التهاب غير متوقع يزيد خطر النوبات القلبية لدى النساء السليمات

تشير دراسات حديثة إلى أن الالتهابات قد تكون عاملاً خفياً وراء إصابة بعض النساء بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، حتى في غياب عوامل الخطر التقليدية المعروفة، مثل ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول، والسكري، والتدخين، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة لفهم أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء، وكيفية الوقاية منها بطرق أكثر فعالية

الجدير بالذكر أن نتائج هذا البحث قُدّمت خلال اجتماع الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في مدريد، حيث أوضح الباحثون أن العديد من النساء اللاتي تعرضن لأزمات قلبية أو سكتات دماغية لم تكن لديهن عوامل الخطر التقليدية التي عادة ما ترتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية، مما دفعهم للبحث عن أسباب أخرى محتملة، مثل الالتهابات المزمنة التي قد تلعب دوراً محورياً في تطور هذه الحالات

دراسة طويلة الأمد تكشف العلاقة

أفاد تقرير نُشر في دورية “يوروبيان هارت” العلمية بأن الباحثين قاموا بمتابعة حالة 12530 امرأة سليمة لمدة ثلاثة عقود، واللاتي لم تكن لديهن عوامل الخطر التقليدية في بداية الدراسة، وذلك بهدف تحديد أي عوامل أخرى قد تزيد من خطر إصابتهن بأمراض القلب والأوعية الدموية مستقبلاً

البروتين التفاعلي سي كمؤشر خطر

أظهرت النتائج أن النساء اللاتي بدأن الدراسة بمستويات مرتفعة من البروتين التفاعلي سي (CRP)، وهو علامة على وجود التهاب في الجسم، كن أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 77%، والسكتة الدماغية بنسبة 39%، وأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام بنسبة 52%، مقارنة بالنساء اللاتي كانت لديهن مستويات منخفضة من هذا البروتين

تم تعريف المستويات المرتفعة من البروتين التفاعلي سي بأنها تلك التي تتجاوز 3 ملليغرامات لكل لتر من الدم، وذلك باستخدام اختبارات الحساسية العالية لقياس مستويات هذا البروتين بدقة

الالتهاب وتصلب الشرايين

على الرغم من أن الدراسة القائمة على الملاحظة لا يمكنها إثبات أن الالتهاب هو السبب المباشر لأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنه من المعروف أن الالتهابات المزمنة، حتى وإن كانت بمستويات منخفضة، يمكن أن تساهم في تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين وتحفيز تكوين الجلطات الدموية، وهي الأسباب الرئيسية للنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تصريحات هامة من قائد الدراسة

صرح الدكتور بول ريدكر، قائد الدراسة من معهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى ماساتشوستس العام في بريغهام، قائلاً: “تظهر بياناتنا بوضوح أن النساء اللاتي يبدون بصحة جيدة ويعانين من الالتهاب معرضات لخطر كبير مدى الحياة”، مؤكداً على أهمية الكشف المبكر عن الالتهابات كعامل خطر محتمل

وأضاف: “يجب أن نحدد هؤلاء النساء في الأربعينيات من العمر، في وقت يمكنهن فيه البدء في الرعاية الوقائية، بدلاً من انتظار ظهور المرض في السبعينيات من العمر، عندما يكون الوقت متأخراً جداً في كثير من الأحيان لإحداث فرق حقيقي”، مشدداً على ضرورة التدخل المبكر للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية

دور الستاتين في الوقاية

بالاستناد إلى بيانات من تجارب عشوائية سابقة، خلص فريق الدراسة أيضاً إلى أن أدوية الستاتين المخفضة للكوليسترول يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية بأكثر من الثلث لدى النساء المصابات بالالتهاب واللاتي لا يعانين من عوامل الخطر التقليدية لأمراض القلب والأوعية الدموية، مما يفتح باباً جديداً للعلاج والوقاية

وأكد ريدكر: “بينما يجب على المصابات بالالتهابات البدء بجهود وقائية لتحسين نمط حياتهن وعاداتهن، فإن العلاج بالستاتين يمكن أن يلعب أيضاً دوراً مهماً في المساعدة على تقليل المخاطر بينهن”، مشيراً إلى أن تغيير نمط الحياة الصحيح واستخدام الأدوية المناسبة يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء