
البابا شنودة الثالث، نظير جيد الشاب الخريج من كلية الآداب قسم التاريخ، اختار أن يهب حياته للمسيح، فكانت خطوته جريئة بدخوله دير السريان عام 1954، مبتعدًا عن ضجيج العالم ومتفرغًا للصلاة والتأمل والقراءة، باسم الراهب أنطونيوس السرياني، بدأت رحلة رهبانية قوية شكلت منعطفًا حاسمًا في طريقه نحو قيادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية،


حياة البابا شنوده الثالث
لم تكن حياته سلسلة أحداث عادية، بل تميزت بمراحل فاصلة ساهمت في تكوين شخصية فريدة لقائد كنسي وأب روحي للكنيسة في العصر الحديث، فمنذ رهبنته عام 1954، إلى رسامته أسقفًا للتعليم عام 1962، ثم جلوسه على الكرسي المرقسي عام 1971، نرى مسيرة مليئة بالتحولات المستمرة، من شاب متفانٍ في الخدمة إلى معلم صاحب فكر عميق، ثم إلى بطريرك أحدث تغييرات جوهرية في تاريخ الكنيسة،


نظير جيد يقرر التخلي عن الحياة الدنيوية
في عام 1954، كانت نقطة تحول عندما قرر نظير جيد ترك ملذات الدنيا والذهاب إلى دير السريان في وادي النطرون، في السادس من يوليو، لبس الإسكيم المقدس وبدأ رحلته تحت اسم الراهب أنطونيوس السرياني، اختار حياة التأمل والعزلة والعبادة، وبدأ في التعمق الروحي والفكري مما أدى إلى منهج فكري متزن يجمع بين الروحانية والعقلانية، وأصبح هذا المنهج أساسًا قويًا في مؤلفاته وتعاليمه التي ألهمت الكثيرين،


أسقف التعليم
في عام 1962، تم منح الراهب أنطونيوس السرياني لقب أسقف التعليم والمعاهد الدينية، ليصبح أول شخص يحصل على هذا المنصب في تاريخ الكنيسة القبطية، اختار البابا كيرلس السادس هذا التغيير غير المسبوق بنفسه، لأنه أدرك حاجة الكنيسة إلى فكر منظم وروح لاهوتية عميقة، حمل الأنبا شنودة هذا اللقب بحماس شديد، وقاد نهضة تعليمية شاملة تضمنت تطوير الكلية الإكليريكية وتوسيع نطاقها، وتدريب أعداد كبيرة من الخدام، وتأليف كتب أساسية شكلت مرجعًا فكريًا مهمًا داخل الكنيسة،


البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الـ 117
عندما اعتلى الكرسي البابوي في 14 نوفمبر 1971، بصفته البطريرك الـ 117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، شهدت الكنيسة في عهده نقلة نوعية في مسيرتها التاريخية،
توسعت خدمة الكنيسة لتشمل مصر وخارجها مع إنشاء أبرشيات جديدة في أوروبا وأمريكا، كما تعزز دور الكنيسة القبطية على الصعيدين المحلي والدولي، وشهدت نهضة روحية وتعليمية غير مسبوقة بفضل رؤيته المستنيرة وإدارته الحكيمة،
ثلاث محطات تاريخية رسمت طريق الكنيسة القبطية من خلال شخص واحد استطاع بتفانيه ودعوته أن يترك بصمة عميقة في ذاكرة التاريخ، البابا شنودة الثالث، بين الرهبنة والتعليم والبطريركية، امتدت مسيرته كجسر يربط بين الإيمان والفكر، وبين الكنيسة وأفراد الشعب، ليؤكد أن القائد الحقيقي هو من يوحد القلوب ويزرع الحكمة،