«انتصار تاريخي» القضاء الأميركي ينصف “كروم” في معركة ضد “غوغل”

في العام الماضي، واجهت “غوغل” تحديًا قانونيًا كبيرًا في الولايات المتحدة، وهي قضية كان من الممكن أن تؤدي إلى تفكيك واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، حيث رأى القاضي أن “غوغل” قد مارست احتكارًا في سوق البحث عبر الإنترنت وكاد أن يوصي بتقسيم الشركة وفروعها المختلفة،

صدر الحكم الأولي ضد “غوغل” في أغسطس 2024، وبعد أكثر من عام، عاد القاضي الفيدرالي أميت ميهتا ليقدم حلولًا لمعالجة احتكار “غوغل” في قطاع محركات البحث،

على الرغم من جهود وزارة العدل الأمريكية ومحاميها لإدراج بيع خدمات الشركة المنفصلة مثل متصفح “كروم” ونظام “أندرويد” ضمن الحلول، إلا أن ميهتا اختار عدم إضافة هذه الحلول إلى الحكم واكتفى بمجموعة أخرى من التدابير،

بهذا الحكم، نجت “غوغل” من خطر التفكيك الذي كان يلوح في الأفق، حيث ستتمكن من الاحتفاظ بمتصفح “كروم” وعقود “آبل” الحصرية وغيرها من الأمور التي أدت إلى رفع القضية ضدها، لكن ما هي تفاصيل الحكم الجديد؟ وهل سيؤدي هذا الحكم إلى تغيير في سياسات “غوغل” أم ستبقى الأمور على حالها؟

يبقى الوضع الراهن على ما هو عليه

تضمنت مذكرة ميهتا، التي بلغت 230 صفحة، الكثير من التفاصيل حول شركة البحث العملاقة والخطوات التي يجب عليها اتخاذها، ومع ذلك، يشير تقرير نشره موقع “ذا فيرج” التقني إلى أن سياسة “غوغل” لن تشهد تغييرات كبيرة بعد هذا القرار،

يؤكد التقرير أن “غوغل” ستتمكن من الاحتفاظ بمتصفح “غوغل كروم”، على الرغم من توصية وزارة العدل الأمريكية ببيع المتصفح لشركة خارجية بهدف كسر احتكار “غوغل” على سوق محركات البحث،

رفض ميهتا هذا الاقتراح خوفًا من تدهور جودة المنتج وتسريب الأسرار التقنية إلى المنافسين، بالإضافة إلى التقدير للجهود التي تبذلها “غوغل” في تطوير مشروع “كروميوم” مفتوح المصدر،

وأوضح في مذكرته أن ممثلي وزارة العدل الأمريكية لم يتمكنوا من إثبات الفوائد المحتملة لبيع المتصفح، على الرغم من مساهمته في تعزيز مكانة “غوغل” كمحرك البحث الافتراضي للعديد من المستخدمين حول العالم،



مصدر الصورة

وتناول ميهتا أيضًا مسألة العقود الحصرية التي تبرمها “غوغل” مع شركات مثل “آبل”، والتي تضمن أن يكون محرك البحث الخاص بها هو المحرك الافتراضي على جميع أجهزة الشركة،

وأشار إلى أن إلغاء هذه العقود قد يكون له آثار سلبية واسعة النطاق على الشركات التي تستفيد منها، حيث تعتمد هذه الشركات بشكل كبير على مدفوعات “غوغل” كجزء أساسي من أرباحها،

بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع إلغاء هذه العقود المزيد من الشركات على محاولة دخول سوق محركات البحث بأنفسهم، وأشار إلى محاولات “آبل” في هذا الصدد،

وتطرق ميهتا إلى موضوع الذكاء الاصطناعي وتأثيره المحتمل على سوق محركات البحث، مشيرًا إلى أن عالم الإنترنت يشهد بالفعل تحولات كبيرة وقد يختفي البحث التقليدي في المستقبل بفضل تطورات الذكاء الاصطناعي التي تؤثر بالفعل على زيارات المواقع المعتادة،

بدلًا من إلغاء السياسات التي أدت إلى مقاضاة “غوغل”، وافق ميهتا على مجموعة من الحلول والسياسات الجديدة التي يعتقد أنها ستساهم في كسر احتكار الشركة لسوق محركات البحث،

مشاركة البيانات مع الجهات المؤهلة

يتضمن حكم ميهتا بندًا مهمًا يتعلق بالخطوات التي يجب على “غوغل” اتخاذها لكسر احتكارها لسوق محركات البحث، والتي تشمل مشاركة البيانات بأشكال مختلفة مع المنافسين مقابل رسوم رمزية،

تتضمن هذه المشاركة عدة جوانب، أولها مشاركة بيانات البحث الفعلية وبيانات المستخدمين مع الشركات التي تستحق ذلك وتعتبر منافسًا مباشرًا لـ “غوغل”، وليس الشركات التي ترغب فقط في المنافسة أو تفكر في ذلك،



مصدر الصورة

يتم تبادل هذه البيانات مقابل رسوم بسيطة تدفعها الشركات إلى “غوغل”، وتتم هذه المشاركة مرة واحدة مع كبار منافسي “غوغل” على مدى السنوات الخمس الماضية،

يجب على “غوغل” أيضًا مشاركة نتائج البحث بسعر أعلى قليلًا وبشكل دوري مع جميع المنافسين، مع تقديم البيانات التي لا تضر بسياسة الشركة ولكنها تساعد المنافسين على فهم السوق بشكل أفضل والمشاركة بشكل فعال لاقتطاع حصة منه،

يشير تقرير “ذا فيرج” إلى أن “غوغل” قد لا تنفذ هذه الحلول في المستقبل القريب، حيث لا يحدد القرار موعدًا نهائيًا للتنفيذ، ولا تزال هناك مراحل أخرى من التقاضي في هذا القرار،

ردود فعل متنوعة

أثار حكم المحكمة مجموعة متنوعة من ردود الفعل من الاقتصاديين والشخصيات البارزة المهتمة بالقضية، بما في ذلك غابرييل واينبرغ، الرئيس التنفيذي لمحرك البحث وشركة “داك داك غو” (DuckDuckGO)، التي تعتبر من أبرز منافسي “غوغل”،

شارك واينبرغ في القضية كشاهد لصالح الحكومة الأمريكية، حيث تضرر من سياسات “غوغل” الاحتكارية، وأشار في تصريح له إلى أن قرار ميهتا يسمح للشركة بالحفاظ على سياستها الاحتكارية دون أي تغييرات جوهرية،

وأضاف أن الكونجرس الأمريكي يجب أن يتدخل في هذه القضية لإجبار “غوغل” على المنافسة بنزاهة وتوفير فرص متكافئة لجميع منافسي الشركة،



مصدر الصورة

وصفت مديرة مشروع الحريات الاقتصادية الأمريكية، نيدي هيغدي، قرار ميهتا بأنه “جبان”، حيث إن هذا المشروع مهتم بتطبيق قوانين مكافحة الاحتكار بصرامة ضد شركات التكنولوجيا،

وأوضحت أن حكم ميهتا اعترف بأن “غوغل” شركة احتكارية، لكنه لم يتخذ أي خطوات لكسر هذا الاحتكار، بل ساعدها على حماية سياستها الاحتكارية،