يواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا انتكاسات كبيرة، وباتت القارة العجوز بعيدة كل البعد عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف عام 2030.

فقد حدّد الاتحاد الأوروبي هدفًا طموحًا لاستهلاك 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، إلى جانب تركيب 100 غيغاواط من سعة التحليل الكهربائي لدعم الانتقال إلى مصادر نظيفة.

ومع ذلك، حذّر تقرير حديث، حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، من أن مستقبل إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا على المحك، إذ بلغ إجمالي استهلاك الهيدروجين عام 2023 قرابة 7.2 مليون طن فقط، وأغلب الإنتاج تقريبًا مشتق من الوقود الأحفوري (99.7%).

وسلّط التقرير الضوء على أبرز التحديات التي تواجه القطاع، والتي تتمثل فيما يلي:

• تفاوت التكلفة بين الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الرمادي في الاتحاد الأوروبي.
• الافتقار إلى التوافق بين الإستراتيجيات الشاملة والأهداف الفردية التي حددتها الدول الأعضاء.
• الشكوك إزاء الطلب المستقبلي على الهيدروجين.

والهيدروجين الرمادي يُنتَج من الغاز الطبيعي أو الميثان عن طريق إعادة تشكيل الميثان بالبخار دون احتجاز الكربون وتخزينه، في حين يُنتَج الهيدروجين الأخضر بالتحليل الكهربائي المعتمد على الطاقة المتجددة.

الوضع الحالي لقطاع الهيدروجين الأخضر في أوروبا

خلال عام 2023، بلغ إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا عبر المحلل الكهربائي 22 ألف طن فقط، وهو رقم ضئيل في سياق الأهداف الطموحة للقارة.

ومن حيث البنية التحتية، يبلغ إجمالي القدرة المركبة للمحللات الكهربائية في أوروبا 216 ميغاواط، مع وجود 1.8 غيغاواط أخرى قيد الإنشاء، قد تدخل الخدمة بحلول عام 2026، بحسب تقرير حديث صادر عن وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة (ACER).

وتشير الوكالة إلى أن 60 غيغاواط من قدرة أجهزة المحلل الكهربائي المحتملة، التي من المقرر أن تصبح جاهزة للعمل بحلول عام 2030، ما تزال تنتظر قرار الاستثمار النهائي.

وهذه التأخيرات تُسبّب حالة من عدم اليقين بشأن إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا والطلب عليه؛ ما يهدد تطوير هذه المشروعات.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- القدرة الإنتاجية للهيدروجين الأخضر عالميًا بين عامي 2013 و2023:

تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا

تواجه سوق الهيدروجين الأخضر في أوروبا العديد من المعوقات التي يجب التغلب عليها لتعزيز الإنتاج والبنية التحتية وتلبية أهداف 2030 و2050.

ومن أبرز التحديات:

1. التباين الواضح بإستراتيجيات إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا، حيث تطور كل دولة على حدة مسارها الخاص، ما أدى إلى تقدّم غير متّسق عبر الدول.
2. ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر، التي تظل أعلى بنحو 3-4 مرات مقارنة بالهيدروجين الرمادي، ما يُسبّب مخاطر أمام المستثمرين، وقد يؤثّر في القدرة التنافسية لبعض الصناعات، مثل الصلب.

ويؤدي هذا التفاوت في الأسعار إلى تأخير اتخاذ قرارات الاستثمار والتردد في تقديم التزامات طويلة الأجل دون دعم حكومي ضخم.

وتُقدَّر تكلفة إنتاج الهيدروجين عبر المحلل الكهربائي باستعمال كهرباء الشبكة بنحو 6 يوروهات (6.31 دولارًا) لكل كيلوغرام حتى سبتمبر/أيلول (2024)، وهي أعلى من تكاليف إنتاجه عن طريق إعادة تشكيل الميثان بالبخار، التي لا تتجاوز 3 يوروهات (3.15 دولارًا) للكيلوغرام، بحسب وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة.

*(اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).

وترتفع التكلفة إلى 8 يوروهات (8.4 دولارًا) للكيلوغرام إذا كان الهيدروجين المنتج يفي بتعريف الاتحاد الأوروبي لـ"الوقود النظيف من مصادر غير بيولوجية"، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

تحذير من تطوير بنية تحتية ضخمة للهيدروجين

تطرّق تقرير وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة إلى المخاطر الناجمة عن تطوير بنية تحتية ضخمة للهيدروجين.

وحذّر من أن مشروعات تطوير خطوط أنابيب الهيدروجين ومرافق التخزين الحالية تواجه تحديات بسبب الاعتماد المفرط على توقعات الطلب المستقبلية بدلًا من السوق الفعلية، وقد يؤدي ذلك إلى بنية تحتية ضخمة غير مستغلة بالكامل.

وأشار التقرير إلى أن الاستفادة من خطوط أنابيب الغاز الحالية لنقل الهيدروجين قد توفر في التكاليف، لكن حجم هذه الوفورات ما يزال غير واضح.

علاوة على ذلك، يتعيّن النظر في تداعيات إعادة استعمال البنية التحتية للغاز على أمن إمدادات الوقود لتجنّب المساس بأمن الطاقة في المنطقة.

ويؤكّد التقرير أن تحقيق هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في إنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 يتطلب قرابة ثلاثة أرباع الإنتاج الحالي من الكهرباء المتجددة داخل الاتحاد الأوروبي.

ويستلزم ذلك استثمارات ضخمة في تطوير خطوط نقل الكهرباء لربط أجهزة المحلل الكهربائي بمصادر الطاقة المتجددة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1. توقعات فشل أوروبا في تحقيق أهداف الهيدروجين لعام 2030 من وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة (ACER)
2. رسم الطاقة الإنتاجية للهيدروجين الأخضر من وحدة أبحاث الطاقة.