«معركة قانونية» أمازون تواجه اتهامات بالخداع لتعزيز قاعدة مشتركي برايم

في الولايات المتحدة، بدأت يوم الاثنين محاكمة حاسمة لشركة “أمازون”، حيث ستحدد المحكمة ما إذا كانت عملاقة التجارة الإلكترونية قد لجأت إلى أساليب غير قانونية لإجبار الملايين على الاشتراك في خدمة “برايم” المدفوعة، وجعل عملية إلغاء الاشتراك معقدة للغاية.

تعود جذور هذه القضية إلى عام 2023، عندما بدأت لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) تحقيقًا يتهم “أمازون” باستخدام واجهات خادعة، تُعرف باسم “الأنماط المظلمة”، بهدف تضليل المستهلكين أثناء إتمام عمليات الشراء، ودفعهم للاشتراك في خدمة “برايم” الشاملة، التي تبلغ تكلفتها 139 دولارًا سنويًا.

اتهامات بالخداع والتعقيد المتعمد

تتركز القضية على اتهامين رئيسيين، وهما كسب مشتركين دون الحصول على موافقتهم الصريحة من خلال عمليات دفع معقدة، وإنشاء نظام إلغاء اشتراك معقد ومتعمد، أُطلق عليه داخليًا اسم “الإلياذة”، في إشارة إلى قصيدة هوميروس التي تصف حرب طروادة الطويلة والصعبة، وذلك وفقًا لتقرير نشرته وكالة “فرانس برس” واطلعت عليه “العربية Business”.

ستنظر المحكمة الفيدرالية في سياتل في القضية، برئاسة القاضي جون تشون، الذي يتولى أيضًا قضية أخرى رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد “أمازون”، تتضمن هذه المرة ادعاءات بممارسات احتكارية غير قانونية، ومن المقرر النظر في هذه القضية الثانية في عام 2027.

تأتي هاتان القضيتان كجزء من سلسلة دعاوى قضائية تم رفعها مؤخرًا في ظل الإدارات الديمقراطية والجمهورية، بهدف الحد من هيمنة العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “غوغل” و”أبل”، وذلك بعد سنوات من التساهل الحكومي.

تكشف وثائق المحكمة أن “أمازون” كانت على علم بانتشار ما وصفته بـ “الاشتراكات غير المرغوب فيها” في خدمة “برايم”، لكنها عارضت أي تغييرات من شأنها أن تقلل من أعداد هذه الاشتراكات، وبالتالي إيراداتها.

تؤكد لجنة التجارة الفيدرالية أن عملية الدفع في “أمازون” أجبرت العملاء على تصفح واجهات معقدة، حيث كان إلغاء الاشتراك في “برايم” يتطلب النقر على روابط صغيرة وغير واضحة، بينما كان الاشتراك يتم بسهولة من خلال النقر على أزرار كبيرة وبارزة.

في المقابل، كانت تفاصيل السعر والتجديد التلقائي إما مخفية أو مكتوبة بخط صغير جدًا، مما يجعلها غير واضحة للمستهلكين، ويصعب عليهم فهم الشروط.

تضليل الملايين

تشير لائحة الاتهام الأولية إلى أنه “لسنوات، عمدت “أمازون” إلى خداع ملايين المستهلكين للاشتراك في خدمة “أمازون برايم” دون علمهم أو موافقتهم الصريحة.”، وهو ما يثير تساؤلات حول ممارسات الشركة ومدى شفافيتها.

وفقًا للائحة الاتهام لعام 2023، بلغت إيرادات “أمازون” السنوية من اشتراكات “برايم” 25 مليار دولار، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذه الخدمة في نموذج أعمال الشركة.

لقد أصبحت “برايم” جزءًا أساسيًا من نموذج أعمال “أمازون”، لأن المشتركين في هذه الخدمة ينفقون على المنصة أكثر بكثير من غير المشتركين، مما يجعلهم فئة مستهدفة ومربحة للشركة.

تستهدف الدعوى القضائية أيضًا عملية إلغاء الاشتراك في “أمازون”، والتي وصفتها لجنة التجارة الفيدرالية بأنها “متاهة” تتكون من أربع صفحات وست نقرات و15 خيارًا لإلغاء الاشتراك، مما يجعلها عملية معقدة ومستهلكة للوقت.

تطالب لجنة التجارة الفيدرالية المحكمة بفرض عقوبات على “أمازون”، وصرف تعويضات مالية للمستهلكين المتضررين، وإلزام الشركة بتغيير ممارساتها الحالية، لضمان شفافية أكبر وحماية حقوق المستهلكين.

تستند القضية جزئيًا إلى قانون استعادة ثقة المتسوقين عبر الإنترنت (ROSCA) الذي دخل حيز التنفيذ عام 2010، ويحظر فرض رسوم على الخدمات عبر الإنترنت التي يتم تفعيلها تلقائيًا دون توضيح الشروط أو الحصول على موافقة صريحة من العملاء، كما ينص على توفير إجراءات إلغاء اشتراك بسيطة وواضحة.

تؤكد لجنة التجارة الفيدرالية أن “أمازون” لم تمتثل لمتطلبات هذا القانون، مما يعرضها للمساءلة القانونية والعقوبات المحتملة.

دفاع “أمازون” واستراتيجيتها

من المتوقع أن يستند محامو “أمازون” في دفاعهم بشكل أساسي إلى أن قانون ROSCA واللوائح الأخرى لا تحظر بوضوح الممارسات المعنية، وأن لجنة التجارة الفيدرالية قد بالغت في تقدير الأمور، وستحاول الشركة إثبات أن ممارساتها تتوافق مع القوانين المعمول بها.

أكدت الشركة أيضًا أنها حسّنت إجراءات الاشتراك والإلغاء، وأن التهم الموجهة إليها لا أساس لها من الصحة، وستسعى جاهدة لتقديم أدلة تثبت ذلك.

من المتوقع أن تستمر المحاكمة نحو أربعة أسابيع، وستعتمد بشكل كبير على اتصالات ووثائق “أمازون” الداخلية، بالإضافة إلى شهادات من مسؤولين تنفيذيين وخبراء في الشركة، وستكون هذه الأدلة حاسمة في تحديد نتيجة القضية.