أكدت أمين عام وزارة الطاقة الأردنية المهندسة أماني العزام أن بلادها تعتمد إستراتيجية واضحة وطموحة تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية.
جاء ذلك بحوار أجرته معها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) خلال مشاركة العزام في فعاليات النسخة الثانية من أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة المنعقد مؤخرًا في مصر.
وفيما يلي نص الحوار:
نلاحظ تقليل اعتماد الأردن تدريجيًا على الغاز في توليد الكهرباء .. فهل هذا التوجه مقصود؟
إن انخفاض كميات الغاز المستعمَلة في توليد الكهرباء في الأردن يأتي في إطار تنفيذ رؤية إستراتيجية للبلاد تسعى لزيادة الاعتماد على موارد الطاقة المحلية، فنحن اليوم لدينا أكثر من 26% من الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى ذلك فقد تم تشغيل أول محطة كهرباء تعمل بالحرق المباشر للصخر الزيتي الأردني، وهو مصدر وقود محلي، وتعمل المحطة منذ منتصف العام الماضي تقريبًا، وهذا أسهم بشكل واضح في تخفيض الاعتماد على الغاز.
وتغطي هذه المحطة نحو 14% من استهلاكات الكهرباء، فنحن اليوم بالمجمل نحكي عن أكثر من 40% يُغطَى من مصادر طاقة محلية، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا على كميات الغاز المستهلكة في محطات توليد الكهرباء، ويضاف إلى ذلك أن نحو 2 إلى 3% يُغطي من الغاز المحلي المنتَج من محطة توليد الريشة.
لقد بدأنا خطة زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية منذ مدة، وهي السبب بما نحن عليه اليوم من الوصول لخليط متنوع من مصادر الطاقة المحلية تتمثل بالطاقة المتجددة والصخر الزيتي وجزء من غاز الريشة، ونحن مستمرون في مساعينا لتعزيز وتعظيم الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة في المملكة.
هل تقليل الاعتماد على الغاز سيكون في مقابله زيادة الاعتماد على الصخر الزيتي أم مصادر الطاقة المتجددة؟
في خططنا لم يكن استعمال الصخر الزيتي مطروحًا على الطاولة، لكننا الآن بصدد تحديث إستراتيجيتنا الشاملة للطاقة، وفي النهاية سنحدد المسار الأفضل والأنسب لبلادنا، والأقل كلفة، والأكثر موثوقية، فكل البدائل مفتوحة أمامنا.
وحسب إستراتيجيتنا الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2022-2030، ونحن بصدد تحديثها، فلدينا محطة عاملة بالصخر الزيتي وصل التشغيل التجاري لها بقدرة 470 ميغاواط خلال العام الماضي (2023)، ولدينا هدف محدد بالوصول إلى 30% أو أكثر في نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة من إجمالي مزيج الكهرباء في المملكة، ولكن سنعمل على تحديث وتطوير هذه الإستراتيجية، وسنأخذ بالمخرجات في حينها.
واردات الأردن من الغاز
هل تراجعت وارداتكم من مصر في الآونة الأخيرة، ولا سيما أن مصر تستورد -حاليًا- الغاز المسال؟
هناك التزام بيننا وبين الجانب المصري، وبناءً عليه نأخذ الكميات المتفق عليها من الغاز، إذ يجري ترتيب وجدولة الكميات المتفق عليها بين الجانبين منذ بداية العام، والتحديث باستمرار، حسب متطلبات الطرفين.. والبلدان ملتزمان بالكميات المتفق عليها مسبقًا.
هل يخطط الأردن لإيجاد بدائل للغاز الإسرائيلي حال توقفه؟
اليوم تعتمد المملكة لتغطية احتياجاتها على عدّة مصادر للغاز، لدينا سفينة الغاز العائمة في الأردن منذ عام 2015، وما زالت موجودة ونعمل على استبدالها بوحدة تغويز شاطئية ووحدة تخزين عائمة، لكن السفينة موجودة وهي أحد البدائل ومن ضمن خياراتنا الإستراتيجية لتغطية احتياجاتنا من الغاز، بالإضافة إلى المصادر الأخرى المتمثلة بالكميات المتفق عليها مع الجانب المصري والكميات المتعاقد عليها مع شركة شيفرون والإنتاج المحلي من الغاز، والذي نعمل -حاليًا- على تطويره سعيًا لزيادة الإنتاج، ونأمل أن يتمّ في القريب العاجل زيادة الكميات المُنتجة من حقل الريشة الغازي لتغطي مزيدًا من احتياجاتنا من هذا المصدر.
حقيقة، وعلى الرغم من أن لدينا عقودًا، فإن الاحتياجات في تزايد مستمر نتيجة لنمو الأحمال الكهربائية، الى جانب دخول الغاز إلى الصناعات المحلية ونشاطات أخرى أيضًا.
ما الجهود المبذولة لتطوير شبكات الكهرباء لاستيعاب القدرات المتجددة الجديدة؟
يجري دائمًا وباستمرار تطوير الخطط الشاملة لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية، وأيضًا إستراتيجيات وخطط عمل شركات توزيع الكهرباء، لتكون قادرة على استيعاب المشروعات المتفق عليها في مجال الطاقة المتجددة.
ونحن -كما أسلفت- نأخذ بالحسبان تطوير قطاع الطاقة المتجددة جنبًا إلى جنب مع الطاقة التقليدية، سواء بهدف تغطية الطلب الإضافي على الطاقة الكهربائية، أو ربط مصادر جديدة من الطاقة المتجددة على الشبكة الكهربائية، كما أن تطوير الشبكات لدينا مستمر، ونعمل على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من قبل المستهلكين باستمرار وباعتمادية عالية.
أعلنتم قبل مدة قريبة أنكم بصدد بناء سفينة إعادة تغويز .. هل سيكون ذلك بالشراكة مع مصر؟
اليوم لدينا سفينة مُستأجرة عليها وحدة تخزين ووحدة إعادة تغويز، ونحن بصدد استبدال هذه السفينة بحيث تصبح وحدة التغويز وحدة ثابتة موجودة على الشاطئ، وبالوقت ذاته نقوم بتهيئة الميناء لهذا الغرض، واستئجار سفينة للتخزين فقط، وهذا بهدف زيادة الاعتمادية لتزويد المملكة بالغاز، وهو مشروع مهم للمملكة الأردنية الهاشمية.
إن مستوى التعاون مع الأشقاء في مصر دائم في المجالات كافة، وفي المشروعات المشتركة، ولكن مشروع إنشاء وحدة التغويز مموّل من خلال قرض من إحدى الجهات التمويلية لصالح الحكومة الأردنية.
هل مصادر الغاز الأردني -حاليًا- فقط من مصر وإسرائيل، إلى جانب حقل الريشة؟ أم أن هناك مصادر أخرى؟
لدينا 4 مصادر للغاز تتمثل بالكميات المتعاقد عليها مع الجانب المصري، وتأتي عبر الأنابيب وكميات مصدرها من شركة شيفرون أيضًا، والغاز الطبيعي المسال من باخرة الغاز الطبيعي المسال العائمة في خليج العقبة، التي تغطي جزءًا من احتياجاتنا، أضف الى ذلك كميات الغاز المحلية المنتجة من حقل الريشة الغازي، وهذه الأخيرة ما تزال محدودة، ولكننا نعمل على تطويرها حاليًا، ونتطلع لزيادتها في المستقبل القريب.
هل نرى قريبًا اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بأحد مشروعات الهيدروجين الأخضر؟
نأمل ذلك، لقد وقّعنا اتفاقية إطارية مع إحدى الشركات العالمية، بالإضافة إلى 13 مذكرة تفاهم أخرى في مجال الهيدروجين، وهذه الشركات جادة في مساعيها، وتسير بخطى واضحة في مشروعاتها، وأجرت دراسات مبدئية بهذا الخصوص، لكن قرار الاستثمار يتطلب وقتًا، وذلك لأن الدراسات المتخصصة بهذه المشروعات تتطلب وقتًا طويلًا.
واليوم نقوم بدراسات جدوى مبدئية، ولكن بعد ذلك لا بد من عمل دراسات تفصيلية تأخذ في الحسبان النواحي كافةً، سواء من جهة مشروعات الطاقة المتجددة التي ستُنتَج، إذ لا بد من معرفة كمية الطاقة المنتجة منها وفقًا لسرعات الرياح وشدة الإشعاع الشمسي وغيرها في المواقع التي وقع عليها الاختيار، أو من ناحية التخطيط لكيفية نقل هذه الطاقة المتجددة إلى مصانع الهيدروجين، ومن ثم مرحلة تحويل الهيدروجين المُنتج إلى أمونيا، إن كان هذا هو المنتج النهائي للمشروع، تمهيدًا لتصديره.
هذه السلسلة والشبكة متصلة، ونحن من طرفنا تعاقدنا مع أحد المستشارين الذي يقوم حاليًا بدراسة تهيئة بنية تحتية مشتركة لعدد من عناصر هذه المشروعات لتحفيف التكلفة على المستثمرين.
إن إيجاد بنية تحتية مشتركة لهذه المشروعات سيقلل من التكلفة، ويسرّع ويسهّل عملية التنفيذ، وفي الوقت نفسه وبشكل موازٍ لهذا راجعنا التشريعات والقوانين والأنظمة المعمول بها حاليًا لمعرفة مدى حاجتها للتطوير، لتكون قادرة على تلبية متطلبات مشروعات الهيدروجين الأخضر في الأردن.
ما أحدث المستجدات في مشروعات الربط الكهربائي؟
نسعى دومًا للتعاون مع الأشقاء في دول الجوار لتعزيز مشروعات الربط الكهربائي، وبالنسبة لمشروع الربط الأردني المصري القائم حاليًا بقدرة 550 ميغاواط، يُعدّ هذا المشروع من أنجح المشروعات، ليس فقط بين البلدين، ولكن في المنطقة بأكملها، ونعمل حاليًا مع الجانب المصري من أجل إجراء الدراسات اللازمة لتعزيز هذا الرابط، وزيادة القدرة لتصل إلى 2 غيغاواط.
أمّا عن الربط الكهربائي مع الجانب الفلسطيني من خلال إنشاء محطة تحويل الرامة في عام 2022، فقد تمّت توسعة قدرة التصدير لتصبح 80 ميغاواط، ونعمل مع الأشقاء هناك لرفع هذه القدرة أيضًا.
وبخصوص مشروع الربط الكهربائي مع الجانب العراقي، فقد أنجزنا المرحلة الأولى منه لتزويد الأشقاء في العراق بالكهرباء بقدرة 40 ميغاواط وعلى جهد 132 كيلو فولت ما بين منطقتي الريشة والرطبة، ومع منتصف العام المقبل ستُنجَز المرحلة الثانية من المشروع، وعلى جهد 400 كيلو فولت ما بين منطقتي الريشة والقائم في الجانب العراقي، وسيمكّننا هذا المشروع من تصدير ما بين 150 و200 ميغاواط للجانب العراقي.
من جهة أخرى، نعمل مع إخواننا في المملكة العربية السعودية على إكمال الاتفاقيات المتعلقة بالربط الكهربائي، حتى نتمكن من المباشرة في تنفيذ المشروعات المشتركة معهم.
أمّا مشروع الربط الكهربائي مع سوريا، فهو موجود منذ عام 2001، لكنه خارج الخدمة منذ عام 2012، نظرًا للظروف الراهنة، وحاولنا منذ عام 2022 توقيع اتفاقيات لتصدير الكهرباء إلى الشقيقة لبنان واتفاقية مع الجانب السوري لتمرير الكهرباء إلى الجانب اللبناني، ولكن الظروف حالت دون التنفيذ، نظرًا للظروف السياسية المعقّدة في المنطقة، التي حالت دول نقل الكهرباء إلى سوريا ولبنان.
رغم نجاح تجربة الطاقة المتجددة في الأردن، فإنها ما تزال تواجه تحديات .. ما أبرزها؟
لا شك أن هناك تحديات، فعلى الرغم من أن التجربة تعدّ قصة نجاح كبيرة، تمثّلت بالانتقال من أقل من 1% من استهلاكنا من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في عام 2014، حتى تجاوزنا الآن نسبة 26%، ولم تكن هذه الرحلة سهلة فقد واجهنا خلال هذه المدة تحديات و دروس عديدة مستفادة، وبدأنا بدورنا اتخاذ العديد من الإجراءات للتغلب على هذه الصعوبات، سواء الفنية منها أو المالية.
وكان أحد أهم الإجراءات التي اتخذناها لمواجهة هذه التحديات أننا بدأنا تدريجيًا بتطبيق التعرفة الكهربائية المرتبطة بالزمن بدءًا من منتصف العام الحالي، وسننتهي منها مع بداية عام 2026، حتى نتمكن من حل جزء من المشكلات الفنية المرتبطة بالطاقة المتجددة وتحسين إدارة الطلب على الطاقة وضمان تحسين كفاءة الأنظمة الكهربائية.
بالإضافة إلى ذلك، أكملنا مؤخرًا الدراسات التفصيلية لإنشاء أول محطة لتخزين الطاقة الكهربائية باستعمال مياه السدود بقدرة 450 ميغاواط، وسعة تخزينية تمتد حتى 7 ساعات يوميًا، وباشرنا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع، ونأمل أن يدخل الخدمة بحلول العام 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق