدث في أسواق الذهب لا يعكس انهيارًا في الأسعار، بل هو يشكل تصحيحًا فنيًا بعد مكاسب متواصلة دفعت الأسعار إلى مستويات مبالغ فيها فنيًا، حيث ما زال الذهب يتمتع بأساسيات قوية تجعله ملاذًا آمنًا على المدى المتوسط والطويل، خاصة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية وارتفاع حجم الديون السيادية في كبرى الاقتصادات.

توقعات الطلب على الذهب

وأضاف أن التوقعات بزيادة الطلب الاستهلاكي في الأسواق الناشئة، خصوصًا من الهند والصين، تظل من العوامل التي تدعم الذهب على المدى الطويل، حتى وإن شهدت الأسعار بعض التذبذبات المؤقتة.

توقعات أسعار الذهب المستقبلية

توقع الدكتور محمد عبد الوهاب أن يتماسك الذهب قريبًا فوق مستوى 4100 دولار للأوقية، مع احتمالية عودة الارتفاع التدريجي خلال الأسابيع القادمة إذا أشار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تباطؤ في وتيرة التشديد النقدي أو بدء خفض الفائدة قبل نهاية العام، وأشار إلى أن مستويات 4300 إلى 4400 دولار للأوقية تظل أهدافًا ممكنة إذا تزايدت الاضطرابات الجيوسياسية أو عاد الدولار إلى التراجع.

وذكر عبد الوهاب: “من المرجح أن تستقر الأسعار مؤقتًا ضمن نطاق تداول بين 4050 و4250 دولارًا للأوقية على المدى القصير، قبل أن تعود لاختبار مستوياتها التاريخية مجددًا، مدفوعة بتوقعات خفض الفائدة وعودة الطلب الاستثماري على الأصول الآمنة.”

أسعار الذهب في السوق المحلي

في السوق المصري، تراجعت الأسعار المحلية بشكل متزامن مع السوق العالمية، حيث تسجل أسعار الجنيه الذهب نحو 45,000 جنيه بعد أن كان 46680 جنيهًا قبل التراجع الأخير، ووضح عبد الوهاب أن هذا التراجع في الأسعار المحلية يعكس الارتباط المباشر بين حركة الأوقية عالميًا وسعر الدولار في البنوك، مشيرا إلى أن السوق المحلي تأثر بسرعة بالتصحيح العالمي نتيجة تحركات المضاربين وشركات المشغولات الذهبية في مواجهة تقلبات الأسعار.

التوقعات المستقبلية لسعر الذهب

وأكد عبد الوهاب أن مستقبل سعر الذهب سيبقى رهينًا باتجاه الدولار والسياسة النقدية الأمريكية، موضحًا أن كل ارتفاع في الدولار يقابله عادة تراجع في الطلب على الذهب، والعكس صحيح، وأشار إلى أن قرارات الفيدرالي القادمة ستكون محددًا رئيسيًا لحركة المعدن النفيس خلال الأسابيع المقبلة.

وقال عبد الوهاب: “من المتوقع أن تستمر الأسعار في نطاق تصحيحي مؤقت قبل أن تعود للتماسك مجددًا، خاصة إذا بدأت البنوك المركزية الكبرى في تخفيف سياساتها النقدية، مما يعيد الزخم إلى الذهب كأداة للتحوط من التقلبات الاقتصادية.”