أمريكا، في خطوة تاريخية بامتياز، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الأربعاء، عن توقفها الرسمي عن سك عملة “البِيني”، المعروفة بفئة السنت الواحد، لتغلق بذلك فصلًا يمتد لأكثر من 230 عامًا من تاريخ النقد الأمريكي، ويُنهي قرارها عهد إحدى العملات الأكثر رمزية في الثقافة الشعبية الأمريكية، المرتبطة بقيم التقشف والاقتصاد والبساطة في الحياة اليومية.
أمريكا تعلن تكلفة السنت تفوق القيمة
وأوضح براندون بيتش، أمين الخزانة الأمريكية، خلال حفل أقيم في دار سك العملة بفيلادلفيا، أن القرار جاء نتيجة دراسات مالية واقتصادية أظهرت أن تكلفة إنتاج قطعة السنت الواحد تبلغ نحو 4 سنتات، أي ما يعادل أربعة أضعاف قيمتها الأصلية، مما جعل استمرار سكّها يشكل عبئًا ماليًا على الخزانة العامة، وفي كلمته قبل الضغط على الزر الذي أطلق إنتاج آخر قطعة من العملة، قال بيتش: “ليبارك الله أمريكا، وسوف نوفر على دافعي الضرائب 56 مليون دولار كل عام.”
وأشار المسؤول إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة أوسع لترشيد الإنفاق الحكومي وتحسين كفاءة النظام النقدي، في ضوء التراجع الكبير في استخدام العملات المعدنية في المعاملات اليومية، خاصة بعد الانتشار الواسع للدفع الإلكتروني والمعاملات الرقمية.
مراسم رمزية ونهاية حقبة
شهدت دار سك العملة في فيلادلفيا مراسم رمزية مؤثرة تم خلالها إنتاج آخر دفعة من عملات البِيني ووضعها على صينية مخصصة لعرضها أمام وسائل الإعلام، في مشهد يعكس نهاية فصل طويل من التاريخ النقدي الأمريكي، وستُطرح هذه المجموعة الأخيرة في مزاد علني خاص لهواة جمع العملات، حيث يتوقع أن تلقى إقبالًا واسعًا نظراً لقيمتها التاريخية والرمزية، وتعتبر هذه الخطوة استمرارًا لتقليد أمريكي في الحفاظ على إرث العملات القديمة، إذ سبق للخزانة أن قامت بمثل هذه الخطوات عند إنهاء إنتاج عملات أخرى في القرنين التاسع عشر والعشرين.
وأكد بيتش أن مليارات القطع من فئة السنت الواحد لا تزال قانونية التداول وستبقى صالحة للاستخدام في المعاملات اليومية، إلا أن الخزانة لن تصك أي عملات جديدة من هذه الفئة اعتبارًا من اليوم، في ما وصفه الخبراء بأنه إصلاح رمزي للنظام المالي الأمريكي يتطلع لتقليل الهدر وتحسين إدارة الموارد.
عملة فقدت قيمتها وبقيت رمزًا
منذ طرحها لأول مرة في أمريكا عام 1793، كانت عملة السنت الواحد قادرة على شراء منتجات أساسية مثل الشموع، الحلوى، أو الخبز، إلا أنها فقدت قيمتها الشرائية تدريجيًا مع مرور العقود، لتتحول إلى مجرد رمز ثقافي أكثر من كونها وسيلة تبادل فعّالة، وأصبحت عملة البِيني تُرك في الأدراج أو البرطمانات داخل المنازل، دون استخدام فعلي في السوق، ويتم النظر إليها اليوم بوصفها تذكارًا من الماضي أكثر من كونها أداة نقدية عملية.
