القس أندريه زكي في مؤتمر الإنجيلية يجيب كيف يساهم الخطاب الديني في بناء الإنسان.. نظمت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية مؤتمرًا بعنوان “الإنسان في الدولة الوطنية الحديثة”، بمشاركة مجموعة من القيادات الدينية والشخصيات العامة والمفكرين، وذلك في إطار جهودها لتعزيز الحوار والتعايش المشترك وبناء الإنسان المصري.
كلمة القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية
السيدات والسادة الحضور،
أود أن أبدأ بالترحيب بفضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، معالي وزير الأوقاف، الذي يشرفنا حضوره اليوم كصديق عزيز. فهو يتمتع بفكر مستنير وعلم واسع، ويولي اهتمامًا كبيرًا في كتاباته وآرائه بقيم التعددية والعيش المشترك وقبول الآخر.
كما أرحب بكم جميعًا، متمنيًا أن يكون مؤتمرنا مثمرًا وغنيًا بالنقاشات والأفكار المبتكرة.
**أهمية تنمية الإنسان ورأس المال البشري**
يتناول هذا المؤتمر موضوعًا بالغ الأهمية، وهو تنمية الإنسان. فكل الجهود التنموية والمساعي المختلفة يجب أن تنطلق أولاً من مفهوم بناء الإنسان، حيث تكون التنمية وبناء الحضارة من خلال الإنسان نفسه، الذي يقوم بالتفكير والإبداع والبناء. إن الهدف من ذلك هو تحقيق الخير والرفاهية والمصلحة للإنسان، سواء كفرد أو كجزء من جماعة.
هذا الاهتمام بالإنسان يمتد إلى جميع المجالات وعبر العصور. على سبيل المثال، فإن تركيز النظرية الاقتصادية على مفهوم رأس المال البشري هو اهتمام قديم يرتبط بجوهر علم الاقتصاد. ومن أبرز الكتابات التي تناولت هذا الموضوع هي كتابات آدم سميث، التي أكدت على أهمية العمل البشري كعنصر أساسي في تحقيق ثروة الأمم.
تتضمن عملية بناء الإنسان مجموعة من الخصائص والمراحل المتعددة. تبدأ هذه العملية بإعداد الفرد وتأهيله كعنصر أساسي في المجتمع، حيث يجب أن تشمل هذه الإعدادات مسارات ثقافية واجتماعية وصحية. إنها عملية اجتماعية منظمة ومتتابعة، تتعاون فيها جميع فئات المجتمع ومؤسساته. ومن خلال هذا البناء والإعداد، يمكننا أن نخلق أجيالاً تتمتع بالوعي والإدراك والمعرفة والإبداع، وهذه العناصر هي التي تشكل شخصية الإنسان.
تتميز عملية بناء الإنسان بأنها عملية معقدة تتداخل فيها عدة جوانب، تشمل الجانب النفسي والجسدي والثقافي والسلوكي. كما أنها عملية تراكمية تعتمد على خطة منظمة ومنسقة، وتحقق نتائجها بناءً على قدرة الفرد على التفاعل مع هذه العملية. تعتبر هذه العملية ضرورية، حيث تهدف إلى بناء الأجيال القادمة من أجل مصلحة المجتمع، وهي أساسية لنهضة أي مجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فإنها عملية ديناميكية، إذ أن التغيير هو سمة من سمات الوجود، وتختلف وفقًا لخصائص الشخصية الأساسية لكل مجتمع وظروفه المتغيرة. كما أن مسؤولية هذه العملية متعددة، فهي لا تقع على عاتق الدولة وحدها، بل تشمل أيضًا مؤسسات الدولة والمجتمع والفرد نفسه.
**دور المؤسسة الدينية والخطاب الديني في تشكيل الإنسان**
واشار القس أندريه زكي تُعتبر المؤسسة الدينية من أبرز الجهات التي تساهم في عملية تشكيل الإنسان. حيث يلعب الخطاب الديني دورًا محوريًا ويترك أثرًا عميقًا على شخصية الفرد وتطوره. فالدين يُعتبر عنصرًا أساسيًا في حياة الناس، ويساهم في تشكيل التفاعلات الاجتماعية اليومية. كما أن الخطاب الديني يُعتبر المحرك الرئيسي وراء جميع التفاعلات اليومية في المجتمع.
وبناءً على هذه الأهمية، يتضح أن أي جهد يهدف إلى تشكيل شخصية الإنسان يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التأثير العميق الذي يمارسه الخطاب الديني في هذا السياق.
1. القس أندريه زكي عن تعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية
يجب التركيز على القيم التي تدعو إلى الاحترام، التسامح، الرحمة، والعدالة، حيث تُعتبر هذه القيم أساسًا للتعايش السلمي. كما أن الاهتمام بالتفسيرات المتعددة للنصوص يسهم في تعزيز التسامح وقبول الآراء المختلفة، ويعمل على إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنوعة وتعزيزها، مع التعامل باحترام مع مساحات الاختلاف. لذا، يمكن أن يكون الخطاب الديني – بل ينبغي أن يكون – جسرًا يربط بين أفراد المجتمع من خلال الالتزام بالقيم الإنسانية الرفيعة التي دعت إليها الأديان، وتعزيز الحوار البناء بين أتباع الأديان، مما يسهم في خلق حالة من السلام والتماسك الاجتماعي.
2. القس أندريه زكي عن تعزيز التفكير النقدي
يجب تشجيع الأفراد على التفاعل مع النصوص الدينية من خلال قراءتها بفهم وتحليل، مع ربطها بسياقها التاريخي وإعادتها إلى عصرنا الحالي. هذا سيمكنهم من قراءتها في ضوء التحديات والاحتياجات المعاصرة. ومن ثم، سيتشكل خطاب ديني يتماشى مع التحديات المجتمعية ومتطلبات البشر المتنوعة.
3. تعزيز لغة الحوار
لكي يدعم الخطاب الديني الأرضية المشتركة ويحترم فضاء الاختلاف ، يجب أن يقوم هذا على دمج لغة الحوار والتأكيد عليها. الحوار هنا ليس حوارا لاهوتيا عقائديا ، لكن المؤسسة الدينية (المسجد والكنيسة) ليست جزيرة معزولة عن المجتمع ، بل جزء منها لا يمكن فصله عنه. وسيلعب الحوار والتعاون بين المؤسسات الدينية دورا رئيسيا في تحقيق السلام في المجتمع ، شريطة أن تكون ثمار هذا الحوار واضحة للرجل في الشارع.
4. تعزيز الشعور بالانتماء إلى الوطن الأم والمسؤولية الاجتماعية
التأكيد على أهمية الحفاظ على سلامة الوطن وقواعد الوئام والمحبة والوئام بين أفراد المجتمع ، من خلال احترام التنوع الثقافي والديني وتشجيع الناس على الإخلاص في عملهم وبذل قصارى جهدهم من أجل مصالح ومصالح المجتمع.
5. ربط السلوك البشري بالعقيدة
و افاد القس أندريه زكي الغرض من الخطاب الديني ليس حفظ النصوص الدينية أو تكوين أشخاص لديهم معلومات دينية فقط ، ويقومون فقط بالطقوس، فهذه كلها أشياء مهمة. لكن الخطابات الدينية يجب أن تحفز الإنسان على تفعيل قوة هذه الممارسات والنصوص الدينية في حياته اليومية-الصدق في العمل والمجتمع ، والاهتمام بالبيئة كعامل بشري ، ومسؤول عنها أمام الله.
وأخيرا ، اعلن القس أندريه زكي أود أن أؤكد أن الخطاب الديني يمكن أن يقدم مساهمة فعالة وحقيقية في بناء الإنسان ، وهي مهمة مقدسة نتكاتف جميعا لتحقيقها ، حتى نتمكن من تحقيقها من أجل الرفاه والتقدم ونوعية الحياة التي تليق ببلدنا وكرامته الإنسانية.
0 تعليق